استفاد بعض "الرُّقاة" من شبكة الإنترنت في الترويج لنشاطاتهم المشبوهة، كوسيلة من وسائل الاتصال الحديثة، مستفيدين من جهل البعض في الوصول إلى منازلهم. ورصدت "الرياض" من خلال شبكة المواقع التي خصصها الرقاة الشرعيون - حسب وصفهم لأنفسهم - استعراضهم لخبراتهم التي تمتد لعشرات السنين وتطال دولا خليجية عدة، كما يستخدم الرقاة مواقعهم الشخصية لإبراز إنجازاتهم عبر عرض فوتوغرافي للحالات التي شرعوا في علاجها والطلاسم التي تمكنوا من فكها، إلى جانب السحر الذي أبطلوه، فيما خصصوا خانة خاصة للاتصال بهم وأخرى تسجل عدد زوار مواقعهم، وهذا كله بهدف تسويق أشخاصهم للوصول إلى أهداف أخرى، وأهمها جمع المال، والشهرة. وما أن تدرج كلمة شيخ في محرك البحث مع مدينة من مدن المملكة حتى تحصل على سيل من أرقام المشايخ، وتزكيات ببركاتهم ونفعهم مع بعض النصائح العابرة التي تفضل الاكتفاء برقية الشخص لنفسه، كما تعج المنتديات النسائية بأرقام الرقاة الشرعيين وعدد من الداعيات، كما أنّ هذه المنتديات تحذر وبشدة من سحر الخادمات الذي يتصدر هواجس ربات المنازل، إضافة إلى أنها تضمنت أيضاً خانة متخصصة يدرج فيها الأعضاء تجاربهم الشخصية مع هذا النوع من السحر، وهذا الحراك الاليكتروني يثير في نفوس المتابعين أكثر من علامة استفهام حول دور الجهات الرقابية في تعقب مثل هؤلاء، وعدم تركهم يضللون المجتمع بأفكارهم، وتوجهاتهم. ترويج عبوات «الرُقية» عبر القنوات الفضائية والانترنت ومن خلال عملية اختيار عشوائية، رصدت "الرياض" موقع لأحد الرقاة تحتفظ باسمه، هاجم في موقعه الخاص جهات مختلفة أتهمهم بأنهم يسيئون للرقية الشرعية، ومنهم الأطباء بمن فيهم المتخصصون في الطب النفسي الذين وصفهم بالممثلين الكاذبين، فيما كان للصحف والقنوات نصيبها من الانتقادات اللاذعة في حين وصفها بالمشككة، بيد أنّ قائمته لم تسلم من مشاهير الرقاة والذين يأخذون من المرتادين عليهم آلاف الريالات مقابل زيارة واحدة!!. إلى ذلك فإن تجربة "الرياض" مع شيوخ الرقية بدأت بالاتصال على أحد الأرقام التي يتداولها أعضاء المنتديات، وجاء رد عامل لدى الراقي في بريمان بجدة يتحدث بلكنة أجنبية، مقترحاً التواجد في مقر المركز في تمام الساعة الرابعة عصراً حتى لا يطول الانتظار، وفي شأن التكلفة المادية للدخول على الشيخ أكد العامل أنها لا تزيد على 150 ريالاً، لافتاً بأنّ الكلفة العلاجية يحددها الشيخ لاحقاً بيد أنه وقبل إنهاء الحديث معه شدد على وجود محرم يرافق الزائرة. وفي رحلة لزيارة راق شرعي آخر في حي الحرمين بجدة، انطلق فريق "الرياض" عند السابعة صباحاً؛ ليتفاجأ الفريق بأنّ المركز ما هو إلاّ إعادة هيكلة لمواقف السيارات بعمارة فخمة، المركز أشبه ما يكون بالعيادة النفسية تكدس فيها الأشخاص منذ الساعة الرابعة فجراً في غرفة انتظار للنساء، وأخرى للرجال تحوي كل واحده منها دورة مياه خاصة، إلى جانب صيدلية يجلس بها عاملان من جنسية عربية ومكتب يستقبل فيه الراقي المرتادين. وبعد انتظار استمر لخمس ساعات تمكن فريق العمل الدخول مع إحدى السيدات وبعد شرحها لأعراض الاكتئاب الذي أصابها بعد ولادتها؛ شخّص الراقي السيدة بأنها تعاني من "عين" قديمة تجددت مع المرض، وسلمها وصفة أشبة بالوصفة الطبية دوّن بها الدواء الذي هو عبارة عن قارورة ماء يميل للصفرة، موضحاً أنه لابد أن يخلط مع ما قدره 22 لتراً من الماء العادي أو ماء زمزم، إضافة إلى عشبة تُسف منها ملعقة كبيرة بعد الغداء مع كوب ماء يومياً لمدة خمسين يوماً. وحول خضوع مواقع الرقاة على شبكة الانترنت للرقابة من قبل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عسير، أوضح المتحدث الرسمي "عوض الأسمري" أنّ الأمور المعلوماتية والإعلامية بما فيها الصحفية والتلفزيون وشبكة الانترنت من اختصاص وزارة الثقافة والأعلام وليس للهيئة أي تدخل من ناحية رقابية وغيرها.