هناك رجالات نسعد كثيراً بالاستماع إليهم ونسعد أكثر بوجودهم فيما بيننا، وبالأخص حينما يكون ذلك على أرضية الوسط الرياضي والدكتور حافظ المدلج أحد هؤلاء الذين يقدر لهم إسهاماتهم وجميل منطقهم، وقد تابعته في مداخلته عبر برنامج الجولة على قناة لاين سبورت قبل أيام، كانت مداخلة رائعة من حيث عمق الحوار ودلالاته الرقمية في الاستشهاد من قبل الطرفين، وإن كان لي تحفظ على كثرة مقاطعة الإعلامي وليد الفراج للدكتور حافظ؛ إلا أن تحفظي الأكبر على ما تحدث به الدكتور حافظ طوال المداخلة. الدكتور وضع نصب عينيه أن قيمة حقوق النقل التلفزيوني يجب أن لا تقل عن ثلاثمائة مليون ريال ودلل على ذلك بأكثر من دليل، وجدت شخصياً ان استشهاداته تنقصها الدقة كثيراً، وبعيداً عن ردود الفراج وهو الذي كان شاهداً واقعياً على المرحلة؛ أجزم ان الكثير من المتابعين رأوا في حديث الدكتور توجها نحو أرقام يريد التأكيد عليها والوصول لها دون أن يقدم لها مهر المبرر الواقعي، وأؤكد هنا الواقعي لا الخاضع لحسابات ورقية فقط. ما أريد أن أتحدث عنه هنا بالتحديد هو ما جاء في المداخلة من نقاش بشأن آلية النقل التلفزيوني بعيداً عن قيمته، ذهلت كثيراً عندما تفضل مسئول الاتحاد السعودي لكرة القدم مؤكداً على ضرورة استيراد آلية النقل من خلال شركة نقل تلفزيوني متخصصة حددها هو بشركة (IMG)! بحثت عن الشركة وظهرت بمعلومات عنها وشيء من انتاجها وأنشطتها.. إذ أنها شركة ألمانية لها خبرة في مجال النقل التلفزيوني، كما اطلعت جانباً من المنافسات واتضح أنها هي الناقل الفني لها، حسناً الشركة جيدة والنقل جيد، لكن السؤال لدكتورنا العزيز هو هل انعدم لدينا نقلاً كهذا الذي رأيته؟.. وهل يصعب علينا الوصول لمستوى نقل مميز إلا عن طريقها؟ النقل التلفزيوني يا سادة ليس معادلة ذرية عويصة! الحكاية أبسط هو انها تقنية تعتمد على مفردات متباينة التراكيب الفنية من حيث المعدات، وكوادر بشرية مؤهلة من حيث التشغيل وهذه كلها تأتي بها الموازنة الجيدة قطعاً.. الدكتور حافظ يتحدث عن مبلغ يقارب المائتي مليون تصرف على الشركة الناقلة، أو فلنقل تصرف تحديداً على النقل التلفزيوني.. يا دكتور لم يعد الأمر سراً في مجال عالم الانتاج التلفزيوني من حيث الأرقام والتكاليف ليست خافية، فمثلاً شركة art كانت تنتج بمبلغ يتراوح من أربعين إلى خمسين مليون ريال، وحجم الرضى عن أدائها ليس كاف قطعاً.. لكن لا أحد يقول إن مستوى الرضى كان دون الخمسين بالمئة، فلنقل إنه ليس بأقل من 50 بالمائة معنى هذا أننا لكي نصل إلى مستوى رضى مئة بالمئة بأننا نحتاج إلى مضاعفة المبلغ وهذا يعني الوصول لرقم مئة مليون ريال قيمة انتاج تلفزيوني لكي يصل بنا إلى مستوى رضى مميز. بالطبع المنطق السابع بهكذا حسبة هو أمر عشوائي في مجال الاستثمار التجاري، لكني أطرحه هنا للتقريب فقط.. وأنا أسأل وبقوة مئة مليون ريال تعطي شركة سعودية خالصة تعمل في مجال الانتاج التلفزيوني لتقوم بانتاج منافسات الموسم (السعودي) لكرة القدم.. أليس هذا أولى وأفضل..؟ وما يتفق عليه جميع من تم استشراف آرائهم من أصحاب الخبرة الإعلامية أن الحد الأعلى لنقل تلفزيوني مميز جداً وبتقنية (HD) لا يتجاوز حاجز المئة مليون ريال في السنة! الشركة الألمانية بطاقمها ذي العيون الزرق والشعر الأشقر - أو أيا تكن جنسية الشركة - ستختصر الأمر ربما ونظفر من أول مباراة بمستوى مميز، بينما الشركة السعودية تحتاج إلى عشر أو عشرين مباراة لتحقيق ذلك - يعني شهرا أو شهرين على الأكثر - لتصل إلى هذا المستوى، فقط هذا هو الفرق! وأي فارق دونه لا يتعدى ما نسبته عشرة بالمئة من مسطرة الرضى بالمنجز.. لقناعتنا التامة أن الفارق هو بعمق التجهيز التقني - وهو متاح للجميع في أصقاع المعمورة - والمدة اللازمة ليتأقلم الفريق المؤهل في الأساس معه. أخي حافظ.. إن كنت لا تعرف أن هناك شركات إنتاج إعلامي سعودية باستطاعتها القيام بذات الدور ولنقل واقعي بثمانين بالمئة منه - فإني أتشرف هنا أن أسديك المعلومة بوصفي قارئاً ومتابعاً، وبوصفك مسئولاً في المؤسسة (السعودية) الحاضنة للرياضة والأمر الآخر إصرار الدكتور هو أن المبلغ المطلوب لاعتماد الشركة الأجنبية مائتا مليون يؤخذ من وزارة المالية بعد أن تأخذ التوجيه السامي اللازم بذلك.. البلد بكبار مسؤوليه ومؤسساته وشارعه العام يتوجه نحو إعطاء التخصيص مساحة أكبر ليتحمل المسؤولية ويضخ نبضاً أكبر في عجلة دوران رؤوس الأموال وقطاعات التوظيف البشري، لأننا لا نريد العودة نحو إثقال كاهل وزارة المالية والاعتماد على الأجنبي.. أيها الدكتور.. الأوامر الملكية السامية وقرارات مجلس الوزراء تنثال من بين يديك وأيدينا تأكيداً على خيار لا رجعة فيه في مجال السعودة، بينما أنا هنا أشكرك على خيارك أنت.. وحماسك له !