أكد وزير العدل الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى أهمية الإعلام واسهامه في نشر الثقافة العدلية والقضائية ودوره في إيصال الحقيقية منوهاً بضرورة التزام الإعلام بالمصداقية في طرحه لإيصال الحقيقة للمتلقي. ولفت الدكتور العيسى خلال رعايته صباح امس وبحضور معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة حفل افتتاح "ملتقى القضاء والإعلام" الذي تقيمه وزارة العدل بمشاركة وزارة الثقافة والإعلام واللجنة الوطنية للمحامين إلى أن الملتقى يسعى إلى تجسير العلاقة بين الإعلام والقضاء مشيرا إلى إن القضاء يحفل بالإعلام لإسهامه المتميز في نشر الثقافة الحقوقية ولأنه جهاز رقابي يطلع بمسئوليته وفق ضوابط موضوعية، ويتميز الإعلام بقدرته على الرجوع إلى الحق عندما يستولي عليه ما يستولي على البشر من فوات وإيراد، وإذا لم نحفل بإعلامنا فإننا نفرغه من محتواه. وأبرز الوزير العيسى خلال كلمته المشتركات بين الإعلام والقضاء ومنها التسليم من الكل بحرية الإعلام واستقلال القضاء وحرمة الحياة الخاصة للمتقاضي. ومضى يقول "هذا هو الذي جعل الإعلام سلطة من سلطات الشخصيات الاعتبارية الخاصة المهمة التي تنضم تحت مظلة ترعاه وتسدد خطاه وتمنحها حرية مسئولة منضبطة وهي وزارة الثقافة والإعلام لأننا دولة مؤسسات". وطالب في معرض إشادته بالعلاقة التكاملية بين الإعلام والقضاء في إيصال الحقيقة بضرورة إيجاد الإعلام المتخصص لتلافي بعض الأخطاء التي قد تحدث من بعض وسائل الإعلام مدللاً ببعض الأمثلة للتعامل الإيجابي المتخصص في الأمور الحقوقية والقضائية التي لايمكن أن يتعامل معها الإعلام المتخصص ومن ذلك قدرة الإعلام القضائي المتخصص على التمييز بين الطرح المتعلق بالحكم القضائي الابتدائي والحكم القضائي النهائي وقدرته على التفريق بين الحديث عن الواقعة والحديث عن حكمها مشيرا الى ان تحليل الواقعة يختلف عن الحديث عن الحكم والسعي للحكم عليه وبرر ذلك قائلاً: إن الحكم القضائي متى اكتسب القطعية أصبح في عداد النظام العام الواجب التطبيق بموجب دستور الدولة وأنظمتها. السديري يؤكد عدم وجود حرية «مطلقة» في أي مجتمع بالعالم كلمة وزير الثقافة كما ألقى معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة كلمة قال فيها "نلتقي اليوم ونحن مازلنا تحت تأثير فيض من مشاعر الحب والوفاء رسمها أبناء هذا الوطن فرحاً بعودة قائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله حفظه الله ورعاه وهي مشاعر صادقة تعكس التلاحم القوي بين القيادة وابنائها وهي صورة فريدة يحق لنا من خلال وسائلنا الإعلامية أن نفخر بها ونبرزها للعالم". الزميل السديري مترئساً الجلسة الأولى وأشار إلى الدعم القوي الذي حظي به قطاع القضاء من قيادتنا الرشيدة والذي تمثل في مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير مرفق القضاء موضحا أن العلاقة بين القضاء والإعلام وثيقة فكلاهما يتتبع الحقيقة ويحاول إظهارها وكشف الممارسات الخاطئة والتصدي لها سعياً لتحقيق العدالة فهما سلطتان متكاملتان فالإعلام يعكس حراك المجتمع ويحدد مكامن الانحراف والقضاء يطبق أحكام الشريعة التي من شأنها إصلاح المجتمع. وأوضح معاليه أن مع التقدم الذي أحرزته ثورة الاتصالات والمعلومات تبدلت المفاهيم وتغيرت شروط اللعبة الإعلامية واختلفت صور الهيمنة فالفضاء أصبح مفتوحاً وتهاوت الآليات القديمة للحجب والمنع والقسر وحين أطلت