في «لقاء» يوم أمس تناولت وضع المتاهات العربية وسط الأغراض المخيفة للدول الكبرى، ومحاولات الحضور الجديد لمجتمعات شرق أوسطية أو قرب شرقنا لأن تكون ذات نفوذ في عالم متعدّد التشتّت، ولم يتفق على برمجة مهمات بناء عربي متقارب الأهداف، وأن ما يحدث في الحاضر من إعاقات اقتصادية وتبادل قتل فهو أيضاً في بعض المواقع غامض في غاياته، ثم إن الوصول إلى إنجاز مهمات تطوير اجتماعي ورفع مستويات معيشة أمر ليس بالمستحيل متى توفّرت موضوعية التصرفات.. لقد ذكرت أننا أصبنا كعرب بخيبة أمل عندما تحوّلت شعارات متغيّرات ما قبل الستين عاماً إلى كوابيس تخلّف، وبالتالي يفترض وجود عقلانية عمل وتوفر تأهيل قدرات قابلة لذلك.. وإن كنت يوم أمس قد طرحت مقارنة بين سائد العالم العربي وخصوصيات الخليج وضرورة تماثل القدرات الاقتصادية بين مجتمعات دول مجلس التعاون، فإنني اليوم أشير إلى إيجابيات الخصوصية السعودية التي أسّس لها الملك عبدالله بن عبدالعزيز منطلقات تطوير متعددة الغايات والأهداف، حيث يتم بناء الحضور الصناعي ومثله التقني وتنوّع الكفاءات الاقتصادية وتطوير أكاديميات التعليم، ثم أخيراً حوافز القضاء على البطالة ومحاصرة الفقر.. هذه الاستراتيجية التي رصدت لها مئات المليارات بما لا يتوفر رصداً لمستقبلية أي مجتمع في العالم الثالث عبر كل القارات.. بدهي أنك لا تستطيع الحصول على النتائج بمجرد صدور القرارات، وبالتالي فإن مَنْ يُقحم متطلبات ليست بالمستحيلة هو كمَنْ لا يعرف شيئاً عن إمكانيات حضور المستقبل، أو هو يعرف ذلك لكنه يرصد اعتراضه بحثاً عن شمول ضياع الاستقرار ثم إيقاف حركات التوجه إلى الأمام اقتصادياً وعلمياً وصناعياً في انفرادية هائلة لن تتواجد في أي مجتمع عربي.. هذه الانفرادية.. ليست عبارات من خطب قائد ولا هي كلمات من موضوع كاتب.. ولكنها حقائق أرقام هائلة دُفعت فعلاً لكي نخرج عملياً من ركود الشرق الأوسط وتعثّراته وتعدّد خلافاته إلى زمالات مشرفة وبناءة مع العالم المتقدم.. وأجدني سعيداً بما أصدرته وزارة الداخلية أمس من بيان متعقّل وواعٍ يحجب الطريق أمام أي احتراف للفوضى تعيق مشاريع التطوير الكبرى.. يستطيع أي صاحب وجهة نظر أن يقول رأيه.. وجميعنا لدينا وجهات نظر تصحيح لأي أوضاع، وهو ما يُفترض أن تكون عليه شعوب تعتز بقادم تطوراتها.. أما العبث فهو إعاقة.. ولعل كثيرين لا يعرفون موقفاً طريفاً حدث في جامع الراجحي بعد صلاة الجمعة حين قام أفراد قليلون يريدون حمل لافتات تطلب التظاهر أنه كلما قبض الأمن على أحد منهم يرتفع تصفيق المشاهدين.. وهذا شاهد حضور وعْي..