العاصمة الرياض تسترد أنفاسها بعد طول ترقب وانتظار لعودة القائد المظفر - بإذن الله - والمملكة بأكملها فتحت ذراعيها مرحبة مستبشرة بمقدم فارسها المحبوب، والوطن كل الوطن التحم بمشاعر فياضة لمعانقة ملك القلوب وقد شغف الأفئدة والنفوس حباً وشملها إنسانية وعطفاً، ففاضت المشاعر وذرفت الدموع تأثراً في لحظة عظيمة حينما حل العزيز على ديرته التي عشقها وأعطاها صحته وراحته، وعلى شعبه الذي أوفى له فكان هذا التلاحم الفريد الذي ظهر جلياً في أبى صوره وأصدق معانيه. لقد تأثر الوطن بأكمله بالوعكة الصحية الطارئة التي ألمت بحبيب القلوب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - أطال الله عمره - حيث تضرعت الأكف إلى الله عزَّ وجلَّ أن يزيل هذه الغمة، وقد استجاب الله لهذه الأكف المتضرعة فعجل بالشفاء وها نحن والوطن نستقبل ملك الإنسانية بعد غيبة علاجية حسبناها دهوراً وقد قيض الله سبحانه وتعالى لنا هذه العودة الميمونة لمليكنا المفدى لمواصلة سعيه الدؤوب من أجل هذا الوطن الذي أحبه وعشقه وأولاه كل جهده ووقته لكي يسمو به إلى هامات السحب عملياً وفكرياً واقتصادياً واجتماعياً. ويكفينا فخراً واعتزازاً تلك المشاعر الصادقة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - يحفظه الله ويرعاه - وهو يقول عند بيعته الميمونة: (أعاهد الله ثم أعادهكم أن اتخذ القرآن دستوراً والإسلام منهجاً وأن يكون شغلي الشاغل إحقاق الحق وإرساء العدل وخدمة المواطنين كافة بلا تفرقة ثم أتوجه إليكم طالباً منكم أن تشدوا أزري وأن تعينوني على حمل الأمانة وأن لا تبخلوا عليَّ بالنصح والدعاء). قال الحكماء: إذا أراد الله بعبده خيراً ألهمه الطاعة، وألزمه العدل، وعضده باليقين، وقالوا: نصرة الحق شرف وكل امرئ يعرف بقوله ويوصف بفعله، ومن حسن صفاؤه وجب اصطفاؤه، كما قالوا: ومن رقي في درجات الهمم عظم في عيون الأمم. إن الله تعالى أمر بالعدل فقال تعالى: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) صدق الله العظيم. والعدل ميزان الله تعالى في الأرض، وأن عدل الملك يوجب محبته وطاعته، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (عدل ساعة خير من عبادة سبعين سنة). ومن قول الله تعالى وقول الرسول صلى الله عليه وسلم، كان الملك عبدالله - يحفظه الله - عادلاً محسناً برعيته مخلصاً وفياً لتراب وطنه، كما كانت وما زالت المملكة العربية السعودية التي خصها الله بقبلة المسلمين والحرمين الشريفين هي الملاذ الآمن لكل من سعى إليها طالباً الأمن والأمان، كما ظلت الأنموذج المثالي لعلاقة طيبة نادرة بين المواطن وقيادته تحت مظلة شرع الله وسنّة رسوله عليه الصلاة والسلام، ومن هنا استقر الارتباط جلياً في كل مناسبة دينية أو وطنية، والدلالات كثيرة في هذا التفاعل العفوي النادر بين المواطن والقيادة على المستويين الإنساني والوجداني ومن اهمها المحبة الصادقة والثقة الموروثة بين القيادة والقاعدة الشعبية والتي تتشكل في مسيرة الحياة اليومية النابضة دوماً بالنماء والازدهار، ما جعل المواطن ينعم بحياته تحت مظلة العدل والأمن والأمان. لقد ألهم الله عزَّ وجلَّ هذه البلاد الطاهرة بقائد أحبته النفوس وارتاحت له القلوب، وهو صاحب السيرة العطرة سياسياً واجتماعياً وإنسانياً. نسأل الله أن يحفظ بلادنا الطيبة وقادتها المخلصين الحريصين الغيورين - وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - يحفظه الله ويرعاه - على أن تكون المملكة العربية السعودية رقماً مهماً في دفتر العالم الكبير، أهلاً وسهلاً بك في ديرتك الحبيبة يا صاحب العدل والإحسان والانصاف، وفي هذا المقام السامي لا يسعني يا سيدي إلا أن أقول: ثناؤك في الدنيا من المسك أعطر وحبك في النفوس جزيل موقر وكفك بحر والأنامل أنهر رعى الله كفتا في بحر وأنهر أعيذك بالرحمن من أي وعكة فلا زالت يداك تعطي وترحم لساني قصير في مدحك سيدي لأني فقير والفقير مقصر