في طفولتي قرأتُ رواية خيالية عن ركاب طائرة أقلعوا ثم هبطوا بعد عشرين عاما من إقلاعهم.. وبالنسبة لهم لم يتخط زمن الرحلة الساعتين ولكن بالنسبة للموجودين على الأرض تجاوزت عقدين من الزمن (منذ آخر مرة اختفت فيه الطائرة بشكل مفاجئ)... وبالطبع لا مجال لإخباركم بكامل القصة ولكنني أردت فقط تقديم أنموذج لما يعرف في علم الغرائب ب(الزمن المفقود).. وهذا المصطلح قد يكون مجرد خطأ في "الحساب" أو يعني حدوث فقد حقيقي للأيام والشهور! ففي هذه الأيام يعيش مؤرخ ألماني مشهور يُدعى باترياس أوته يدّعي أنه لا وجود لما يعرف بالعصور الوسطى في أوربا وأن ما ندعوه بعصور الظلام مجرد خطأ في التأريخ.. وأيام الامبراطورية الرومانية كانت السنة تحسب على انها 360 يوما ثم يقفزون في نهايتها خمسة ايام. ولإلغاء هذه الفجوة أمر يوليوس قيصر بزيادة عدد الايام في بعض الاشهر الى 31 يوما . وبعده بعدة قرون أمر البابا جريجوري بالقفز بالتقويم الميلادي عشرة ايام للأمام (كما أوصى بتعويض 3 أيام كل400 عام)! أما في القرن العشرين فأمرت الثورة البلشفية في روسيا بحذف يومي السبت والاحد واعتبار "الأسبوع" خمسة أيام فقط (وكان هذا بالمناسبة هو السائد لدى الفراعنة).. وفي الخمسينيات أصدرت ولاية ديترويت قرارا بإلغاء يوم الأحد لتلافي دفع أجرة نهاية الاسبوع لعمال المصانع!! وفي حالات كهذه يصبح هناك زمن مفقود تم تجاوزه عمدا ؛ أما فقد الزمن الحقيقي فحالة أكثر غرابة وتحدث غالبا لمجموعة محدودة من الناس (كأصحاب الكهف) أو من تثبت عودتهم للحياة بعد وفاتهم.. وقبل خمسين عاما حين بدأ الانسان بغزو الفضاء شاع بين المنظمات المسيحية في أمريكا ان وكالة ناسا اكتشفت فترتين مفقودتين في الماضي. وبالتدريج تحولت الشائعة الى "دليل" على مصداقية حوادث توراتية قديمة تجاوز فيها انبياء بني اسرائيل الزمن . ففي التوراة توجد اكثر من حادثة توقفت فيها الشمس أو تباطأ فيها الزمن كما حدث لسليمان وداود والملك حزقيال (كما جاء في فصل الملوك) .. وحين مات موسى قاد اليهود بعده يوشع ابن نون وسار بهم الى فلسطين وحين واجهه الكنعانيون أمر الشمس ان تتأخر يوما كاملا كي يتاح لليهود الانتصار والانتقام (كما جاء في فصل يوشع 10-12) وفي عام 1982 خرجت ناسا عن صمتها وقالت إنها بالفعل اكتشفت فقدا زمنيا كهذا ولكنه ناجم عن استعمال طريقة جديدة لقياس الازمنة الفلكية.. إلا ان الجمعيات المسيحية اعتبرت هذا التوضيح بمثابة اعتراف ضمني وتأكيد لما حدث ليوشع وداود عليهما السلام!! وبمفاهيم عصرنا الحاضر لا يمكن حدوث فقد زمني إلا في ظروف فيزيائية وفلكية نادرة؛ فالفيزياء الحديثة تثبت ان الزمن يتباطأ ويتراجع حين تتحرك المادة بسرعة الضوء.. بمعنى لو سافرت بهذه السرعة لعدة ايام فستعود الى الارض وقد مرت عليها عدة قرون.. وكتب الاطباق الطائرة بالذات لا تكاد تخلو من قصة او قصتين يدّعي فيها الشاهد أنه فقد عدة ايام من حياته بعد رؤيته لطبق طائر او اختطافه من قبل مخلوقات غريبة..!! أما القصة التي بدأت بها المقال فتعتمد على ادعاء حقيقي ظهر عام 1967 حين دخلت طائرة يابانية في غيمة غريبة كان من المفروض ان تخرج منها بعد وقت قصير . وحين بدا وكأن الطائرة احتجزت داخل الغيمة الى الأبد خرجت بعد ثلاث ساعات فجأة وعاد كل شيء لطبيعته حتى نهاية الرحلة . وحين هبطت أخيرا في المطار اكتشف الركاب انهم وصلوا متأخرين بثلاث ساعات كاملة بطريقة غير مفهومة الى الآن!! على أي حال ؛ المؤكد (بين كل هذه الادعاءات) أن نظرية أنشتاين النسبية أثبتت إمكانية حدوث تفاوت زمني لأي مادة تسافر بسرعة خارقة... وفي الحقيقة ؛ فكرة المقال بأكملها غير مستبعده إن تفكرنا جيدا في قوله تعالى {إن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون!