** عندما تسيطر القيم الاخلاقية والانسانية على السلوك العام.. فإنها تنتج أفعالاً وتصرفات راقية.. رقيّ من تصدر عنه.. وتعبر عن نسيجه الأصيل.. وتكوينه الذي يتحكم في قراراته .. وفي تحديد خطواته بكل حكمة واتزان وسمو.. ** وهذا ما فعله الجيش المصري.. ** وهذا ما جسده (المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية).. ** وهذا ما أكده أبناء مصر الكبار الذين تمكنوا من إدارة الأزمة الخطيرة التي مرت بها بلادهم منذ الخامس والعشرين من شهر يناير الماضي وحتى يوم أمس الجمعة الحادي عشر من شهر فبراير من العام الحالي.. ** فالجيش الذي وصل إلى قمة السلطة.. بعد أداء سياسي رفيع يتسم بالحكمة والحنكة ويُغلَّب المصلحة الوطنية العليا.. هذا الجيش قدم نفسه أيضاً على نحو أخلاقي وحضاري رفيع.. عندما عبر في بيانه الثالث عن (كل التحية والتقدير للسيد الرئيس محمد حسني مبارك على ما قدمه في مسيرة العمل الوطني حرباً وسلماً وعلى موقفه الوطني في تفضيل المصلحة العليا للوطن) .. بتنحيه عن السلطة.. كما ورد في صلب البيان.. ** هذا النموذج القيمي الخلاق.. لم يكسب (عسكر) مصر.. محبة المصريين فحسب.. وإنما نال احترام وتقدير كافة شعوب العالم الأخرى أيضاً.. ** فالرئيس مبارك.. وإن تحمل نتيجة أخطاء بعض عناصر النظام.. واعترف بها قبل رحيله .. هو مبارك الذي قدم لبلاده الكثير سواء في حرب 1973م.. أو في تحمله لمقاليد السلطة في أعقاب اغتيال الرئيس أنور السادات في حادثة المنصة عام (1981م) .. أو بعد ذلك عندما جنبها الدخول في حروب إقليمية عديدة كادت مصر العربية تنجر إليها.. ** وأنا هنا لا أدافع عن الرجل.. فقد رحل بكل ما له وما عليه ولكنني أشير إلى السلوك الحضاري والاخلاقي الذي كان عليه (عسكر) مصر في التعامل مع شعب مصر.. ورئيس مصر السابق.. ووصلوا معه إلى أعتاب السلطة.. ليس بقوة الحديد والنار وفوق ظهر الدبابة كما هو المعتاد في الانقلابات العسكرية التي عرفناها في السابق ، وإنما جاءوا إليها فوق قلوب الشعب المصري واحترام كافة دول وشعوب الأمة والعالم.. لأنهم اثبتوا أن هذه الأمة بخير.. وأن فيها رجالاً قادرين على حملها إلى المستقبل الأمثل بمسؤولية وباقتدار تام! .. على تقديم نموذج حكم وطني ينبع من الداخل العربي الأصيل ولا يستورد من الخارج.. وان هذا الحكم ينشد إعادة بناء الوطن وإعزاز الشعب وليس تسخيره لخدمة أجندات وحسابات أخرى.. وأنه يعمل بكل إخلاص على ترسيخ قواعد الشرعية والحكم الدستوري تجسيداً للديمقراطية الحقة.. وتعظيماً للدور الطليعي الذي قدم معه الشعب المصري نفسه للعالم كنموذج للإرادة الفاعلة في إحداث التغيير إلى الأفضل.. ** ولاشك ان المنطقة العربية قد دخلت - بعد اليوم - مرحلة جديدة من العمل الجاد نحو معالجة كافة الأوضاع المختلة فيها.. وتصحيحها وتجنب المزيد من الانهيارات في مجتمعاتها .. وهي مرحلة دقيقة ومهمة.. تُرتب على دولها وشعوبها مسؤوليات جسيمة.. للانتقال إلى المستقبل الذي تطمح إليه وتتطلع إلى تحقيقه.. وإن هذه المرحلة تتطلب درجة قصوى من التجرد ونكران الذات.. والاخلاص للمصلحة العليا.. والعمل من أجل الأوطان أولاً وأخيراً. *** ضمير مستتر: **(العرب ليسوا بحاجة إلى المزيد من الكوارث والأزمات والأهوال.. وإنما هم بحاجة ماسة إلى تعظيم الأوطان ومعرفة قدر الشعوب).