أعلنت أسرة محمد البوعزيزي (الذي أشعل النار في نفسه ليفجر ثورة أطاحت بالرئيس التونسي) "الصفح" عن شرطية اتهمت ب"صفع" الشاب على وجهه، مما دفعه إلى قيامه بالخطوة التي ألهبت (بل وألهمت) الشارع التونسي. وبعد جلسة صاخبة شهدت حضوراً جماهيرياً كبيراً أصدرت المحكمة الابتدائية في مدينة "سيدى بوزيد" الثلاثاء، حكما يقضى بعدم سماع الدعوى في قضية "عون التراتيب" فادية حمدي المتهمة ب"الاعتداء" على البوعزيزى. والدة البوزعزيزي: يكفينا ما نتج من حرية ورحيل الطغاة وقد قوبل الإعلان عن حكم البراءة بترحاب وابتهاج كبيرين من قبل الجموع الغفيرة من المواطنين الذين تابعوا الجلسة داخل قاعة المحكمة وخارجها، والذين حيوا حسبما وصفته وكالة الأنباء الأنباء التونسية ب"شجاعة هيئة المحكمة، التي برهنت على استقلالية القضاء وقطعها مع العهد السابق". وفي بداية الجلسة، استمعت المحكمة إلى أقوال فادية حمدي، التي أنكرت التهمة الموجهة إليها ب"تعنيف" البوعزيزي، وبعد ذلك استمعت إلى أقوال عائلة البوعزيزي، الذين أعلنوا في خطوة مفاجئة، إسقاطهم لحقهم الشخصي، وقالت والدته: "لقد أوكلت أمري إلى الله، ويكفينا ما نتج من حرية ورحيل الطغاة." ولدى إحالة الكلمة إلى هيئة الدفاع عن الشرطية التونسية، افتتحت المرافعة بسمة ناصري، حيث تلت تقريراً مطولاً تعرضت في بدايته إلى مختلف وقائع القضية، التي انطلقت في 17 ديسمبر 2010، ولفتت إلى وجود العديد مما أسمتها "إخلالات شكلية" في القضية. أحد هذه الإخلالات (بحسب المحامية) عدم وجود متضرر أو سماعه، مشيرة إلى أنه لم يتم سماع أي أحد من عائلة المتضرر، في إشارة إلى البوعزيزي، "لا أثناء البحث ولا حتى من قبل قاضي التحقيق"، وأضافت أن "الباحث الابتدائي" اكتفى بذكر أنه "تعذر سماع المتضرر لوجوده بالمستشفى". كما أشارت إلى "إخلال شكلي" آخر، بحسب رأيها، يتمثل في أن "تعليمات النيابة العمومية كانت في البحث دون أي طلب آخر، ولا يوجد بملف القضية ما يفيد أنه قد صدرت تعليمات من النيابة كتابية أو هاتفية بالاحتفاظ بالمتهمة، وهو ما يجعل، حسب رأيها، أعمال الباحث الابتدائي باطلة".