سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
البتروكيماويات ستقود القطاع الصناعي في المملكة للنمو مستفيدة من الطاقة المرتفعة والطلب الآسيوي قطاع التجزئة والبيع بالجملة مرشح للنمو بفضل زيادة الاستهلاك ..جون اسفيكياناكيس :
سجّل القطاع الصناعي السعودي عودة قوية في عام 2010. إذ ارتفع معدل نمو إجمالي ناتجه المحلي الحقيقي إلى 5% بعدما انخفض إلى 2.3% فقط في عام 2009، حيث سجّل أدنى مستوى له منذ 1991. ويستفيد القطاع الصناعي السعودي من الأفضلية النسبية المتوافرة في البلاد في مجالات العمالة والطاقة واستثمار رأس المال. وساهمت عودة الطلب المحلي والعالمي على البتروكيماويّات في تنشيط هذا القطاع في عام 2010. فقد ازدادت أرباح الشركة السعودية لصناعات الأساسية (سابك) بنسبة 46% في الربع الثالث من العام الماضي ثم ازدادت بنسبة 27% في ربعه الرابع، فسجّلت بذلك مستويات فاقت التوقّعات نتيجةً لنمو مبيعات البلاستيك والبتروكيماويّات والارتفاعات الكبيرة في أسعار الطاقة. وطبقاً للبيانات الأوّلية لمصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات حول الصادرات غير النفطية، ازدادت صادرات البتروكيمياويات حتى نوفمبر الماضي بأكثر من 60% كما ازدادت صادرات البلاستيك بأكثر من 45%، بالمقارنة مع نفس الفترة من العام السابق. وفي العام الماضي، بلغت أرباح جميع الشركات البتروكيمياوية التي تناولتها مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات ، حوالي ثلاثة أضعاف المستويات التي سجّلتها في عام 2009. ونتوقع أنْ يشهد العام الجاري سيناريو مماثلاً. ذلك لأنّ قطاع البتروكيمياويات سيستفيد من أسعار الطاقة المرتفعة واستمرار النمو في الطلب الآسيوي عليها. كما نتوقّع أنْ يرتفع معدل نمو إجمالي الناتج المحلي للقطاع الصناعي السعودي في العام الجاري إلى 5.1%. وبين عاميّ 2004 و2008، بلغ متوسط معدّلات نمو إجمالي الناتج المحلي للقطاع الصناعي السعودي 6.3%؛ لذا، فإنّ التحسن المتوقع خلال العام الجاري لن يُعيد معدّل نمو هذا القطاع إلى مستويات ما قبل الأزمة المالية. داخلياً، سيتعزز الانتاج بفضل مشروع عملاق جديد لشركة معادن التي تبني حالياً منشأة لإنتاج مركّبات فوسفاتية بكميات تجارية ابتداءً من الربع الثالث من العام الجاري. وتُقدّر التكلفة الإجمالية لهذه المنشأة بنحو 20.6 مليار ريال سعودي. ومن المتوقع أنْ تنتج هذه المنشأة التي تعالج الفوسفات القادم من منجم الجلاميد ثلاثة ملايين طنّ سنوياً من سماد فوسفات الأمونيوم الثنائي؛ أيْ نحو 10% من إجمالي الطلب العالمي على هذا المنتَج. أما بالنسبة لقطاع التجزئة والبيع بالجملة فنتوقّع أنْ يرتفع معدّل نمو إجمالي الناتج المحلي لقطاع البيع بالجملة وبالتجزئة من 4.4% في عام 2010، إلى 4.7% في العام الجاري، وذلك نتيجةً لنمو الطلب المحلي على السلع الاستهلاكية. وتجاوز معدّل نمو إجمالي الناتج المحلي لهذا القطاع الستة في المائة في الأعوام 2006 و2007 و2008، قبل أنْ ينخفض إلى 2.5% فقط في عام 2009. ويتأثر طلب السعوديين على السلع الاستهلاكية بالأسعار أكثر بكثير من طلب نظرائهم الخليجيين، مع أنه يستند إلى قاعدة سكانية متينة تتجاوز السبعة وعشرين مليون نسمة وتمثّل