على الكون الشبكة العالمية للمعلومات (الإنترنت) أصبح شكل العالم مختلفاً وسرعان ما وجدت الجماهير في التقنيات الإعلامية الجديدة التي تتيحها الشبكة العالمية للمعلومات وثورة الهواتف الجوالة الذكية والأجيال الحديثة للحواسيب المحمولة المتناهية في الصغر وجدوا في تلكم الوسائط الحديثة ما يعبر عن أصواتهم وآرائهم ومعتقداتهم كما هي فكانت المدونات والصحف الإلكترونية والثورة الأحدث هي المعبرة عن شرائح أكبر وأوسع. وأضاف "ولعل العاملين في قطاع الإعلام يشاركونني الرأي بأنه مهما تم من سن قوانين للعمل الإعلامي فإنها دائماً في حاجة إلى تعديل وتطوير لتساير التطور الهائل في تكنولوجيا المعلومات الذي لا يعرف حدوداً". وشدد معاليه على أن القاعدة الذهبية التي لا تتغير في صناعة الإعلام هي إحساس القائمين على العمل الإعلامي بمسؤوليتهم الاجتماعية تجاه المجتمع الذي يمثلونه وهذا ما يجب أن نكرس له جميع جهودنا مستلهمين في ذلك قوله تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس) فخيرة الأمة لا تحقق إلا بالتزامها بقيمها وثوابتها المستمدة من الشريعة السمحة وما السياسة الإعلامية للمملكة إلا نموذج فريد ومعين صاف يجسد حرص بلادنا على ما فيه خير الوطن والمواطن بل الإنسانية جمعاء. وزير الثقافة والإعلام يلقي كلمته كلمة اللجنة الوطنية للمحامين من جانبه أثنى رئيس اللجنة الوطنية للمحامين بمجلس الغرف السعودية الدكتور ماجد قاروب بالعمل القائم بين وزارة العدل واللجنة الوطنية للمحامين كما نوه بجهود وزير الثقافة والإعلام في تطوير العمل الثقافي والإعلامي, ورعاية حقوق الملكية الفكرية في تطبيق واضح وأمين للسياسة الإعلامية التي تؤكد رسالة التثقيف والتوعية في مختلف المجالات لجميع شرائح المجتمع بعيداً عن الإثارة واللغط. كما شهد الاحتفال تكريم معالي وزير العدل للمشاركين في الملتقى. الجلسة الاولى إثر ذلك بدأت أعمال الملتقى بعقد ثلاث جلسات تناولت الإعلام وواقعه وضوابطه ودوره الوطني, والتوازن بين حرية الإعلام والمبادئ القضائية والنظامية, والتقنية وأثرها في الإعلام القضائي وقد استهل الجلسة الأولى التي ترأسها الزميل رئيس التحرير الأستاذ تركي بن عبدالله السديري بكلمة نوه فيها بخطورة الإعلام وحساسيته، وقال إننا في عالمنا العربي نستطيع أن ندين الإعلام بنصيب وافر؛ ما أدى إلى وضع العالم في مهب خلافات أو صراعات أو حتى حروب أهلية وهذا الاتهام ليس بالحديث وهو قديم. وأبدى السديري أسفه من أن أنواع الإعلام التي نزحت إلى الخارج العالم العربي لم تنزح إلى هناك كي تمارس حرية رأي بقدر ما ذهبت إلى هناك لتمارس تأجيج مصادر رأي وهو ما مثل مضاعفة للمشاكل التي عانى منها مجتمعنا وتعاني منها الدولة وأضاف: نحن مجتمع يتميز حقيقة باختلافات كثيرة عن عالمنا العربي فلدينا الانتماء العربي الموحد تقريبا ولدينا الثروات القادرة على تحويل المجتمع الى مجتمع راق ومتقدم جدا على اعتبار ان النسبة السكانية لدينا ايضا المعتدلة ليست بالكثيرة المنهكة ولا بالقليلة التي لا تستطيع أن تؤدي أدوارا متعددة حيث تتراوح بين ثمانية عشر مليونا وعشرين مليونا وهي نسبة نموذجية كما ان لدينا ثروات هائلة اكثر مما نحتاجه الآن إذ إننا نحتاج في مثل هذه الحال اذا كنا نبحث عن مجتمع عادل وقيادات فرعية عادلة في اداء هذا الدور فاننا ايضا نحتاج الى اعلام موضوعي ومتعقل وقادر على خدمة مجتمعه، ولفت السديري الى كلمة الحرية