تناولنا في الجزء الأول من هذا التحقيق واقع الإشراف التربوي في مدارس البنين وماهي أهم المشكلات التي طغت على ملف الإشراف، وفي هذا الجزء نستكمل التعرف على واقع الإشراف التربوي للبنات، ولكن هل تتفق وتتشابه مشكلات المعلمات مع المعلمين لإدانة المشرفين التربويين؟ وهل تمارس مكاتب الإشراف للبنات نفس المهام عند البنين في هذا الملف الذي تقدمه «الرياض» سوف تقف بصدق على ما تم رصده من تباين أراء واختلافات ومشاكل المعلمات مع المشرفات، فالمعلمات أجمعن على أنّ أبرز معاناتهن مع مكاتب الإشراف والمشرفات تتلخص باتساع الفجوة بينهن وبين مكاتب الإشراف، والتي تكون الوسيط بينهن وبين الوزارة. أعمال المعلمة بدايةً قالت المعلمة «حصة عبدالله»: «إنّ إلزام المعلمة بشرح وافٍ ومتقن للمناهج المطورة، مع عدم وجود دورات للمعلمات لكيفية الشرح والتفاعل مع المناهج، عملية معقدة على المعلمة فما بالك بالطالبة، وعندما يكون بين المعلمة والمديرة مشكلة فإنّ مكتب الإشراف ينضم إلى صف المديرة ولا يكون هناك إنصاف، وأيضاً تقييم المعلمة يكون عن طريق أداء الطالبة فإن أخفقت الطالبة فذلك يعني أنّ المعلمة لا تستطيع إيصال المعلومة ولا يؤخذ بالاعتبار إهمال الطالبة أو عدم متابعة الأهل وهذا طبعا من الظلم»، مشيرةً إلى أنّ المعلمة تلزم بالتحضير وكتابة الأهداف والمحتوى، وهذا يعتبر زيادة عبء على المعلمة بدون أن يلتفت لها من قبل المديرة أو المشرفة، وإلزام المعلمات بالدخول على المواقع ومطالبتها بالأنشطة الكثيرة والنصاب الوافر من الحصص الدراسية التي قد تتجاوز 24 حصة. معلمات يرفضن التجديد والتطوير للاستراتجيات الحديثة للعملية التعليمة الواسطة في كل شيء وأضافت: وفوق هذا مطلوب من المعلمة ملف إنجاز، في حين أنّ الحصة الدراسية لا تكفي للشرح فكيف سيكون هناك أنشطة وفعاليات وإنجاز، وهذا غير المطالبة بوسيلة تعليمية في الحصة وتختم حديثها بالشكوى المشتركة بين المعلمات، مضيفةً على ذلك الواسطة التي لا تكاد تخلو منها إدارة تعليمية أو مركز إشراف، مما يخلق جواً من الكراهية بين المعلمات أنفسهن، فالواسطة موجودة في كلِّ مكان، لكنها تزيد في قطاع التعليم، فلتكون مديراً أو وكيلاً تحتاج إلى واسطة - ولتصل إلى الإشراف تحتاج واسطة، ولتحصل على النقل الداخلي تحتاج إلى واسطة- آلية الإجازات الاضطرارية والمرضيّة، تحتاج لإعادة نظر، وصلاحيات مديرات المدارس والتي يقصد منها التصادم بين المعلّمة والمديرة. هدى: من الظلم إجبار المعلمات على التكميل في المدارس البعيدة مزاجية المديرة والمشرفة وأشارت إلى عدم وجود آلية محدّدة لتقييم الأداء الوظيفي فهي تعتمد على مزاجية المديرة والمشرفة ولا تطّلع المعلّمة على تقييمها النهائي الذي يرفع لإدارة التعليم، وكذلك التعامل السيء الذي تواجه به المعلّمة وخاصةً في إدارات التعليم ومراكز الإشراف من المشرفات، وعدم التقيّد بالآلية المحدّدة للنقل فقد يتم نقل معلّمة بدون رغبتها وترك معلّمة تقدمت لحركة النقل في كلّ عام (النقل الداخلي)، وعدم المصداقية في حركة النقل الخارجي، مضيفةً: فأنا مثلاً أتقدم بالنقل هذا العام فيظهر أنني مسبوقة ب10 فمن المفروض أن أحتفظ بترتيبي، لكن تتفاجائين في العام القادم أنك مسبوقة ب 50، هذه بعض المعاناة التي لمستها من خلال عملي والتي وجدتها في خمس مدارس تنقلت بينها خلال أقلّ من عشر سنوات. حصة: «الواسطة» هي مقياس التعيين مديرة أو وكيله أو حتى مشرفة! التطوير