الصور التي تضعها بين يديك وتدرك منها بعينيك ما ليس مماثلاً لما يدركه غيرك هي مختلفة تماماً عن الصور التي يحتفظ بها عقلك كمعلومة ثابتة ليس من السهل أن تبقى فيه لو لم تكن في كفاءة ذروة الوصول إلى العقل وتتكامل عاطفياً بما يفسره قلبك لما بها من تميزات انفراديات خاصة.. من منا ليس في عقله وقلبه حضور متعدد لصور معطيات تأسيس مجتمع متقارب القدرات والطبقات وبالتالي متزامل المسار للخروج من تقليدية الركود العربي وأيضاً الخروج من شتات وتباين قدرات العالم الثالث.. للملك عبدالله.. الذي ينفرد عالمياً وليس عربياً فقط بانفراد تعدد صور التألق علمياً وحضارياً وثقافياً في عقولنا وقلوبنا.. له هذا الحضور الذي يختلف به عن أي كفاءة قيادية أخرى.. إن قلنا في العالم الثالث.. فلأنه لم يقبل بالركود ولا بالحلول السهلة كي تكون هناك واجهة مجتمع ولا يكون مهماً من هو خلفها.. وإن قلنا في العالم المتقدم فإن الملك عبدالله قد حقق انفراداً استطاع به مجتمع لا يفصله عن حياة البادية من السنوات ما يزيد عن الستين عاماً ولا عن التباين ما بين تصور حياته الاجتماعية على مواصلات الجمل ودفء بيت الطين وقدرة شارع لا يتجاوز عرضه الأربعة أمتار.. والشك ما إذا كان الفاكس وسيلة شيطان ثم إذا به يمتلك تميزاً عن أي مجتمع عربي آخر. الخمسة والثلاثون جامعة علمية معظمها تقني رائع، وتتعدد في صحارى الأمس وجفافها مواقع التصنيع الجديدة، وتعدد ميلاد قدرات مواقع الاقتصاد الاجتماعية بكفاءة شركات أهلية وبنوك تميز خاص.. ولذا فالزمن الذي خرجنا به من بداوة الماضي ومحدودية الامكانيات لم يكن طويلاً كما هو عند الآخرين، لكن ربما بيننا الآن شيوخ سن متقدم عاشوا تلك المرحلة.. لن أنسى مهندساً من السويد كان جاري في شمال المربع وفي جلسة غداء.. قال لي: أنتم سعداء أكثر منا.. قلت له: هذا مستحيل.. قال: بل صحيح.. فأنا وأولادي وربما جدي لم يعش أي واحد منا مراحل تطوير المجتمع ونزوحه من بساطة الامكانيات والقدرات إلى مرحلة حداثة التغيير والتطوير.. أنتم.. جيلكم.. محظوظ بذلك.. الملك عبدالله في قراراته التطويرية لم يكن يضيف بقايا مطلوب بقدر ما هو يؤسس بدايات أكثر من مطلوب، حتى رسخ حقيقة تميزنا عن غيرنا أوسطياً.. نحن نتحدث عن أنفسنا بتعدديات مشاريع التحديث والتطوير المتنوع فيما غيرنا يروي.. كيف كان.. وكم يتمنى أن يعود إلى ما كان.. أما نحن فننتقل بقيادة الملك عبدالله بقدرات مجتمعنا إلى أولويات متعددة ومتنوعة الغايات والنتائج.. قرارات يوم أمس الرائعة.. ليست إجراء مرحلياً لمعالجة حالة احتياج إليها، ولكنها اتجاه حكيم وبسخاء بالغ لكي تتم تلبية احتياج تطوير الحياة الاجتماعية بما وفرته القرارات من بلايين وصلت إلى الأربعين والثلاثين بليوناً، وامتدت قرارات أخرى إلى مواجهة غلاء المعيشة وكذا الضمان الاجتماعي وأوضاع مديوني القروض والشؤون العقارية.. ويرافق أهمية ما سبق توفير جهات رقابة تتابع مهمات الأداء.. الملك عبدالله ليس في عزلة قيادة مثلما هو حال معظم قادة العالم الثالث، ولكنه في بساطة وموضوعية وعواطف حضور اجتماعي شامل.. هل نسينا كيف ذهب إلى الفقير في بيته وشرب القهوة معه؟.. أليست باقية في أذهاننا صوره عندما تفقد بعض مواقع تجارية مهمة في الرياضوجدة والخبر.. كيف يتجاوز التنظيم الرسمي لدروب تنقله عندما يرى أن مواطنين ومواطنات قد ارتصوا في مصعد أو زاوية ساحة بعيدة عنه فيخرج من رسمية المسار ويتجه إلى المواطنين والمواطنات الذين فوجئوا بوجوده فكانوا يعبرون بأكفهم عن فرحهم بمشاهدته ثم إذا بتلك الأكف تلتصق بكفه عبر مصافحات تقدير متبادل..