حوالي 60% من مجموع سكان منطقة الخليج. وبفضل هذه القاعدة السكانية التي تشتمل على شريحة واسعة من الشباب، فإنّ إمكانات نمو طلب السعوديين على السلع الاستهلاكية ستظلّ كبيرة. وفي عام 2010، ازدادت عائدات الصادرات السعودية بنسبة مرتفعة وقدرها 23% من المستوى الذي سُجّل في العام الماضي، علماً أنّ عائدات الصادرات انخفضت، حينذاك، بنحو40% من مستواها في عام 2008. وبفضل عائدات النفط القوية والزيادات الكبيرة في الصادرات غير النفطية التي سبقت الإشارة إليها نتوقع أنْ تزداد عائدات مُجمل الصادرات السعودية في العام الجاري بنسبة 6.6%. وتعتمد عائدات هذه الصادرات بشكل كبير على أسعار النفط ومستوى الطلب عليه؛ إذ مثّلت عائدات صادرات النفط 86% من مجمل عائدات الصادرات السعودية في العام الماضي والتي قُدِّرت بِ236 مليار دولار. ونتوقع أنْ تنمو عائدات صادرات النفط السعودي بمعدل 4.5% في عام 2011، بعدما نمت بمعدّل 24.6% في عام 2010. أما معدّل نمو عائدات الصادرات غير النفطية في عام 2011، فإنه قد يتطابق مع مستواه في العام الماضي وقدره 13.2%. لقد تأخر تعافي الاستيراد أكثر مما كان متوقعاً. إذ تشير التقديرات الأولية إلى أنّ الواردات ازدادت في العام الماضي بأقل من 1% من المستوى الذي سجّلته في عام 2009. لكننا نتوقّع أنْ يشهد العام الجاري نمواً معتدلاً في حجم الواردات لأنّ تُجّار الجملة والتجزئة سيعززون مخزوناتهم من البضائع، لكي يتمكنوا من تلبية الطلب المحلي المتزايد على السلع الاستهلاكية. ففي سياق الدراسة التي أجريناها لإعداد مؤشّر الثقة بالاقتصاد السعودي في الربع الأول من العام الجاري، تجلى لنا أنّ معظم رؤساء الشركات التي شملتها هذه الدراسة يخططون لزيادة مخزوناتهم من البضائع خلال الربعيْن القادميْن. هذا، وتحتاج خطط التوسّع التي أعلنتها الحكومة السعودية إلى استيراد كميات كبيرة من موادّ البناء والمكائن خلال العام الجاري، من أجل تنفيذ مشروعات البناء ذات العلاقة. وفي الشهور الأحد عشر الأولى من عام 2010، ازداد عدد رسائل الاعتماد المصرفي الجديدة المخصصة لتغطية تكاليف الواردات بنسبة 24.9% بالمقارنة مع مستويات العام السابق. وقد يتخذ نمو الواردات في العام الجاري نفس المنحى المتوقع لنمو الطلب المحلي على السلع الاستهلاكية. بالتالي، نتوقع أنْ تزداد قيمة الواردات في العام الجاري بنحو 12% من مستواها في عام 2010، وقدره سبعة وثمانون مليار ريال سعودي، لترتفع بذلك إلى 97.4 مليار ريال سعودي. واستناداً إلى التوقعات التي تُرجّح أنْ تزداد الواردات وأنْ تتراجع الصادرات وأنْ يستمر النمو في حجم الحوالات المالية للعمالة الوافدة إلى أوطانها الأم، نتوقع أنْ ينخفض الفائض في الحساب الجاري السعودي بعض الشّيء في عام 2011، إلى 236.81 مليار ريال سعودي، أو 13.2% من إجمالي الناتج المحلي، بعدما سجّل مستوىً فاق التوقّعات في العام الماضي وقدره 260.9 مليار ريال سعودي (16% من إجمالي الناتج المحلي). وفي المستقبل المنظور، نستبعد أنْ يتجاوز فائض الحساب الجاري السعودي 24% من إجمالي الناتج المحلي، بعدما تجاوز هذه النسبة سنوياً بين عاميّ 2005 و2008. * مدير عام وكبير الخبراء الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي