طوال عقود مضت كانت مباريات النصر والهلال مضرب المثل في التنافس الشريف والأداء الفني المميز البعيد عن المخاشنات المتعمدة من قبل اللاعبين، لدرجة كنا نقرأ في الصفحات الرياضية تصريحات لمسؤولي لجان الحكام يصفونها بأنها الأكثر سهولة على أسياد الملاعب لتفرغ النجوم آنذاك لتقديم المتعة الكروية، وإسعاد الجماهير الغفيرة التي تملأ المدرجات، واليوم بات الفريقان مدعومين بلاعبين مشاغبين هدفهم إضعاف أداء منافسيهم بطرائق غير مثالية أكثر من العمل للكرة ولخدمة الفريق بالطرائق التي يكفلها قانون الاتحاد الدولي. أما مخاشنات بعض تلك الحقبة فإن تصريحات اللاعبين تتركز بعد نهاية المباريات على كونها حالات طبيعية ووقتية يفرضها واقع كرة القدم، لكن تصريحات لاعبي اليوم تزيد الاحتقان وترفع درجة الخلاف بين أعضاء الناديين الكبيرين؛ ما يؤثر سلبا في بعض الجماهير الرياضية التي ربما تبدلت آراؤها في مسلمات أساسية حول ألفاظ لا أخلاقية لا يمكن أنْ يقرَّها إنسان. لم يرقْ لي دفاع الهلاليين عن لاعبهم الروماني رادوي؛ خصوصا تصريحات مدير المركز الإعلامي ومحاولة إقناع المتلقي بأن ما تفوه به عامدا متعمدا في قناة لاين سبورت يمكن إيجاد مخرج منه، وأنه لم يخطئ، واختلاق مبررات أرى أن الصمت تُجاهها كان أفضل. الهلاليون يخشون من حماقات رادوي داخل الميدان كما حدث أمام الوحدة؛ لكنه هذه المرة ورَّطهم خارج الميدان، وكنت أنتظر رأي رئيس الهلال الأمير عبدالرحمن بن مساعد على مدى سبعة أيام وهو الذي أجل التعليق على الأحداث حتى يفرغ فريقه من مواجهة الغرافة في دوري أبطال آسيا، فإذا به كما توقعت يقرّ بخطأ اللاعب واستحقاقه العقوبة، وإن لم تتجاوز الإيقاف مباراتين فقط وفق لائحة ناقصة لا تفرق بين تهجم بكلمات معتادة، أو باتهام لاعب منافس في شرفه أمام الملأ. أنا متأكد أنَّ كل الهلاليين العقلاء مقتنعون بسوء ما اقترفه رادوي، وأعتقد أن انزعاجهم الحقيقي ليس احتجاجا على معاقبة محترفهم بقدر شعورهم بأن لاعبين لدى منافسهم (النصر) تجاوزتهم عين لجنة الانضباط، ورغم قناعتي بالنظر لتاريخ قائد النصر حسين عبدالغني ودخوله في إشكاليات عدة حين كان لاعبا في الأهلي بأنه ربما استفز لاعبا أو اثنين في الفريق (الأزرق)، إلا أنني لا يمكن أن أطالب بعقابه، وأنا الذي لم أشاهد سوى مباراة كسبها الهلال مستوى ونتيجة، ثم تصريح فضائي مسيئ لكل الرياضيين. الاستفزازات باتت فنّا يهتم به كل اللاعبين، وربما أصبح من أساسيات الطرائق التي تساهم في الحدّ من أداء اللاعب المنافس، والمشكلة تكبر متى وجد اللاعبون في ذلك ثمرة بخروج منافسيهم عن طورهم؛ فترتكب الحماقات داخل الميدان وينتج عنها البطاقات الملونة، أو يتأجل الرّد حتى تحضر الكاميرا فيخرج المتحدث عن المألوف. رادوي أحد أبرز النجوم الأجانب الذين أثروا الملاعب السعودية، ولا يمكن أن يتأمل عاشق محايد للعبة كرة القدم أنْ يتعرض للإيقاف أو الطرد من الملاعب السعودية، لكن الخروج عن النصّ يجب أنْ يقابل بحزم؛ لا أن يجد عقابا ضعيفا يهدد المتضرر بعدم اللجوء للقضاء!!.