نلاحظ في الفترة الأخيرة الاهتمام الذي توليه المحطات التلفزيون بالبرامج المباشرة وخصوصاً الحوارية والتي يتم فيها استضافة شخص أو أكثر وطرح موضوع للنقاش لمعرفة رأي الضيف ومن ثم إتاحة الفرصة للمشاهدين للتواصل وإبداء آرائهم ، وهناك نوع من هذه البرامج والتي يتم فيها استضافة شخصين معروفين بأفكارهم المتناقضة وإتاحة الفرصة لكل منهم لإبداء رأيه وغالباً ما تكون هذه البرامج ساخنة مع محاولة المحاور التذكير بآرائهما السابقة وطرح تساؤلات على كل منهم لمعرفة رأيه ومن أشهر البرامج هذه برنامج CROSSFIRE الأمريكي المشهور . وقد تابعت خلال الفترة الماضية أنواعاً من هذه البرامج في معظم التلفزيونات المحلية والخليجية وغيرها والتي كانت تشتمل برامج حوارية لنقاش عدد من القضايا الرياضية على هامش بطولة كأس آسيا لكرة القدم، بل إن هذه البرامج أصبحت إحدى الظواهر التي تلجأ إليها جميع هذه المحطات من أجل ملء وقت البث بعدد كبير منها . ولكن – وللأسف الشديد- أن النقاش فيها يتحول بقدرة قادر إلى اتهامات متبادلة واستخدام بعض الألفاظ والتجريح والقدح والرجوع والعودة إلى قضايا سابقة جداً وطرح مواضيع قد عفى عليها الزمن ، بعيداً عن أدنى أطر الحوار والنقاش . والملاحظ أنه تتم في هذه البرامج استضافة عدد كبير من الأشخاص وهؤلاء كل واحد منهم يحاول أن يحظى بوقت أطول للحديث ومحاولة الاعتراض على الآخرين وعدم إتاحة الفرصة لهم وأن رأيه هو الصحيح والمذيع والمقدم لا يفعل شيئاً سوى الفرجة عليهم بل إنه في بعض البرامج يستخدم بعض الكلمات الهابطة تجاه الآخرين وأنه هو من أحضرهم ويستطيع إخراجهم ، وقد تحولت بعض هذه البرامج إلى أشبه بالحراج في أحد الأسواق ، وتنتهي مثل هذه البرامج والمشاهد لم يسمع رأياً أو فكرة واضحة . وقد أشفقت على هؤلاء الشباب الرياضيين الذين ابتلوا بمتابعة مثل هذه البرامج والتي تنحدر في طرحها ومناقشتها بعيداً عن الروح الرياضية وبعيداً عن أقل آداب الحوار من احترام الرأي الآخر والبعد عن التجريح وأن كل شخص حر في التشجيع والتعبير عن رأيه ولكن من دون الطعن في رأي الآخرين ومما يحزن أن أغلب ضيوف هذه البرامج الحوارية في أغلب المحطات من السعودية محللون ولاعبون وفنيون وصحفيون مضى عليهم في الرياضة فترة طويلة، وقد أعطوا فكرة ليست جيدة للمتابعين لتلك القنوات عن ضحالة فكرنا الرياضي وتعصبنا الأعمى، وكان من المؤمل من المشاركين إبداء آرائهم بأسلوب حضاري واحترام الرأي الآخر كذلك استغلالها في توجيه الشباب والرياضيين بأهمية التنافس الرياضي الشريف بعيداً عن العصب والتشكيك بقدرات الآخرين والبعد عن التشهير والتجريح وسوء الظن . وبعد متابعتي لتلك البرامج والتي تحول التعصب فيها وعمى الألوان من الصحافة الرياضية إلى البرامج الحوارية عرفت لماذا تحولت المشاركات السعودية إلى تأدية واجب بعيداً عن المنافسة. *مستشار إعلامي بوزارة الثقافة والإعلام