في ظل مناخ التطور السريع السائد اليوم تدعو الحاجة إلى تحقيق المرونة والاستجابة السريعة والذكية للتغيرات التي تحدث والتحديات التي تظهر، وهذا مما دفع بلا شك إلى زيادة الإعتماد على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في كثير من المنشآت. لكن للأسف لم يكن هناك تنسيق وترابط لضمان الاستخدام الأمثل لهذه التقنية في معظم الحالات، مما كان له أكبر الأثر في الازدواجية في المشاريع وهدر في المصادر. ولقد أظهرت الإحصائيات المتخصصة في هذا المجال أن هناك هدرا عالميا في استخدامات تقنية المعلومات بلغ أكثر من اثنين (2) تريليون دولار. (مؤسسة الضرائب الأمريكية ألغت مشروع لتطوير أنظمها التقنية بعد صرف مبلغ 4 بلايين دولار وأعادت تنفيذه بنجاح بعد تبني المعمارية المؤسسية فى صياغة متطلبات التطوير)!!! وللحد من هذا الهدر وزيادة الكفاءة لمواجهة تحديات القدرة على التطوير والتميز فى بيئة متسارعة التغيير بدأت جهات متعددة فى الولاياتالمتحدةالأمريكية وفى أوروبا بتطوير برنامج شامل للتحكم بهذه الأمور لاستخدامه في المنشآت الحكومية والشركات الكبيرة وتم بناء عليه تطوير النسخة الأخيرة مما يسمى ببرنامج "المعمارية المؤسسية" (Enterprise Architecture – EA) . وقد بدأت الجهات فعلا فى تبني أطر ومنهجيات المعمارية المؤسسية فى أول القرن الجديد لمواجهة تحديات القدرة على التطوير والتميز في بيئة متسارعة التغيير. وقد اختلف في تعريف المعمارية المؤسسية من جهة إلى أخرى، لكن تم اتفاق غالبية المتخصين عالميا على أنها "قاعدة استراتيجية للمعلومات كأصول للمنشأة، وهذه القاعدة تحدد الرؤية كما تحدد المعلومات والتقنية الضرورية لأداء هذه الرؤية، وكذلك الإجراءات الانتقالية لتطبيق تقنيات جديدة استجابة لأي تغيير في احتياجات الرؤية". وبالتالي فهي توفر تنظيماً موثقاً بشكلٍ منطقي لإجراءات الأعمال والبنية التحتية لتقنية المعلومات والتي تعكس متطلبات التكامل والمعيارية في النموذج التشغيلي للمؤسسة مثل: ما هي الأعمال/ الخدمات التي تؤديها المنشأة؟ كيف تتم تلك الأعمال والخدمات ؟ من يؤديها؟ ما هي البيانات المستخدمة وأين تحفظ؟ ما هي تقنيات المعلومات المستخدمة وكيف يمكن استخدامها؟ ما هي العلاقات فيما بينها؟ ومع تزايد الضغوط التنظيمية الملقاة على عاتق المنشآت فلم يعد بمقدور الإدارة العليا أن تواصل عدم مواكبة قضايا التطور والتوافق مع المعايير وأصبح من الضروري للمنشآت الراغبة بالوصول للتميز أن تتبنى خطة استراتيجية ديناميكية ومن ثم خطة تنفيذ ديناميكية، والمعمارية المؤسسية بهذه الصورة تضع خارطة الطريق للمنشأة من أجل إنجاز رؤيتها، وذلك من خلال الأداء الأمثل لإجراءات أعمالها الأساسية داخل بيئة تقنية معلومات فعالة، خاصة في جهة حيوية معنية بتقديم خدمات للمواطنين والمقيمين حيث يتواجد كم هائل من العمليات والمهام والمعلومات الضرورية والمتداخلة في معظم الأحيان لتنفيذ الأعمال بالشكل المطلوب والواجب أن يتم الربط بين كافة هذه العمليات والمهام والمعلومات بشكل هندسي معماري مؤسسي مدروس لتحقيق: 1) اتخاذ القرارات بشكل أسرع وأدق، 2) أفضل الممارسات، 3) الحد من الإزدواجية والإنفاق، 4) وضع الإستراتيجيات المناسبة للتطور بشكل عام ومتوافق لكافة إدارات وأقسام المنشأة. * أستاذ برمجيات حلول الأعمال المشارك- كلية علوم الحاسب والمعلومات مدير عام مشروع النظام المالي والإداري (مدار)