إن البحث عن المأوى والسكن ينبع عن شعور فطري وغريزي لدى جميع المخلوقات ولذا كان هاجس البحث عن المأوى لدى الإنسان منذ العصور الحجرية ولجوءه للملاذ واتخاذه الكهوف في الجبال سكناً له تحميه من تقلبات الجو وتغيرات الطقس وويلات الكوارث. ثم طور الإنسان أسلوب مسكنه إلى تشييده من المواد المتوفرة له في الطبيعة من حجر وخشب وقش وطين. وعلى مر العصور تفنن البشر في التطوير والإبداع في تقنيات البناء وفن المعمار، واستمر الهاجس الفطري دائماً دافعاً غريزياً للإنسان للشعور بالأمان تحت سقف يؤيه في بيت يملكه يحميه واسرته من غوائل الزمان وطغيان البشر. لذا اهتمت الحكومات بقضية السكن وأولته جزءاً كبيراً من خططها التنموية وخصصت له مبالغ ضخمة من ميزانياتها المالية، فشأن السكن يأتي بعد الصحة والتعليم في الأهمية لدى الشعوب في مطالبتها بحقوقها المشروعة للحياة الكريمة والعيش الشريف. ويأتي القرار الملكي بإنشاء وزارة للإسكان استشعاراً من خادم الحرمين الشريفين بأهمية قضية السكن وانعكاساً لاهتمامه بأولويات حياة شعبه ورفاهية مواطنيه. وماصاحب الأمر الملكي هذا من مجموعة الأوامر التي تصب في النهاية في تسهيل إمكانية تملك المواطنين للسكن اللائق في وقت أصبحت أزمة السكن عبئاً ثقيلاً جاثماً على صدر المسئول قبل أن تكون هماً يقض مضجع المواطن. التحدي الآن هو أمام هذه الوزارة الناشئة بتحقيق حلم البيت الملك لكل مواطن! تحد صعب وامتحان شديد! إذا أرادت أن تنجح في هذا الاختبار وتحقق النجاح وتصل إلى النتائج المرجوة منها والآمال الكبيرة المعقودة عليها، فالطريق أمامها واضح: طريق الصدق والإخلاص في العمل والجدية في تنفيذه والتركيز على أولوياتها ألا وهي مصلحة المواطن ومايعود عليه بالخير، نفض غبار الروتين والبيروقراطية في تنفيذ خطط العمل، وتبني التقنيات الحديثة للإسراع في تشييد المباني ورفع كفاءة أدائها ومعايير السلامة فيها وملائمتها للطقس والبيئة وأسلوب الحياة. لم يعد هناك عذر أو مبرر لبقاء أزمة السكن يرزح المواطنون تحت وطأتها الثقيلة. الأراضي متوفرة في بلادنا الشاسعة المترامية الأطراف، السيولة المالية تم ضخها بقوة لتصب في مصلحة وأمن المواطن، والمرجعية الرسمية تم تحديدها وتحميلها المسئولية.