} ربما يكون أحد أسباب نهاية رحلة هروب اسامة بن لادن التي استمرت عشر سنوات في اعقاب هجمات 11 سبتمبر/ ايلول ان مخبأه الضخم الذي اقام فيه افتقر لخدمات الهاتف والانترنت وهو امر غير معتاد من المرجح ان يثير فضول محققين. وطيلة عقد نجح إلى حد كبير اختياره المفترض لباكستان للاختباء في مواجهة اكبر عملية مطاردة في التاريخ. وتكهن خبراء بانه طلب الحماية من متشددين محليين في معاقل جبلية نائية ورد لهم حسن ضيافتهم بمساعدتهم في مسعاهم الدموي لزعزعة الحكم في باكستان. ونجحت هذه المساعي جزئيا لتفاديه وغيره من قادة القاعدة استخدام وسائل الاتصال الالكترونية التي ترصدها وكالات تجسس غربية لتعقب اهدافها. وتأوي باكستان وبصفة خاصة في الشمال الغربي المتاخم لافغانستان الذي لا يخضع لحكم القانون العديد من الجماعات الموالية للقاعدة يعتقد أنها راغبة بل قادرة على امداد ابن لادن ابرز المطلوبين على مستوى العالم بمن يحملون رسائله للاتصال باتباعه. وانهت القوات الامريكية مسعى ابن لادن الاختفاء الذي دام طويلا باقتحامها مخبأه حيث اردته قتيلا. ولم يتضح تحديدا العوامل التي كشفت غطاء ابن لادن نظرا لعدم توافر تفاصيل كثيرة عن الغارة على مخبأه بعد. وفجرت احدى الحقائق المتعلقة بمكان تواجده مفاجأة فبدلا من الاختباء في كهف في جبل ناء في هندو كوش اتضح ان زعيم القاعدة مختبئ في منطقة حضرية قرب العاصمة اسلام اباد. ولكن في هذه الحالة فان ما أسهم في تحديد مصيره محاولته على ما يبدو اخفاء اتصالاته وليس المكان الذي اختاره للاختباء. وتردد ان المجمع الحضري الضخم الذي اواه في بلدة ابوت اباد على بعد 60 كيلومترا شمالي اسلام اباد لم تكن به خدمات هاتف وانترنت وهو امر غير عادي بالنسبة لعقار بهذا الحجم رغم ان مراسل رويترز الذي زار المكان شاهد طبقا لاستقبال بث الاقمار الصناعية في المجمع. وقال هنري ويلكنسون من جنوسيان للاستشارات الامنية في لندن ان عدم وجود وسائل اتصال الكترونية كان مؤشرا لفت انتباه مخططي الغارة. وبعد 40 دقيقة من القتال كان ابن لادن واحدا من عدد من القتلى داخل المنزل. وقال مسؤولون امريكيون انهم توصلوا للمبنى الحصين المكون من ثلاثة طوابق بعد أكثر من اربعة اعوام من ملاحقتهم واحدا من حملة رسائل ابن لادن الذي يوليه ثقة كبيرة وقد كشف اسمه احد المقبوض عليهم عقب هجمات 11 سبتمبر. وقال خبراء في مكافحة الارهاب لسنوات ان قادة القاعدة يستعينون بحملة رسائل خشية رصد اماكنهم. ومنذ اواخر التسعينيات حين كشفت وسائل الاعلام الغربية لاول مرة ان وكالات مخابرات غربية تتنصت على المحادثات الهاتفية لابن لادن لجأ التنظيم المتواجد في اكثر من دولة لاستراتيجيات مختلفة لتأمين الاتصالات بما في ذلك حملة الرسائل. ولكن حينما تحيط الشكوك باحد حاملي الرسائل يمكن تعقبه بالاسلوب التقليدي ويجري تجميع المعلومات المستقاة مع غيرها من المعلومات لتكوين مجموعة من المعلومات المؤكدة يمكن ان تشير إلى هدف. وقال ريتشارد الدريتش المؤرخ في قيادة الاتصالات الحكومية البريطانية التي ترصد الاتصالات "من المفارقة ان تكون اجراءات القاعدة لتأمين الاتصالات السبب في الكشف عن مكانه. "إذا ثبت ان اجراءاتهم لمكافحة التجسس كانت نقطة ضعفهم فان هذا سيكون بمثابة دعابة جيدة جدا فيما يتعلق بالتجسس". وتكهن موقع انترنت هاجانا الذي يتعقب المتشددين الإسلاميين على شبكة الانترنت ان مطاردي ابن لادن دفعوه لتبني سلوك غير معتاد ليشي بنفسه. وكتب الموقع الذي يديره ارون ويسبارد "اميل للاعتقاد بان يكون ما شجعه على قرار الاستغناء عن هذه (الاجهزة) في المجمع بعدما اتضح له على مدار الاعوام ان وسائل الاتصالات الحديثة تخضع لرقابة كثيفة". وكما يضع الكشف عن اقامة ابن لادن في منطقة حضر ضغطا على مسؤولين باكستانيين ليشرحوا كيف غفلوا عنه. ويقول سكان ابوت اباد ان المجمع الذي اقام به ابن لادن قريب من اكاديمية تدريب عسكرية باكستانية. وقال مسؤول امريكي إنه لم يتم ابلاغ السلطات الباكستانية بتفاصيل الغارة الا بعد تنفيذها. وطالما شكا مسؤولون امريكيون من عدم بذل باكستان جهودا كافية لمحاربة القاعدة وطالبان واتهم بعضهم عاملين في المخابرات الباكستانية بانهم على صلة بمتشددين مناهضين للهند خصمتها اللدودة. وقال ايان بريمر رئيس مجموعة اوراسيا لاستشارات المخاطر السياسية "اقامة ابن لادن في مسكن ضخم خارج العاصمة اسلام اباد على بعد خمسة اميال من اكاديمية عسكرية باكستانية لا يبدو جيدا في حق الامن الباكستاني". وقال غراهام كاندي الضابط السابق في الجيش البريطاني وصاحب الخبرة الكبيرة في مكافحة الارهاب في جنوب اسيا ان المتشددين في المنطقة نجحوا في تفادي القاء القبض عليهم لاكثر من سبب ولكن نقص المعلومات المخابراتية محليا من اوجه الفشل الخطيرة. وتشمل الصعوبات الطبيعة الجبلية الوعرة للمنطقة الحدودية والقدرة على استئجار عقارات دون مستندات ورقية يمكن تتبعها ووجود مجتمع من المتشددين المتعاطفين والمهم الفجوات في المعلومات الواردة من مصادر محلية. قال "من السهل عدم العثور على الهارب في ظل هذه الظروف ولكن الشيء المهم ان الناس لا تتكلم".