والمعلومات وتوجهت «فاطمة عيد» بسؤال للمختصين في مادة العلوم عن الهدف من بعض المعلومات، وأنها لا تفهم بعض محتوى المنهج، فالمعلمة تحتاج إلى المحاضرات وورش العمل والإعداد الجيد الذي يخدم التطوير، إلاّ أنّ التطوير جاء بخسارة مادية كبيرة في تجديد شكل الكتب دون توفير الأدوات والوسائل اللازمة لهذا التطوير فهي غير متوفر في المدارس، كما أنّ عدد الطالبات يصل إلى 40 طالبة في الفصل الواحد فكيف من الممكن استيعاب جميع هؤلاء الطالبات؟، كذلك تبرز مشكلة عدم وجود المختبرات غير الجيدة والذي صعب من عملية التعليم. أميره: المشرفة بحاجة لصلاحيات وحوافز تسهم في تميزها إيصال المعلومة وأضافت ولذلك كان لا بد من تطبيق فكرة المناهج المتطورة ليس على النابغة من الطلاب في مدرسة أو مدرستين ويقاس عليها، بل كان لا بد من تطبيقها بشكل عشوائي للوقوف على النتائج الدقيقة بما يتناسب مع مختلف القدرات الذهنية للطلاب، ثم الوقوف على توفير أهم الوسائل التي تساعد المعلم على إيصال المعلومة والاجتماع بأولياء الأمور لمعرفة ملاحظاتهم ثم معرفة رأي الطالب، فهذه المناهج طبقت في بعض الدول المتقدمة التي لم يتجاوز عدد الطلاب فيها 16 طالباً مع توفر جميع الإمكانات؛ ولذلك نجح برنامج التطوير ولن يحدث ذلك لدينا حتى تقنن المناهج التعليمية وفق الواقع المتاح والموجود في واقع مدارسنا. القحطاني: تطوير خطط الإشراف التربوي غير واضحة حتى الآن! مخالفات التكميل ورأت المعلمة «هدى مسفر» أنّ من المخالفات التي (تقهر) وفيها من الظلم والجور والحمق إجبار المعلمات على التكميل في المدارس البعيدة عن مدارسهم والتي ليس فيها عجز، فتجبر مديرة مكتب الإشراف مديرة إحدى المدارس بترشيح إحدى المعلمات في تخصص ما للتكميل في مدرسة بعيدة عن مدرستها، مع العلم أنّ المدرسة المكملة لا يوجد بها عجز معلمين وهذا فيه مخالفة للتعميم الوزاري رقم 31114635 بتاريخ 22/12/1431ه (المتضمن الآلية المنظمة لتسديد العجز من المعلمين بالمدارس أثناء العام الدراسي) مشكلات المشرفات وحول مشكلات المشرفات التربويات مع مكاتب الإشراف، أشارت الأستاذة «أميرة مبارك» –مشرفة تربوية– إلى أهم مطالب العاملين في ميدان الإشراف التربوي، ومن أبرزها المطالبة برفع الكفاءة الإشرافية للمشرف والمشرفة من خلال إخضاعهما لبرامج تأهيلية قبل ممارسة العمل الإشرافي، إضافة إلى أهمية التنسيق مع الجامعات لإنشاء برامج لإعداد المشرفين والمشرفات إعدادا أكاديمياً، مؤكدةً على أنّ المشرف والمشرفة بحاجة إلى منح صلاحيات وحوافز تسهم في تميزه، ومن أهمها تفريغه للعمل الإشرافي، وعدم تكليفه بأعمال الإدارات الأخرى بطريقة تستنزف قدراته، وتقلل من عطائه، وأيضاً مساواته بالمعلم في الإجازات، وإعادة النظر في توصيف مهام المشرف التربوي وبدقة بعد منح الصلاحيات لمديري ومديرات المدارس، مع توضيح العلاقة المهنية بين مدير المدرسة والمشرفة التربوية، لافتةً إلى أنهما بحاجة إلى أن يشعروا بالأمن الوظيفي من خلال تثقيف المجتمع التربوي والمجتمع الخارجي بطبيعة عمل المشرف، كما نرى ضرورة أن نتحرر من فكرة أنّ المشرف التربوي هو كبش الفداء، وأن نرقى جميعاً وننهض بالعملية التربوية دون أن يكون بيننا كبش للفداء. المستوى المهني والتربوي وفي هذا السياق تحدثت الأستاذة «آمال فيصل السحلي» -مشرفة قسم علم النفس والاجتماع بإدارة الإشراف التربوي بتبوك- قائلةً: «هموم العاملين بهذا الميدان