رجحّ البنك السعودي الفرنسي أن تبلغ إيرادات السعودية النفطية لهذا العام 904.1 مليار ريال، ما سيُمكّنها من تسجيل فائض مالي قدره 61.7 مليار ريال، أو ما يعادل 3,1 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. وأكد البنك الفرنسي في مذكرة بحثية خص بها «الرياض» وأعدها تركي الحقيل المدير الأعلى للقسم الاقتصادي في البنك أن تحقيق السعودية لهذه الإيرادات سيكون في حال بلغ متوسط سعر النفط خلال هذا العام 92 دولارًا، ومتوسط سنوي لمعدّل الإنتاج النفطي يبلغ 8,8 ملايين برميل يومياً؛ أي بزيادة قدرها حوالي 8 في المئة من المتوسّط السنوي لمعدّل إنتاج الخامّ السعودي في عام 2010. وقال الحقيل في المذكرة البحثية «نظراً إلى تحسّن ظروف سوق الطاقة العالمية بالنسبة للمملكة، نتوقع أن تبلغ إيراداتها 904.1 مليارات ريال، ما سيُمكّنها من تسجيل فائض مالي قدره 61.7 مليار ريال، أو ما يعادل 3,1% من إجمالي ناتجها المحلي». وأضاف «صافي الأصول الخارجية للمملكة إلى شهر مارس سجّل ذروة جديدة بلغت 1.73 تريليون ريال، ما يعني أنّ الحكومة السعودية تستطيع تمويل البرامج الاجتماعية الداعمة لمواطنيها من دون أن تستدين، في المقابل سيؤدي الإنفاق العام الاستثنائي إلى خفض معدّل نمو صافي الأصول الخارجية للمملكة؛ لذا فنحن نتوقع أن يصل مستوى صافي الأصول الخارجية في أواخر العام الجاري إلى 465 مليار دولار فقط». ووفقاً للمدير الأعلى للقسم الاقتصادي في البنك السعودي الفرنسي، فإنه ورغم هذه الطفرة المتوقّعة في الإنفاق العام السعودي خلال العام الجاري، فإنه يبدو أن المملكة ستسجّل فائضاً مالياً معقولاً بفضل ارتفاع أسعار النّفط في الربع الأول، حيث ارتفع متوسط سعر الخام الأمريكي غرب تكساس إلى 103 دولارات للبرميل في شهر مارس بارتفاع قدره 16 في المئة من مستويات شهر ديسمبر 2010، بينما ارتفع متوسط سعر مزيج برينت إلى 114 دولاراً للبرميل في شهر مارس بارتفاع قدره 30 في المئة من مستويات ديسمبر 2010. وتابع الحقيل «خلال الربع الأول من هذا العام، ارتفع إنتاج النفط السعودي في شهر فبراير إلى 9.1 ملايين برميل إطار الجهود التي بذلتها المملكة، وهي أكبر مصدّر للنفط في العالم، لتعويض النقص في إنتاج أحد أعضاء منظمة أوبك «ليبيا» التي تعاني حالياً من عدم الاستقرار السياسي ولكن انخفض الإنتاج إلى 8.2 في شهر مارس لضعف الطلب الياباني على النفط (ثاني أكبر سوق لصادرات النفط السعودي) بسبب ما تعانيه من أزمة في المفاعلات النووية التي ألقت بظلالها على إنتاج الطاقة من خلال هذه الصناعة، كما أن المخزونات العالمية من الخام تعتبر مرتفعة جداً. واستشهد الحقيل بتصريحات وزير النفط السعودي الذي أكد أن معدل الإنتاج النفطي السعودي سيرتفع في الأشهر القليلة القادمة وذلك ناتج عن ارتفاع الطلب العالمي للنفط خاصة في أشهر فصل الصيف. وذكر الحقيل في مذكرته أنه ونتيجة لتزامن ارتفاع معدّل إنتاج النفط المتوقع في الأشهر القادمة، ومع هذه الزيادة الهائلة في الإنفاق العام، تعزّزت أيضاً فرص ارتفاع معدّل نمو الاقتصاد السعودي في العام الجاري، متوقعاً أن ينمو الناتج الإجمالي المحلي إلى 5,5 في المئة؛ حيث سيتأتى معظم النمو الإضافي عن الزيادة في معدّل إنتاج النفط. وشدد على أن النمو الذي تقوده الحكومة سيؤدي أيضاً إلى نمو القطاع غير النفطي؛ وهذا عامل رئيسي آخر ينبغي أن يؤخذ بعين الاعتبار، الأمر الذي سيساعد في نمو إجمالي الناتج المحلي للقطاع العام (الحكومي) السعودي في العام الجاري بمعدل 5,6 في المئة، ليسجل أكثر من 5 في المئة على مدى ثلاث سنوات متتالية. وقال الحقيل «عندما كشفت المملكة في ديسمبر الماضي عن أكبر ميزانية عامة في تاريخها، وهي ميزانية عام 2011، تمثّلت إحدى سماتها الرئيسية بمحاولة الحد من تجاوز الميزانيات المعلنة مع مواصلة توسيع الإنفاق العام، بهدف تلبية المتطلبات التنموية للبنية التحتية الضخمة للبلاد. ويبلغ حجم الميزانية العامة للعام الجاري 580 مليار ريال، ما يعني أنّ حجم الإنفاق العام نما بمعدل سنوي قدره 4,7 في المئة، وهو مِن أدنى معدّلات النمو السنوي للإنفاق العام السعودي في العقد الأخير، الذي ازداد خلاله حجم هذا الإنفاق بأكثر من 100 في المئة». لكن هذا السيناريو الترشيدي بحسب الحقيل انقلب مؤخراً رأساً على عقب، ففي الربع الأول من العام الجاري أعلن الملك عبدالله عن قرارات تضمنت إجراءات اجتماعية واقتصادية جديدة لدعم المواطنين، الأمر الذي أضاف طبقاً لتقديرات البنك السعودي الفرنسي 185 مليار ريال إلى الإنفاق العام خلال العام الجاري وحده. ولفت إلى ان القيمة الكلية لهذه القرارات تقدر بنحو 485 مليار ريال، حيث سيُنفَق هذا المبلغ على مدى بضع سنوات لأنه يشتمل على عشرات مليارات الريالات السعودية المخصصة لتمويل مشروعات سكنية جديدة، بالإضافة إلى دعم برامج التمويل العقاري وتوفير العديد من فرص العمل الجديدة ورفع الرواتب والأجور ومنح مكافآت مالية لموظفي القطاع العام، وتقديم معونة بطالة إلى المواطنين الباحثين عن عمل. وأضاف «نظراً إلى ضخامة هذا الإنفاق العام الإضافي، نتوقع أن يصل حجم الإنفاق العام السعودي في العام الجاري إلى 842.4 مليار ريال؛ حيث يمثّل هذا المستوى الجديد المتوقع تجاوزاً للميزانية العامة المعلنة للعام الجاري بنسبة 45 في المئة؛ وهذه أعلى نسبة من نوعها في ثلاثة عقود. وتابع الحقيل «بسبب السيولة الإضافية الضخمة التي ستضَخ في الاقتصاد السعودي، قد تزداد الضغوط التضخّمية، لا سيما في النصف الثاني من هذا العام، الأمر الذي قد يرفع معدل التضخم العام في المملكة إلى 5,6 في المئة، نتيجة منح المكافأة البالغة راتب شهرين إلى موظفي القطاع العام والعديد من العاملين في القطاع الخاص مع ارتفاع الأسعار العالمية للمواد الغذائية، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من إنفاق المواطنين».