اليهود في اليمن هم عرب أَقحاح خُلّص ينتمون إلى قبائل عربية ، وقد هاجر كثير منهم إلى إسرائيل ، ولم يبق منهم سوى القليل. فقد كان يهود اليمن يمارسون طقوسهم الفنية بحُرية مطلقة ، وكانوا يقيمون الأفراح والليالي الماجنة لأنهم الوحيدون المسموح لهم تناول الخمور دون تدخّل من السلطة ، وقد حصل نتيجة الاجتماع مع اليهود رغبات الاقتران بيهوديات ، فقد أحبت يهودية مأربية أحد المسلمين ، ووسط احتجاج أهلها قالت لها والدتها : ما غرّكِ يا صبيب الجانية في عيشة البدو يا عيشة كلاب فأجابت البنت : أعجبني المال ذي هو مندهق* والبيت ذي هو مطرّز بالحجاب فنلاحظ هذا الطرق الذي على تفاعيل (مستفعلن فاعلاتن فاعلن) ، مايدل على أن ليهود اليمن تراثهم وآدبهم التي حافظوا عليها أصيلة ، وكان لهم بعض الموسويات الخالدة التي كانوا يتوارثونها جيلاً بعد جيل ومنها هذه التنبؤات التي نقتبس منها: استمعوا للسماء وسأتحدث ولتسمع الأرض أقوالي ويهطل كالمطر درسي وتنزل كالندى مقولتي كارتجاف أوراق العشب ورخاوة أوراق الحشيش! لاحظ الكتاب والمؤلفون في الأرض المحتلّة أن تراث يهود اليمن الحضاري والثقافي أشد أصالة من أية طائفة يهودية أخرى ، وهذا في حقيقته يعود إلى العزلة التي كانت تحكم شعب اليمن بكل فئاته دون تمييز ، فكان الأغلبية منقطعين عن الاتصال بالحضارات الأجنبية قديمها وحديثها فتمكنوا من الحفاظ على الأسلوب اليمني كما كان في الزمن القديم ، وهذا ينطبق فعلاً على أساليب معيشتهم وفي أزيائهم وفنونهم: غناءٌ ورقص أصيلان أصالة حِرفهم وعلى رأسها صياغة الفضة والذهب والتطريز ويشمل تطريز القماش إلى تطريز وتزيين أطباق القش ، وقد استمرّت نساؤهم في ممارسة التطريز والفنون الأخرى بعد تهجيرهم إلى الأرض المحتلّة . وقد تم تسجيل الأغاني اليمنية بكلماتها الأصيلة من قبل العديد من المختصين بدراستها وفي طليعتهم المؤلف العبري "مردخاي طبيب" الذي تناول هذه الفنون من مختلف جوانبها . وقد شكلت طائفة يهود اليمن فرقاً للرقص والمسرحيات والأغاني متخصصة ، منها فرقة "عنبال" المسرحية التي تشرف عليها "سارة ليفي تاناي" وقد نالت شهرة واسعة من خلال ما تقدمه من عروض مسرحية ورقص أجمع على أنها تتسم بالأصالة والتفرّد . يهودي يمني وقد احتلّت الأغنية اليمنية مكانة بارزة بين الفنون المحلّية والمصدّرة من الأرض المحتلّة كواحدة من "الفنون الإسرائيلية"!! وهي تردد الأغاني اليمنية بحرفيتها فتغني لصنعاء من الشعر الشعبي الحر على تفعيلة (مستفعلن) وتقول: ياليتني في باب صنعاء داخلي واشلّ محبوبي يسلّي خاطري والله القسم الهنجمة ما تنفعك ما ينفعوك أهلك ولا دولة تقوم ف حجتك والله القسم لا جرّ عطبه وارجمك! وارجم بروحي فوق روحك حتى على الله ما نعدمك! وتستمر في الأغاني الغزلية بكلماتها الرقيقة والناعمة على تفاعيل (مستفعلن فاعلن مستفعلن) وهو من الطرق المتداول في الشعرين الحميني والنبطي: ياليتني لك ، وياليتك لنا ياليت واهلك يبيعوك مننا قلبي هواوي وعاطش ما روى يا فن الأفنان يا صيني ملان كم با تمنى عليك يطول زمان وتنتقل إلى المغناة بكلماتها الغزلية الفخمة التي تتأرجح بين الكلمات المباشرة وغير المباشرة الصريحة أحياناً ، وبالاستعارات والتورية أحايين ، وهذه إحدى الأغاني اليمنية التراثية على وزن (مستفعلن مستفعلن مستفعل) وهو أيضاً من الطروق المتداولة كثيراً في الشعرين النبطي والحميني: ياريت والله والكلام كلامي واتصيّدك يا فرخ يا حمامي يا الله رضاك شيخ الطيور بكّر وأنا مراعي للدقيق الأخضر قل لي سلام وآنا مسافر يوم شلّيت روحي ما هدا لي النوم صورة قديمة ليهود يمنيين وتضم المجموعة أغاني الغربة والحنين إلى الوطن من وزن (مستفعلن فعلن): ياريتني طيروا واصلي للباب وا ياطير يا سارح سلّم على الأهل ولا تخرج الأغنية اليهودية المعاصرة عن الأصالة وأسلوب الأغنية اليمنية التراثية التي يبدأ مطلعها بذكر الله والتقرّب إليه وإلى طاعة الوالدين ورضاهما ، وهي تأتي أحياناً مجزوءة الطرق لكنها من الألحان المشهورة في الشعرين الحميني والنبطي ، وفي مطلعها يتبيّن أنها على وزن (مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن): ابدع بمن هو على الدنيا تولاها خالق نجوم العشا الباكر يلقّاها يا ماه لشّ العافية يا اللي بزيتيني وهناك العديد من أغاني الحب ومناجاة الحبيب ومعاتبته ، والاعتراف له بالتصريح عن حقيقة المشاعر تجاهه ، وهي من نفس اللحن أعلاه: أهلاً حبيبي أنا في بابكم جالس شلّيت روحي وعقلي ما بقي لي حس حبيبي الحب واللغني وإن كان مني حماقة الخل بنساني سر لي مع الغاربة عيون الوالدة بلاد أرضنا وأبدع بأصحابنا وبعد التهجير مازالت تغني الفرق الفنية اليهودية الأغاني اليمنية التراثية التي لا زال الأطفال اليمنيون يغنونها حتى يومنا ، ومن أبرزها الأغنية التالية التي جاءت على وزن (فاعلاتن) وهي أيضاً من الألحان الشهيرة في الأشعار النبطية والحمينية: ياهزلي قد نزلت اليوم أصلّي تحت رمانة كبيرة تحت عناقيد الحظيرة وعندما يغني الفنانون أو المطربون اليهود من كبار السن أي أنهم من مواليد اليمن ، فيلتزمون اللهجة الكاملة في بعض الأغاني ، وفي أغنية "يوم الأحد" تدرك أن الفنان جمع كلماتها من الذاكرة ، فلا بد أن تسقط أو تستبدل بعض الكلمات الأصيلة بما يناسب في الأغنية التالية التي جاءت على اللحن الحميداني المشتهر عند الحمينيين والنبطيين الذي هو على تفعيلة (فعلن): يوم الحد في طريقي رأيت حبيبي قلبي تجاهي حبيب وينك سارح قال: أنا سارح بلادي مرحبا أهلاً وسهلاً مرحباً إلى بيت سيدي الحبيب جاء رقدانا هو رسول من عند ربي افتحوا الديوان يا باه * مندهق: يعني متدفق وهي لغة سبئية