المتابع لمسيرة ماجد المهندس سيلاحظ اعتماده المطلق على الفلكلور العراقي في نجاحاته السابقة، حيث كانت أنجح أغانيه هي تلك التي سبق أن تغنى بها مطربون كبار من قبله مثل سعدون جابر الذي قدم أغنية "ميجنا" ليعيدها المهندس في ثوب جديد محققاً من خلالها انتشاراً عربياً لم تحققه أي من الأغاني الخاصة به. بل حتى أغانيه الخاصة التي يقدمها في كل ألبوماته نجد أن ألحان بعضها مأخوذة من الأغاني الشعبية السعودية مثل ما فعل في أغنية "ما صدقت" التي أخذ مذهبها الأول "ما صدقت نتلاقى انا ماني مصدقني.. حابس فرحتي فيني خوف عيوني تخدعني" من جملة لحنية كان قد قدمها فهد بن سعيد رحمه الله في العام 1967م باغنية «يمين والله يمين» ثم اعاد في متوسط الثمانينات الميلادية عندما ركب كلمات اغنية "ما تقولنا صاحب" التي تغنى بها طلال مداح على نفس لحن يمين. سعدون جابر وذات الأمر يصدق على أغنية "حمودي" التي لحنها المهندس اعتماداً على روح فلكلورية عراقية كما أن كلماتها قد لا تكون مناسبة لأن يغنيها رجل نظراً لكونها "غزلٌ" في مذكر ينبغي أن لا يصدر إلا عن أنثى، حتى لو قيل أن المقصود بها ابنه الصغير "محمد" إلا أن سياق الكلمات لا يوحي بذلك لمن يسمع الأغنية للوهلة الأولى. على أي حال، يبقى اعتماد ماجد المهندس في نجاحاته الأكبر عربياً على الأغاني التراثية فقط، ولم نكن نتمنى أن يغرق في بحر الألحان الشعبية، من دون أن يقدم إبداعاً خاصاً فيه، إبداعاً خالصاً، يضيف شيئاً من خلاله لمسيرته الغنائية. ويبدو أن عدم تقديمه لأغانٍ جديدة هو سبب عدم اهتمام مهرجان "ليالي فبراير" بدعوته في بادئ الأمر، وقد قال أحد المسئولين عن المهرجان خلال المؤتمر الصحفي الذي أقيم في يناير الماضي "بأن الفنان المهندس لن يكون في المهرجان لأنه أبلغهم بأنه لا يملك الجديد ليقدمه للجمهور"، رغم أنه شارك قبلها بأيام في مهرجان الدوحة!. ليتم الإعلان بعد ذلك بأنه انضم أخيراً لقائمة فناني حفلات "ليالي فبراير" دون توضيح للمستجدات التي طرأت على وضعه كي يستحق التواجد في المهرجان؛ فهل اكتشف أن لديه أغان جديدة سيطلقها في حفلته المقبلة؟. فهد بن سعيد طبعاً التأويلات كثرت عن هذا الانقلاب المفاجئ في موقف المهرجان، فبعضهم قال إن لجنة "ليالي فبراير" لم توجه له الدعوة لأنه فنان عراقي لكن جنسيته السعودية التي حصل عليها مؤخراً هي التي شفعت له في النهاية ليتم التصريح له بالغناء في الكويت، هذا ما يردده العارفون بالأمور في الساحة الغنائية، لكني أرى الأمر أبسط من هذا التأويل، حيث لا يعدو أن يكون بسبب أن ماجد المهندس لم يعد يملك جديداً سوى إعادة بعث الأغنية التراثية العراقية أو استغلال الملحنين لصوته لتقديم أغان مأخوذة من ألحان شعبية سعودية، وقضية عودته لمهرجان "ليالي فبراير" قد تعني أن لديه جديداً غير ذلك، فهل سيفاجئنا في حفلته المقبلة بأغان من إبداعه الخاص مبتعداً عن الفلكلور العراقي «المتسعود» بإيقاعاته؟.