بين التلال المغطاة بأشجار السرو قرب مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، يقع مكب نفايات كريه الرائحة يشكل مصدراً للرزق وحتى المبيت لعشرات الأولاد والرجال الذين يعتاشون عليه. لا يقطع الصمت في المنطقة القريبة من قرية يطا والمحاطة بأشجار الزيتون الا صوت الجرافة التي تغطي النفايات المفروزة بالرمل والتراب وصيحات العمال الذين يلتقطون النفايات ويجمعونها، وعدد كبير منهم من الاطفال. وفي آخر التل المكون من طبقات من النفايات المغطاة بالرمال والمكدسة فوق بعضها، تنتشر مساكن مؤقتة للعمال صنعت من ألواح خشبية وغطيت بأكياس القمامة او قطع قماش لتوفر لهم مكانا ينامون فيه. ويعيش العديد من العمال في هذه الأكواخ خلال أيام الاسبوع، فهم ينامون فيها بدلا من العودة يوميا الى قرية يطا وهذا يعني استعدادهم لفرز أي نفايات تأتي بعد حلول الظلام. ومع ان العمل في فرز النفايات شاق ومتعب الا انه في الوقت ذاته احد مصادر الرزق القليلة في الضفة الغربية التي تبلغ نسبة البطالة المعلنة فيها حوالي 15,2%. اما الاطفال فيأتون الى هنا للعمل بعد ان يعجز آباؤهم عن ايجاد عمل أو يصبحون عاجزين عن اعالة اسرتهم. ويروي محمود نبهان (17 عاما) «كان ابي يعمل هنا ولكنه وقع واصيب في رجله ولم يعد قادرا على العمل. لذلك أخرجني من المدرسة وبدأت بالعمل مكانه». ويضيف نبهان «كان عمري 12 عاما عندما أخرجني من المدرسة ولكني لا أريد العودة اليها. أنا وأخي نكسب المال ونصرف على كل أسرتنا». مع وصول الشاحنات المحملة بأطنان من النفايات من القرى والبلدات الفلسطينية المجاورة ومن المستعمرات اليهودية ايضا، يتراكض الاطفال ويتحلقون حولها عندما تلقي بحمولتها محاولين التقاط اكياس القمامة التي يعتقدون انها قد تحتوي على مقتنيات ذات قيمة. وقد يسعف الحظ احد المراهقين فيعثر على فرشة للنوم ويقبل عليها بسرعة لنزع الغطاء الخارجي والحشوة لاستخراج الهيكل المعدني. وينكب الآخرون على تفتيش النفايات المنزلية ليفصلوا الانواع المختلفة عن بعضها فيضعون العلب المعدنية في جانب والبلاستيكية في جانب آخر، وأكوام الخشب في كومة ثالثة. ويواجه فتى صعوبات في فك اسلاك حمراء ورمادية متشابكة وجدها في كيس.