امتداداً لمقالي "كن كما تريد أن تكون " المنشور بتاريخ 4/2/1432 ه والذي تمت الإشارة فيه إلى احتكام الكثير من تصرفاتنا إلى عادات وثقافة لا أساس لها من الحضارة أو العلم أو مخاطبة العقل البشري مما جعلنا مسيرين في كل الأمور على الصعيدين الشخصي والاجتماعي أود الإشارة في مقالي هذا إلى أبرز عواقب اهمالنا لذاتنا وتقديم رضا الآخرين على رضاها غالبا إن لم يكن دائما ألا وهي حالة عدم الرضا عن الذات . حينما نجد صعوبة في التصالح مع ذواتنا فإننا نعيش في حالة من عدم الرضا عن الذات والتي أعتقد برأيي بأنها أسوأ ما قد يمر على الإنسان والتي يظهر أثرها غالبا على النفس بشكل أو بآخر من الأمراض التي تجعلنا غير مدركين لمرادنا بشكل واضح . التفاعل الدائم مع المحيط الخارجي بكافة صوره يجعل كل التصرفات الناتجة عن ذلك التفاعل منعكسة داخليا فتجد نفسك تعيش بين المطرقة والسندان من ارضاء الذات أو ارضاء الآخرين فذلك يخلق تعقيدا في الداخل متضمنا تضادا رهيبا وصراعات ما بين الذات والآخرين مما يصعب على الإنسان في ظل التسارع الخارجي الرهيب أن يعيد ترتيب أوراقه الداخلية أو حتى الالتفات إليها ليجد نفسه دون وعي منه يعيش في حالة من عدم الرضا عن الذات , فالتفاعل المستمر والمتسارع مع المحيط الخارجي دون الإهتمام بالذات يجعل من التصالح الداخلي مع الذات أمرا في غاية الصعوبة منهكا وقبل ذلك كله يصعب تحديد المتضادات الداخلية المتراكمة . ومن المؤكد بأن الأغلب لديه صورة من إيحاء نفسه لذاته التي يحبها ينظر إليها عبر مرآته الداخلية والتي ما إن نصل إليها نكون قد حققنا أقصى درجات الرضا عن الذات , وبحسب ما تمليه اللحظة والمكان يتوجب علينا إطلاق تلك الصورة لتحكم الموقف وتضبط التفاعل بدلا من أن نجعلها حبيسة مرآة بداخلنا أو صورة رسمناها وما عدنا نذكر ملامحها في ظل تسارع التفاعل مع المحيط الخارجي وإرضاء الآخرين مع إهمالنا لذواتنا . فالتصالح مع الذات هو أمر ضروري , نظن دائما أننا نفهم ذواتنا بالقدر الذي يجعلنا نتوافق معها لكن الحقيقة ليست كذلك ،فلو نظرنا إلى تصرفاتنا بشكل أكثر تحليلا نجد بأن طريقة تعاملنا مع النفس والآخرين هي أو خيط يكشف حقيقة أننا لم نعش بتناغم وانسجام بين أنفسنا وتصرفاتنا مع ذواتنا ومع الآخرين ,اضافة إلى صعوبة اتخاذنا للقرارات التي يصنعها تفاعل الإنسان مع محيطه . فالذات والعالم الخارجي كل لا يتجزأ ,لكن وبالتأكيد الذات أولا .