لم تكن تتوقع موظفات مركز الرعاية النهارية التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية بجدة أن السيول العارمة التي غمرت حي بني مالك الذي يتواجد به المركز الذي بقين فيه وقت هطول الأمطار الى أن ينقضي يوم العمل لم يتوقعن ان السيل العارم سوف يجتاح المركز ايضا ويغمره بالمياه وكاد ان يتسبب في حدوث ماس كهربائي مما اضطرهن وعاملات الشركة الى مغادرته والخروج برفقة الحارس للشارع للبحث عن مكان آمن قريب من المركز، ولكن للأسف الشديد كان المركز محاطا بمياه غزيرة كادت ان تغرقهن فكان الملجأ الوحيد هو فندق مجاور جدا للمركز وحين وصلن كان الباب مقفلا وبعد إلحاح شديد فتح لهن باب الفندق واستقبلهن العاملون وأدخلوهن المسجد الخاص بالفندق، ولكنهن لم يجدن المساعدة المرجوة.. «الرياض» التقت بالموظفات وتحدثن عن معاناتهن مع السيول. وقالت نجلاء راجح وسحر امام ونجاة الينبعاوي وعلية الصحفي وسالمة الدوسري وفوزية الزهراني أنهن لم يتوقعن وصولهن الى الفندق سالمات، ولولا فضل الله تعالى ثم بمساعدة الموظف حسن الحرازي الذي مهد الطريق بالسير أمامهن خوفا ان تسقط إحداهن في الحفر العميقة التي أحدثتها الامطار. وعندما وصلن للفندق لم يدخلنه، بسهولة وقالت الموظفات أنهن بقين في الفندق أكثر من 24 ساعة بانتظار أولياء أمورهن الذين تعثر وصولهم لحي بني مالك نظرا لسوء الشوارع المؤدية للمركز. نفق شارع الملك وسط جدة مليء بالسيول في حي الشرفية الموظفات المصدومات الى الآن عشن معاناة مع السيول ساعات طويلة وشكرن الله تعالى ان الاطفال المتدربين بالمركز كانوا في إجازة. ومن جانبها ايضا تحدثت مديرة المركز زينب بنت احمد الصومالي عن معاناتها مع السيول قائلة: كنت في دورة بالشؤون الاجتماعية وأثناء خروجي من الدورة متجهة الى المنزل برفقة السائق كان المطر يهطل غزيرا ولم أتوقع ان السيل سوف يواجهني بمجرد خروجي من مبنى الشؤون أحاط بي السيل من كل جانب وتوقفت السيارة عن السير فاضطررت للخروج بسرعة ولجأت لفندق قريب وبقيت فيه واتصلت بشقيقي هاتفيا لكي ينقلني للمنزل، ولكن للأسف تعثر وصوله لسوء الأحوال الجوية وسوء الطريق فمكثت في الفندق الى اليوم التالي بعد ان دفعت نصف مبلغ إقامة يوم لأنه لم يكن في حقيبتي سوى هذا المبلغ واكتفيت بالغرفة بدون طعام الى اليوم التالي حتى حضر شقيقي وأخرجني من الفندق الذي لم يتنازل أيضا عن عشرين ريالا ثمن الماء. امطار غزيرة احاطت بمركز الرعاية النهارية بجدة من جانبها قالت الموظفتان مشاعل الحمودي وعالية الحارثي: لقد حوصرنا من السيول في شوارع رئيسية بجدة حين غادرنا المركز ولجأت مشاعل لشركة قريبة احسن الموظفون استقبالها وبقيت في الشركة الى ان حضر شقيقها بعد انتظار طويل وأعادها للمنزل. وبالمثل عانت عالية الحارثي من الفزع الشديد حين احتجزت بالقرب من عمل شقيقتها ولم تصلا الى المنزل الا بعد مجازفة كبيرة مع السيول. من جانب آخر تحدثت المعلمة في المرحلة المتوسطة التابعة لرئاسة تعليم البنات بجدة فريال بامحفوظ فقالت: منذ ان شعرت اثناء الاختبار أن المطر يسقط وارتعبت الطالبات كثيرا وأخذنا نهدئهن، ولكنهن أصررن على ترك قاعات الاختبار والخروج للاتصال بذويهن، فكان ذلك وما أن اشتد المطر الا وباقتنا سيل جارف على إثره سقطت الاشجار واللوحات التعليمية الموجودة في فناء المدرسة، شاهدنا هذا ونحن نحاول ان نلملم أنفسنا ونستعد للخروج من المدرسة وهيهات ففناء المدرسة لا نستطيع غمر بالماء الكثيف فلم نستطع عبوره ولم يكتف بماء المطر، بل أضيف اليه سيل جارف جاء من خارج المدرسة عبر الابواب الكبيرة حتى امتلأ فتوقفنا وزميلاتي المعلمات والطالبات نشاهد هذا السيل الجارف من أين أتى ليس لنا مخرج الا البوابات، ولا يمكن الوصول اليها الا بعبور السيل فانتضرنا عدة ساعات حتى يخف كثافة الماء، فوجدنا ممرا أقل كثافة فساعدنا الطالبات في العبور نحمل بعضا منهن ونمسك بأيدي الأخريات اللاتي تملكهن الرعب والخوف أصواتهن وما ان وصلن الى الباب الرسمي للمدرسة نحاول الخروج وجدناه قد أوصد بشجرة كبيرة سقطت وعجز الحارس عن ابعادها بالرغم من مساعدة أولياء الأمور، الا ان السيل الجارف أخر قواهم وشاهدناهم وهم يحاولون دون جدوى، فاستسلمنا للبقاء داخل المدرسة حتى يفعل الله ما يريد وبقينا فيما يقارب 6 ساعات حتى تمكن أولياء الأمور من ربط الشجرة بشاحنة كبيرة وقاموا بسحب الشجرة الضخمة التي سقطت من شدة السيل والرياح العاتية وما ان تم رفعها الا وباغتنا سيل جارف مفزع وخطير أعجز عن وصفه فاحتمينا نحن والطالبات في الادارة لأنها في الدور العلوي وبقينا 6 ساعات أخرى حتى حضر رجال الدفاع المدني وأخرجونا. وفي طريق العودة عانينا الأمرين الشوارع مغمورة تماما بالسيل عشنا في قلق ورعب حتى وصلنا الى منازلنا في اليوم التالي. موظفات الرعاية النهارية والمعلمات اللاتي يعشن الصدمة الى الآن يطالبن بإيجاد حل سريع وجذري للحد من مشكلة السيول التي تهطل على محافظة جدة لأنها أصبحت مصدر هلاك للأنفس وشتات للأسر ودمار للممتلكات. مواطن يحمل أبنه من السيول