التي اوضح انها تختلف من مكان الى آخر ومن ظروف الى اخرى ومن بيئة الى اخرى، مشيرا الى انه ليس هناك أي مجتمع في العالم كله يحدد بوجوب حرية مطلقة حيث ان هذه الكلمة قد تتناول ايجابيات في المجتمع وقد تسيء الى المجتمع شعوب زحفت الى الأمام وتقدمت واستطاعت ان تفرض نفسها كدول عظمى من بينها الصين والهند ولكن بقيادة اعلام ذي ولاء لمجتمعه ذي مشاركة قيادية في تطوير مجتمعه. وقدم الأستاذ عبدالرحمن الهزاع وكيل وزارة الثقافة والاعلام المساعد لشؤون التلفزيون ورقة بعنوان "ضوابط التناول الإعلامي" حذر فيها من شخصنة المواضيع وممارسة التجريح الشخصي في التناولات الإعلامية وطالب الاعلاميين بضرورة توخي الدقة والموضوعية في الطرح حتى نستطيع ان نقدم اعلاماً مسؤولاً وواعياً ويؤدي ادواره المجتمعية بكل ايجابية. خالد المالك مترئساً الجلسة الثانية بعدها قدم الدكتور عبدالرحمن الهدلق مدير ادارة الأمن الفكري في وزارة الداخلية ورقة تركزت على اسلوب الطرح الإعلامي منوهاً بأهميته في اوقات الأزمات واشار الى فشله الذريع في بعض الدول التي واجهتها اضطرابات ومشاكل واصفاً هذا الطرح بالبدائي البعيد عن المصداقية كما تناولت الورقة اشكاليات عديدة تواجه الاعلام بجميع وسائله سواء من حيث عدم تأهيل الكثير من المنتسبين اليه او من خلال نقل الحقائق مشوهة او مغلوطة. بعدها القى الأستاذ محمد فرج التونسي رئيس تحرير صحيفة عكاظ ورقة بعنوان "القيم الأخلاقية في الوسيلة الإعلامية"، استعرض فيها هموم الصحف المحلية في تناولاتها المختلفة وما قد يتعرض له المحرر من عقوبات وغرامات كبيرة قياسا بضآلة مرتبه في الوقت الذي تصدر عليه تلك الغرامة دون مناقشته او اعتماد ما لديه من وثائق تؤكد صحة الخبر او التحقيق المنشور. اما "واقع العمل الإعلامي" فكانت ورقة للدكتور ماجد الماجد نائب رئيس تحرير مجلة الدعوة اشار فيها الى وجود تباين في مواقف المتابعين للشأن القضائي من حيث التناول الإعلامي للقضاء ومتعلقاته، مشيرا الى انه لا تعارض بين المؤسسة العدلية وحرية الإعلام المسؤول على الإطلاق، مع استحضار دائم لمسؤولية الإعلامية في الأداء المهني المحترف، فهي حين ممارستها ومراعاة مبادئها، لا تمثل تحديداً أو تقييداً للإعلام، وإذ يمارس الإعلامي الإعلام المسؤول يدرك أن نشر الحقيقة يجب ألا يسهم في الإضرار بالجهاز القضائي ولا تشويه الجهات العدلية وبالتالي إضعاف القضاء. الجلسة الثانية وترأس الاستاذ خالد المالك رئيس تحرير صحيفة الجزيرة الجلسة الثانية التي جاءت بعنوان (التوازن بين حرية الاعلام والمبادئ القضائية والنظامية)، حيث قدم الشيخ يوسف الفراج القاضي بوزارة العدل ورقة حول حرية الاعلام واستقلال القضاء والمحاكمة العادلة أكد فيها ان حرية الاعلام حق فطري لكل شخص إلا أن هذا الحق في حدود الاتفاقيات حيث يجوز اخضاع الحريات لبعض القيود. وأوضح الفراج أن القضاء سلطة مستقلة في المملكة، مشيرا الى ان جلسات المحاكمة يفترض فيها ان تكون علنية الا ان هنالك قيودا يجوز معها منع الصحافة والجمهور من حضورها. ولفت إلى انه لا يجوز التقليل من هيبة القضاء وتشكيك الناس فيه من خلال نشر بعض الاحكام الجزائية واغفال بعض الجوانب مما يشكل على الناس لأن العبرة هنا بما يثبت للقضاء وليس بما يظهر للإعلام موضحا ان قدر القضاء انه محافظ وتقليدي وقدر الاعلام انه غير تقليدي ومنطلق ولا يريد ان يقيد لذا سيكون هنالك تقاطع وتداخل بينهما. بعد ذلك