كثيرة ومع هذا نعمل جاهدين لرفع المستوى المهني والتربوي للمعلمة والطالبة على حد سواء، بالرغم من وجود بعض المعلمات اللاتي يرفضن التجديد والتطوير للاستراتجيات الحديثة للعملية التعليمة، ولعل أكثر ما نطمح له حالياً هو وجود آلية لتحديد مهام المشرفة التربوية (الفنية) بدقة لأنها تكلف بأكثر من عمل في وقت واحد، وهذا بلا شك قد ينعكس سلباً على أدائها الوظيفي». حفظ الحقوق وطالبت «أمل عبيد» - مشرفة تربوية - بوضع آلية محددة من قبل الوزارة لحفظ حقوق المشرفة التربوية وزيادة عدد البرامج التدريبية على أحدث البرامج الحاسوبية لمواكبة الجديد في مجال عملهن، مشيرة إلى أنهن مازلن مقيدات بالمسمى الوظيفي –معلمة–، وذلك في الكشوف والمعاملات لهذا نحن بحاجة إلى تصنيف واضح يثبت بأنها مشرفة وليست معلمة، مشيرة إلى وجود إجحاف حقيقي في تقييم الأداء الوظيفي فدرجة الأداء الممنوحة لها قد لا تتساوى مع كم الجهد الذي بذلته ودون النظر إلى أنها كلفت بأعمال أخرى قدمتها على أكمل وجه. أعمال المشرفة وأشارت مديرة الإشراف التربوي في منطقة الرياض الأستاذة «شادية القحطاني» إلى أنّ المشرفة التربوية تمد المعلمة بأساليب التدريس الحديثة التي تعينها على إيصال المعلومة لطالباتها، وهي بالتالي لابد أن تتقن عملية الشرح، فالمشرفة من واجبها الرفع من أداء مستوى المعلمة وتطوير قدراتها للوصول لجودة المحتوى، ولا يكون ذلك إلا بتكثيف الدورات والزيارات المتبادلة لتحقيق الأهداف المنشودة، كما أنّ المناهج جداً رائعة فهي ليست صعبة كما يصفها البعض منهن ولكن تحتاج لمن يتعلم ويفهم ويطبق ويطور نفسه، وحول شكوى المعلمات بوجود «الواسطة» أكدت على أنّ هذا الكلام لا أساس له من الصحة وعلى العكس هناك ولله الحمد علاقة جيدة بين المشرفة والمعلمة حيث إنّ كلاً منهن مكملة للأخرى. البنود والمعايير وأكدت على أنّ تقويم أداء المعلمة له بنود ومعايير تتسم بالموضوعية، وقد تم تزويد المعلمة وإدارة المدرسة بنسخة للتمشي بموجبها وشرح بنودها لهن، وحسب التعليمات الوزارية يحفظ نسخة من الأداء بملفها المدرسي للخمس السنوات الأخيرة وهي بذلك تستطيع الرجوع إليه والاطلاع عليه، مشيرةً إلى أنّ النقل يتم سنوياً بشكل آلي من قبل الجهات المعنية وفق ضوابط تعمم على الإدارات والمدارس قبل التقديم على النقل وإعلان الحركة العامة، ولعل من أهم بنودها سنة التقديم وكذلك النقاط المكتسبة، ولا صحة لما ذكر أنه لايتم التقيد بترتيب المتقدمات؛ إلا إذا طرأ تغيير ببعض النقاط المكتسبة للمعلمة ( الغياب - الأداء الوظيفي - رغبات النقل ). منح الصلاحيات وقالت «القحطاني»: «من المهم جداً منح المشرفة صلاحيات تمكنها من أداء عملها بيسر وسهولة، وعدم تكليفها بالأعمال الإدارية وإقامة الدورات التدريبية، والتي تؤثر على عطائهن وتقديم حوافز لهن مادية ومعنوية، وإلا ما هو الفرق بين عملها كمشرفة ومعلمة خاصة أن المهام المسندة لها كمشرفة تفوق مهام المعلمة، وبالنسبة لتوصيف المهام تم إعداد دليل توصيفي موضح به مهام المشرفة من قبل مساعدة الإشراف التربوي لعله بإذن الله يحقق الأهداف المرجوة منه، وبالنسبة للعلاقة بين مديرة المدرسة والمشرفة التربوية علاقة مترابطة وكل منهم يكمل الآخر»، مشددةً على أنّ توجهات الوزارة في تطوير خطط الإشراف التربوي لم تتضح حتى الآن بالشكل المطلوب، ويتم مناقشتها في اللقاءات المستمرة الخاصة بالإشراف التربوي ونقل المهام والاهتمامات للمشرفات