شرعت الهيئة العامة للسياحة والآثار ، بعد أن أنيطت بها مهام الإشراف على قطاع الإيواء السياحي في تطبيق نظام النجوم العالمية ، على المنشآت التي تمثل هذا القطاع ، من فنادق وشقق مفروشة وذلك بديلاً عن نظام الدرجات ، الذي كان متبعاً خلال فترة إشراف وزارة التجارة والصناعة على هذا القطاع في وقت سابق ، حيث تتضمن معايير نظام النجوم واشتراطاته على جوانب عديدة ، تشمل كل ما يتعلق بمبنى المنشأة ، وموقعه ، ومواقف السيارات المخصصة للنزلاء ، والمدخل الرئيسي ، وبهو الاستقبال ، وما يتصل بغرف الايواء، ومساحتها، ومستوى دورات المياه، والمقاهي والمطاعم ، ووسائل الترفيه ، وغيرها من الاشتراطات ، التي تتجاوز السبعين عنصراً ، مخصص معظمها لتقييم كفاءة الغرف الفندقية ، والحد الأدنى للاشتراطات الواجب أن تستوفى بها. لقد كشف هذا التصنيف الجديد بعد تطبيقه ، عن قصور كبير في خدمات قطاع الايواء السياحي بالمملكة ، وبالذات في أهم مدينتين تستقطب الملايين للقدوم إليها ، والإقامة في غرفها الفندقية ، من زوار الحرمين الشريفين في مكةالمكرمة والمدينة المنورة ، سواء من خارج المملكة أو داخلها ، تعبر عن ذلك البيانات والأرقام المنشورة عن نتائج تطبيق هذا التصنيف ، حيث بلغ عدد الفنادق المستحقة لدرجة خمسة نجوم ، حسب هذا التصنيف ، في كافة مدن المملكة نحو 63 فندقاً فقط ، من إجمالي ما يزيد على 1276 فندقا ، أي بنسبة 5 % فقط ، أما حين تقصر تلك البيانات على مكةالمكرمة والمدينة المنورة ، التي تضم 87 % من الفنادق بالمملكة ، فنجد أن تلك النسبة تنخفض بحيث لا تتجاوز 2.3 % ، وهذا ما يتعلق فقط بمن استطاع من تلك الفنادق أن يستوفي معايير ذلك التصنيف ، أما من لم تستطع تحقيق الحد الأدنى من معايير ذلك التصنيف من منشآت الإيواء السياحي وظلت خارج منظومته وبالذات في المدينتين المقدستين ، فتتجاوز نسبتها 60 % في الفنادق و 86 % في الشقق المفروشة . إن ما أبان عنه التصنيف الجديد ، لقطاع الايواء السياحي في المملكة ، من انخفاض واضح في جودة وإمكانيات ذلك القطاع ، يلفت الانتباه لقطاع الإيواء بوجه عام في المملكة ، وليس للسياحي منه فقط ، حيث يتجه النظر كذلك إلى قطاع الإيواء السكني للأسر من فيلات وشقق ومنازل والإيواء للأفراد من طلاب وطالبات وأيد عاملة ، والإيواء للأيتام ، وبيوت الشباب ، ونحو ذلك من منشآت الايواء الأخرى ، فإذا كانت أوضاع قطاع الايواء السياحي على النحو الذي أظهرته تلك البيانات من تردي ، وهي كما نعلم خاضعة للرقابة الشاملة والمستمرة ، فماذا سيكون عليه حال أنواع الايواء الأخرى ، غير الخاضع معظمها لأي قدر من الرقابة ، أثناء فترة إشغالها وإدارتها وتشغيلها .. ! ؟ إننا حين نكتفي بمبدأ القياس فقط في هذا الجانب ، ستفضي بنا الحقائق عن نسب من يحقق من منشآت الايواء السياحي الحد الأدنى من المعايير القياسية المطلوبة ، إلى نتيجة محتملة بشكل كبير ، وهي أن عدد الوحدات السكنية المنتشرة في مدن المملكة وقراها والتي تبلغ نحو 4.6 ملايين وحده سكنية ، لن تتجاوز ذات النسب ( 40 % ) في تحقيقها الحد الأدنى من معايير الصحة والسلامة والأمان ، ناهيك عن الرفاه وذلك في أحسن الاحتمالات. إن تلك المؤشرات التي تنبىء عن خلل كبير محتمل في منشآت الايواء السكني لدينا ، تستلزم التفاتة من جهة اختصاص ، تأتي في مقدمتها الهيئة العامة للإسكان ، بالإضافة للأمانات والبلديات من خلال تطبيق كود البناء لتعنى بهذا الجانب ، وألا يقتصر الاهتمام لدينا فقط على قطاع الايواء السياحي دون غيره من منشآت الايواء الأخرى.