بعد صلاة المغرب يجتمع الناس في مسجد في مدينة عنيزة يستمعون إلى أحاديث وتفسير من متطوع مصري ، وعلى ضوء فوانيس الكيروسين (الجاز) . وكان ذاك الأستاذ الأزهري منتدبا للتدريس في أول معهد علمي ويتبرّع بجزء من وقته ، بين صلاتيْ المغرب والعشاء لإلقاء بعض الدروس . وكان حجة في اللغة العربية أيضا . ثم جاء مُدرس آخر للغة الإنجليزية ، وتتابعت بعثات المعرفة والعلم بدءا من أوائل النصف الثاني من القرن العشرين . وفي مكان آخر من المدينة اتخذ طبيب مصري عيادته في منزل من الطين ، تُساعدهُ ممرضة وصيدلي واستقبل الناس على فترتين ، تلتهم طبيبة توليد مصرية أيضا . ووقفت المملكة العربية السعودية مع أهلنا في مصر إبان العدوان الثلاثي عام 1956 . وأقول كانت العروبة رمزا وشعارا ، وإن لم تجر لها البروتوكولات المتعارف ، كنا وحدة ثقافة وخدمات طب وتعليم وزراعة وسياحة . حتى النشيد كان يدق ببال أشبال المدارس في تلك المرحلة من عمرنا . ولا زال الكثير منا يحفظ نشيدا ألفهُ رامي ولحنه السنباطي وغنته أم كلثوم ، هذه بعض من أبياته : - مصر التي في خاطري وفي فمي أحبها من كل روحي ودمي ياليت كل مؤمن بعزها يحبها حبي لها بني الحمى والوطن من منكم يحبها مثلي أنا عيشوا كراما تحت ظل العلم تحيا لنا عزيزة في الأمم أحبها لظلها الظليل بين المروج الخضر والنخيل نباتها ما أينعه مفضضا مذهبا ونيلها ما أبدعه يختال ما بين الربى بني الحمى والوطن من منكم يحبها مثلي أنا لا تبخلوا بمائها على ظمي وأطعموا من خيرها كلّّ فم صونوا حماها وانصروا من يحتمي ودافعوا عنها تعش وتسلم يا مصر يا مهد الرخاء يا منزل الروح الأمين أنا على عهد الوفاء في نصرة الحق المبين دعونا ننشد هذا الكلام الآن .