سلوك فطري ومنظر عاطفي، كنا متحلقين حول التلفاز في جو عائلي مبتهج بقرب عودة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ومعنا طفل لتوه لم يتجاوز بعد الخامسة من عمره قفز من بيننا مسرعاً نحو التلفاز فاحتضن الشاشة وأخذ يقبلها مردداً «بابا بابا عبدالله». هذا الطفل الذي يحمل بين جوانحه قلباً نقياً صافياً ممتلأ حباً صادقاً عبر عنها بطريقة عفوية لا مراء فيها ولا مجاملة ولا نفاقاً. عندما تجلى هذا المنظر أمامي استذكرت عبارات دائماً يرددها كلما رآني مرتدياً المشلح ذاهباً أو عائداً من مناسبة رسمية أو اجتماعية حيث كان دوماً يقول «أبوي خذني معك عند ملك عبدالله» وقد ربط هذا بعد ان شاهدني حيث تشرفت بلقاء خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - مقدماً لمقامه الكريم «قلادة أبي بكر الصديق» تعبيراً وتقديراً من المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر للجهود الإنسانية التي يبذلها - حفظه الله - ودعوته العالمية للحوار والدعوة للسلام. واستمرت جلستنا العائلية نتحاور لتفسير هذا السلوك الفطري لطفلنا، وقد خلصنا في نقاشنا أنه صورة حية لما تواترت به أحاديث نبوية «إن الله إذا أحب عبداً غرس حبه في قلوب الناس» وهذا أيضاً ما ترجمته صور الحب والوفاء التي عبر بها المواطنون والمقيمون على أرض بلادنا الغالية فرحاً بعودة خادم الحرمين الشريفين إلى أرض الوطن سالماً معافى. وقد لبست المدن والقرى والأرياف حللاً جميلة متنوعة وبنت السعادة والغبطة على محيا كل فرد وتبادل الجميع عبارات التهاني والسرور بالقادم الغالي، فكان عرساً وطنياً ولا يزال وان المتتبع للإعلام الخارجي يجد ان الفرحة بشفاء وعودة خادم الحرمين الشريفين قد تجاوزت حدود الوطن واستبشر بها قوم آخرون على المستوى الرسمي والشعبي، ومن خلال عملي الاقليمي الدولي في مجال العمل الإنساني فإنني استشف مشاعر كثير من الناس في عدد من الدول من خلال سؤالهم وتعبيرهم عن الحب والتقدير لخادم الحرمين الشريفين، وللمملكة الإنسانية. وقد توافق المجتمع الدولي بتراكيبه الرسمية والشعبية على ان الملك عبدالله يقود دولة عصرية متحضرة، ملك ذو نظرة شمولية ثاقبة، ملك ذو رغبة صادقة لأن يعيش العالم في أمن ورخاء واستقرار، ملك يتطلع إلي عالم يعيش في وئام متسماً بمبدأ التحاور نابذاً للعنف والتناحر، نعم هذه الرسالة العظيمة التي تبناها خادم الحرمين الشريفين بلغت أصقاع الأرض وباركها كل ذي لب حاكم ومحكوم، فالملك عبدالله يقود دولة تحتل مكانة عالمية حققها من قوة مركز اقتصادي واعتدال سياسي وعدل اجتماعي، دولة ذات يد عليا فلم أزر دولة بحكم مهام عملي إلاّ وجد فيها مشاريع تنموية وبرامج مساعدات إنسانية للشعوب التي تعرضت إلى الأنواع من الكوارث وقد امتلأت قلوبهم بالحب والتقدير للمملكة قيادة وشعباً، كما عبرت الهيئات والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية العاملة في مجال الإنسانية عن تقديرها لجهود المملكة العربية السعودية وذلك من خلال أحاديثهم في المؤتمرات والندوات وما هو مدون في تقاريرهم المكتوبة التي تؤكد تميز المساعدات السعودية ليس من حجمها فقط وهو كبير ولكن أيضاً جودة نوعية المساعدات وتكاملها واستمراريتها مؤكدين على المردود الكبير للمشاريع والبرامج التنموية التي تخدم الجيل الحاضر وتمتد فائدتها لخدمة الأجيال القادمة. فحمد لله على نعمائه وحمد لله على ان من على خادم الحرمين الشريفين بالشفاء والعافية واقر أعين شعبه بعودته وأدام عليه الصحة التامة وحفظ ولي عهده الأمين والنائب الثاني وأدام على مملكتنا الغالية نعمة الأمن والاستقرار والنماء والازدهار وعوداً حميداً وان المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر ترفع إلى مقامه الكريم والحكومة الرشيدة والشعب السعودي أصدق آيات التهنئة. وإلى البارئ تجلت قدرته أصدق عبارات الشكر والثناء. * الأمين العام للمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر