استمع الآن لنشرة الصباح الباكر وعلى الريق مندوبنا الإذاعي الأستاذ حنجيصا.. وكان يرافقه على حين غرة منه رفيق الطفولة وأخوه في الحارة السيد جابر الشهير بين العيال بجعلص السابع.. وقد حمل كل منهما المصنف والحمودي في طريقهما إلى الحلقة بعد أن أديا صلاة الفجر جماعة بالمعمار.. هذا ولم تكد تطرق مسامع الأستاذ حنجيصا وصفيه.. وصفة طبق اليوم حتى أطبق كل منهما على زمارة رفيقه المذعور من هول المفاجأة.. فاستنجد أولهما ضد ثانيهما بابنته الكبرى التي كانت تبربق لهما من طرف اللحاف فاتحة الراديو على مصراعيه.. وقال مخاطباً اياها في جوع واستنفار.. وبلهجة كلثومية ذكرهما بها وببعض المداخل والمخارج فيها أبوالزيادين الأول مقرعاً بينهما وقائلاً لهما رفقاً بالقوارير: «ألاهبي «بصحنك» فاصبحينا ولا تبقى خمور الأندرينا» وسيبك من رجيم (1) طال حتى عييت به.. كما أنا عيينا وهاتي الفول مرشوشا بسمن ومعصورا به الليمون حينا وحطي جنبه الدقا - وقرنا رفيعا من فلافلنا.. ثخينا وشيئا من طحينتنا.. عليه فإن الفول يلحس بالطحينا وصوني من تميزك ما تبقى فما شغل «المنى»(2) منا.. وفينا وجيبي العيش مفروداً ولفنا - على أقراصه الطعمى.. سنينا ولو قمرته لغدا تميزا به الأوطان تفخر.. يا حسينا وان فردت يداك لنا فطيرا خبزناه على عجل.. وجينا فنظفنا الصحون بلا كلام وقمنا حامدين.. وشاكرينا أبعد الفول والمعصوب صبحا وأصناف المطبق تشتهينا نفك الريق بسكوتا وشايا وحتة جبنة.. لا.. لا دعينا دعينا.. فالكلام له كلام وهذا ليس شغل الا قد مينا لعمرك إننا ضعنا وجعنا وقد نشأ الولاد ممصرنينا كذلك فالبنات معصعصا كأقلام من الأبواص.. لينا فما خلى الأجانب في بلادي لنا.. لبطوننا.. لحما سمينا ولا الطبخ المسبك من قديم ولا الأكل المتبل.. والثمينا فأين اليوم قدر الست أمي وخالتنا رقيا.. أو أمينا؟ فتلك كتوفنا شحما ولحما وتيك رقابنا حبلا متينا فللمعدوس مخمخ يوم غيم معان تستبيك وتستبينا به الفيتامين باء ثم حاء وشين أعقبت في الحرف سينا وللحوت المشرمل يا حياتي وللمطفى حياة لن تشينا وصياديتي الحمراء فن على أرزازها الأولى ربينا قفي يا بنت.. واستمعي إلينا وحسبك من إذاعتنا.. رطينا فقد وصفت لنا كبلاد برا من الأطباق.. سلقا أو عجينا ومن مرق الهواء.. ما ليس يغنى وليس يقيتنا.. ركنا مكينا كأنا في أوربة.. أو أميركا وإن أحسنت.. جابانا وصينا كأن الست سلفانا وسوسو أوانك - يا هنا - هوهو ونينا فروقي يا ابنة الجيران روقي ووطي الحس منك.. وروقينا وعلى صوت راديوكم فدوبي أخذت على كلامك أسبرينا وهاتي الصحن بيتيا وإلا إذا ما جاء غربيا مبينا بلاشي توزعيه بكل صبح شمالاً «للجماعة»(3) أو يميناً! يمينا لو سمعتك بعد هذا تجيبي سيرة للكسفرينا(4) فسوف أدق بابك بالأذاعا وفي كفي الهريسة والطحينا وأصناف العريكة والمربي مفتقة(5) حكت في اللون طينا وأخلطها مزاحا.. بعد جد متى رمشت عيون بني أبينا بجاه الله خلوكم معانا فنحن معاكمو دنيا.. ودينا! الهوامش: (1) الرجيم.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: الاكل المقتصر على ما شاح وما لاح. (2) المنى.. وارد بخاري.. وكل بخاري يطلق عليه لفلسط المنى للتعريف.. (3) الجماعة.. أعز الله مقدارك.. أهل البيت. (4) الكسفرينا.. اكله «مركبة» تركيبا مزجيا.. من الكاس.. وهو وعاء زجاجي لقياس المقادير.. وفرينا يعني أكلنا بلا حساب: (5) المفتقة: حلوى صباحية كان يدور بها على المنازل عمنا الزغبي في قدور مخصوصة بقصد فتق الأضلاع: وقيل شيء آخر: والله أعلم.