التربوي، ويتم تحديث الخطط الإشرافية في مكاتب الإشراف التربوي وفقاً للمستجدات في الميدان التربوي والمشاريع الوزارية الجديدة. هم ورسالة وأوضحت مساعدة مديرة الإشراف التربوي بالخرج الأستاذة «شريفة القرني» بأنّ الواقع أنّ المشرفة التربوية تحمل هماً ورسالة تسعى من خلالها إلى بناء المعلمة المستجدة وتطوير مهارات المعلمات في الميدان التربوي، وكل ما يتعلق بالمستجدات في الميدان من المشاريع لابد للمشرفة أن تتشبع من المشروع أوالبرنامج المطلوب وبالتالي نقله ومتابعة تطبيقه كما هو المطلوب منها من الوزارة، ولكن دور المشرفة التربوية في مكاتب الإشراف من إيصال المعلومة بسرعة وطلب تطبيقها وتقييمها في وقت وجيز يجعلها في سباق دائم مع الزمن للإيفاء بكل ما هو مطلوب منها، مشيرةً إلى أنّ عدم اطلاع المعلمة أو إلمامها ومتابعة المشاريع أو قرارات الوزارة يجعلها تتذمر من التدريب أو عملية التطبيق في الصف وتشعر انه مستجد من قبل المشرفة، والواقع أن كل ما كانت المعلمة متابعة ومتواصلة كل ما كانت مهمة المشرفة في الميدان أسهل، متوقعةً أنّ قرار معالي الوزير حول إعادة تقييم المعلمات ومنحهن رخصة من الأسباب التي تدفع بالمعلمة إلى تحديث ما لديها دائماً. التحفيز وأضافت: وهموم المشرفة والمشرف التربوي لا تقتصر على العلاقة مع المعلمات أو آلية تطبيق المشاريع ولكن تصبح أبعد من ذلك عندما تفتقد إلى التحفيز فهناك لوائح لتكريم المتقاعدات وتكريم المعلمات وتكريم القيادات والمتفوقات ولكن لا توجد آلية خاصة ومستقلة لتكريم المشرفات التربويات مما يجعل المناطق والإدارات في الاجتهادات ولعل أبرز ما قمنا به في محافظة الخرج هو تشكيل لجنة لتوثيق عمل المشرفة وتكريم المنجز والعمل المتميز والرفع به للجهات المختصة بالوزارة وإعداد مركز خاص بذلك وأقل ذلك ما يمكن أن يقدم للمشرفة التربوية نظير جهودها. مركز وطني لتدريب وتأهيل المشرفات دعت «شريفه القرني» إلى توصيف وتحديد مهام المشرفة التربوية، فدليل العمل المعمول به في الميدان يحتاج إلى تطوير وفق المستجدات في الوزارة والميدان التربوي وفق الدليل التنظيمي المحدث من قبل الوزارة، وتبقى المطالبة بوجود مركز وطني للتدريب يُعنى بتأهيل المشرفات التربويات وبمدة مناسبة لأنّ ثلاثة أيام أو أسبوع لا تكفي أو إضافة برنامج دبلوم للإشراف التربوي في الجامعات، والحقيقة أنّ الوزارة لم تغفل هذا ولكن تحاول أن تعالج القصور السابق بتكثيف الدورات واللقاءات والمؤتمرات وتحديث التعاميم والتجديد في القيادات التربوية. الازدواجية في العمل..تشتت الجهود وتثير الإحباط! أشارت «أمل عبيد» إلى أنّ أكثر ما تعانيه المشرفة التربوية في الميدان التربوي هو الازدواجية في العمل، والتي من شأنها تشتيت الجهود وإثارة الإحباط، كما أنّ الميدان التربوي بحاجة للمزيد من الكوادر الوظيفة المؤهلة بالإضافة إلى أهمية تقديم الحوافز التشجيعية للمشرفين والمشرفات المتميزين في عملهم، متسائلة عن سبب عدم مساواتهم بالإجازات مع المعلمين والمعلمات باعتبار أنّ المشرفين التربويين والمشرفات التربويات بمثابة العاملين في حقل التدريس، مشيرةً إلى أنّ طبيعة أعمالهم لا تتطلب وجودهم أثناء العطلة، كما أنّ المشرفة بحاجة إلى فترة إجازة تمنح لها إذا عملت على إقامة دورات تدريبية؛ لكي تتمكن من الإعداد الجيد لهذه الدورات، مضيفة إلى أنهن يأملن في إعادة منحهن إجازة عشرة أيام اضطرارية بدلاً عن خمسة أيام.