لقد أصبحت تقنية المعلومات والاتصالات العصب الرئيس لكثير من المنشآت في القطاعات الحكومية والخاصة، وذلك لما تقدمه من دعم كبير في إجراء وتنفيذ العمليات المختلفة ومساعدة المستويات الإدارية في كافة الأنشطة والقرارات التي يتطلبها العمل، وأصبح الاعتماد عليهما في زيادة مستمرة لأجل توفير المعلومات الضرورية لاتخاذ القرار المناسب. ولقد بدأ كثير من المنشآت بتنفيذ خطط إستراتيجية لتقنية المعلومات وذلك أملًا منها على مساعدتها في تطوير أداء أنشطتها وخدماتها المقدمة ولكي تتكيف مع التغيرات التي تحيط بها، الناتجة من التقدم المتسارع في الابتكار في مجال التقنية والاتصالات. إلا أنه وللأسف لم تجد كثيراً من هذه الخطط المكان المناسب لها إلا الرفوف لتنسى مع الوقت وتزيد الهدر في المصادر!!!! ولقد اطلعت شخصيا على عدد من الخطط الإستراتيجية لتقنية المعلومات لدوائر حكومية موضوعة على الرف لفترة طويلة (بعض منها له أكثر من خمس سنوات) ولم يشرع بتنفيذها، ويعود السبب الرئيسي في ذلك عدم قابليتها للتنفيذ، رغم أن الذي قام بتطويرها شركات عالمية!! فالنجاح بالصورة المأمولة لتطوير وتحديث النظم والبرامج لم يتحقق. ولعل ذلك يعود لعدة أسباب جوهرية نبرز بعضا منها في النقاط التالية: - عدم الأخذ بعين الاعتبار ضرورة وجود خطة إستراتيجية عامة للمنشأة قبل البدء بتطوير خطة إستراتيجية لتقنية المعلومات. أو على الأقل فهم رسالة وأهداف المنشأة. ومعلوم لدى المختصين أنه من أجل إدخال وتحديث تقنيات المعلومات وتطوير النظم والبرامج لأي منشأة ، فإنه يلزم توفر خطة إستراتيجية لتقنية المعلومات تتسق مع الخطة الإستراتيجية العامة للمنشأة وبما يحقق أهداف وغايات المنشأة . وعادة ما تضع المنشأة لنفسها عدد من الخطط الإستراتيجية من بينها الخطة الإستراتيجية لتقنية المعلومات، وغيرها من الخطط الإستراتيجية، التي تهدف في مجملها إلى تطوير العمل ورفع الأداء وتحسين تقديم الخدمات، ومواكبة التطور ومواجهة التحديات. - عدم تكامل أهداف تطوير وتحديث الأنظمة والبرامج و البنى التحية مع أهداف المنشأة. ومن المعلوم أن وضع خطة إستراتيجية لتقنية المعلومات يهدف إلى تحقق تكامل النظم والبرامج والبنى التحية وتزامن تطويرها وتحديثها بما يحقق أهداف المنشأة. ومن المهم في عمليات التخطيط الإستراتيجي تحديد أهداف تقنية المعلومات وربطها بأهداف المنشاة، فالهدف من تطوير وتحديث تقنية المعلومات هو مساعدة المنشأة على تحقيق أهدافها. - عدم إجراء تقييم ودراسة شاملة للمنشأة قبل البدء في تطوير الخطة الإستراتيجية لتقنية المعلومات. لتنفيذ خطة إستراتيجية لتقنية المعلومات وتطوير النظم والبرامج اللازمة لها يتطلب الأمر العديد من الدراسات والمراحل. من هذه الدراسات على سبيل المثال دراسة الهيكل التنظيمي للمنشأة ومهام الإدارات والأقسام المختلفة، ودراسة الإستراتيجية العامة للمنشأة وخطط التطوير المختلفة، ودراسة الوضع الحالي لتقنية المعلومات (أجهزة، برامج، نظم، قوى بشرية، بنية تحية). وغيرها من الدراسات الضرورية لتحدد الاحتياجات والأهداف من الخطة. إن مفهوم التخطيط الاستراتيجي لتقنية المعلومات مفهوم حديث نسبياً، ولا يتضح للكثيرين أهميته وتأثيره الإيجابي الكبير على الأداء في المنشأة وتحقيق رؤيتها وأهدافها. حيث إن الحاجة إلى توفير المعلومات أصبحت من المتطلبات الأولية والأساسية للبقاء والاستمرار، وليس فقط هدفا لتحسين الأداء ورفع الكفاءة . * أستاذ برمجيات حلول الأعمال المشارك- كلية علوم الحاسب والمعلومات مدير عام مشروع النظام المالي والإداري (مدار) جامعة الملك سعود