تحدث الشيخ الدكتور عيسى الغيث القاضي بوزارة العدل عن الحرية الاعلامية المفهوم والضوابط أكد فيها حاجة المجتمع للاعلام في عالم اليوم عالم الصحافة مستشهداً بأحداث تونس ومصر وليبيا والحرية الاعلامية التي اصحبت من المسلمات الشرعية. جانب من حضور الملتقى وأضاف الغيث أن هنالك فرقا بين مقال ينشر في جريدة ورقية لديها رقابة ذاتية وداخلية وبين مشاركات منفلتة على تويتر او الفيس بوك او المدونات وغيرها لافتاً في هذا الصدد الى خلو الساحة من المرشد خصوصا والمجتمع غالبيته من الشباب. وتناول الغيث مسألة سرية الجلسات مبيناً أنه طالما لم يصدر القاضي قرارا بسريتها فليس من حقه محاسبة الصحافي على نشر ما جاء فيها، ودعا في ورقته لميثاق شرف إعلامي تتبناه هيئة الصحفيين لتنظيم هذه العلاقة بين الجهتين. المشاركون في الجلسة الثالثة من جانبه أكد الدكتور فهد العنزي عضو مجلس الشورى والاستاذ المساعد في جامعة الملك سعود في ورقته بعنوان حرية الاعلام وحقوق المتهم ان النظام الاساسي للحكم لم يذكر حرية التعبير بشكل صريح الا انه نص على حرية التصرف التي تشمل حرية التعبير موضحا انه من حق المجتمع ان يطلع على سير العدالة في قضية ما. وتحدث العنزي في مشاركته عن حرية الاعلام والحقوق الخاصة بالمتهم التي يجب مراعاتها. ووصف الدكتور هادي اليامي نائب رئيس لجنة المحامين بغرفة ابها وعضو هيئة حقوق الانسان العلاقة بين الاعلام والقضاء بالجناحين المتلازمين لتحقيق مبدأ العدالة، مشيرا في ورقته حول حرية الاعلام وحرمة الحياة الخاصة للمتقاضين الى ان الاعلام احد اهم ادوات الدول الحديثة لتوجيه الشعوب نحو المصالح والقيم مؤكدا في حديثه على ضرورة وجود علاقة تكاملية بين القضاء والاعلام. الوزير خوجة: شروط اللعبة الإعلامية تغيرت وتهاوت معها آليات الحجب والمنع القديمة الجلسة الثالثة وترأس الدكتور عبدالعزيز الحسن مدير الادارة العامة للتطوير الاداري بوزارة العدل الجلسة الثالثة للملتقى التي تناولت التقنية واثرها في الاعلام القضائي. وتحدث فيها الدكتور مساعد المحيا من جامعة الامام عن الاعلام المرئي والمسموع ومميزات كل وسيلة داعيا لعقد ورش عمل للاعلاميين لرفع مستوى الثقافة القانونية لديهم على ان تعمل وزارة العدل كذلك على وضع قضاة كمتحدثين رسميين في كل منطقة. بعد ذلك ألقى عبدالله الحرازي مدير التحرير بصحيفة المدينة ورقة نيابة عن الدكتور فهد العقران رئيس تحرير صحيفة المدينة بعنوان الصحف الورقية ومواقعها الالكترونية أكد فيها على الحاجة المتبادلة بين القضاء والاعلام لبلوغ غاية كل منهما للكمال مشددا على ان تحقيق العدالة مقدم على سواها وطالب بتعيين متحدث رسمي للعدل يعقد مؤتمرا صحفيا دوريا حسب الضرورة إضافة الى ناطق رسمي في المناطق لاطلاع الاعلام على ابرز القضايا وما صدر بشأنها. واختتمت جلسات اليوم الاول للملتقى بورقة للدكتور عبدالرحمن النامي وكيل قسم الاعلام بجامعة الامام محمد بن سعود تحدث فيها عن الصحف الالكترونية ومواقع الانترنت ودعا فيها لاستقطاب الكفاءات المؤهلة في النشر الالكتروني لتفعيل الدور التقني لبناء جسور تفاعلية وتواصلية مع المجتمع. وتناول النامي في مشاركته بدايات الانترنت وتطورها وأشار الى ان الصحف الالكترونية تفتقد المعايير المهنية في جوانب النشر. هذا وتستكمل اليوم جلسات الملتقى بعقد ثلاث جلسات يعقبها جلسة ختامية لإعلان التوصيات. د. العيسى ود. خوجة خلال افتتاح الملتقى