كشفت مباريات الجولة الاولى من كأس اسيا الخامسة عشرة لكرة القدم في الدوحة تراجعا ملحوظا في مستويات المنتخبات الخليجية التي خرجت منها بخفي حنين باستثناء نقطة يتيمة انتزعتها الامارات من كوريا الشمالية. ليست النتائج الكارثية هي العنوان الابرز بعد هذه الجولة، بل فارق المستوى بين منتخباب شرق اسيا والمنتخبات الخليجية الذي بدا كبيرا جدا من حيث السرعة والتنظيم والفكر التكتيكي للمدربين والتنفيذ على ارض الملعب من قبل اللاعبين والانتشار الجيد وكيفية التعامل مع الكرة في حالتي الهجوم والدفاع. كلها عناصر فنية جعلت المنتخبات الخليجية تفقد حضورها الفعلي حتى الان في هذا المحفل القاري الذي شهد تتويج ثلاثة منتخبات من المنطقة الخليجية باللقب، السعودية اعوام 1984 و1988 و1996، والكويت عام 1980، والعراق عام 2007. البداية كانت مع المنتخب القطري المضيف الذي اعلن المسؤولون عنه ان الهدف هو الوصول الى الدور نصف النهائي على الاقل، لكنه سقط في الامتحان الاول امام نظيره الاوزبكي بهدفين في مباراة الافتتاح التي لم يقدم فيها شيئا يذكر، لا بل ان رئيس الاتحاد القطري الشيخ حمد بن خليفة اعتبر انه قدم احد اسوأ مستوياته من فترة طويلة. المدرب الفرنسي برونو ميتسو تحدث عن سوء الاداء ايضا، واطلق تصريحه "الشهير" بأنه يتحمل مسؤولية الخسارة. ميتسو يعمل على رأس الادارة الفنية للمنتخب القطري منذ اكثر من عامين، اي انه حصل على متسع من الوقت لاختبار عدد كبير من اللاعبين في العشرات من المباريات خصوصا ان "العنابي" لم يكن مرتبطا بعد خروجه من تصفيات كأس العالم بأي بطولة رسمية كونه يخوض نهائيات كأس اسيا مباشرة. جاءت المباراة الثانية لاحد ممثلي الخليج ضمن المجموعة الاولى ايضا حين التقى منتخب الكويت بطل "خليجي 20" مع نظيره الصيني، المحصلة ان الكويت خسرت بهدفين نظيفين ايضا، لكن المباراة شهدت اخطاء تحكيمية فادحة من قبل الحكم الاسترالي بنجامين وليامس، كما ان "الازرق" لعب نحو ساعة بعشرة لاعبين بعد طرد المدافع مساعد ندا بعد ان ركل لاعبا صينيا من دون مبرر، علما بأنهما كانا واقعين ارضا. ابرز اخطاء الحكم كانت عدم احتسابه ركلة جزاء واضحة تماما لبدر المطوع في الشوط الاول، خصوصا انه كان يقف على بعد امتار قليلة من اللاعبين، فضلا عن اغفاله كرة اثبتت الاعادة انها اجتازت خط المرمى لكن الحارس الصيني ارتمى عليها وحماها بجسمه قبل ان يخرجها بسرعة. الاخطاء لا تحجب انخفاض مستوى منتخب الكويت في هذه المباراة فكان بعيدا شيئا ما عن التألق الذي بدا عليه في كأس الخليج. النتيجتان الكارثيتان خليجيا في اليوم الاول انعكستا على الثاني الذي شهد "خضة" سعودية كبرى بخسارة مفاجئة امام سوريا 1-2 ادت الى اقالة المدرب البرتغالي جوزيه بيسيرو واسناد المهمة الى مدرب الطوارئ الموجود في الدوحة ناصر الجوهر. وبعيدا عن صوابية خيار الاقالة من عدمه بعد المباراة الاولى من البطولة، فان المنتخب السعودي، الوحيد الذي خاض ست مباريات نهائية في القارة الآسيوية في سبع مشاركات فقط حتى الان، بدا كمن يشارك في البطولة لاكتساب الخبرة من الاخرين ولم يتصرف بروحية البطل الذي تسيد القارة لسنوات. صحيح ان "الاخضر" كان الاكثر سيطرة على الكرة امام سوريا، لكنه كان بلا هوية كروية واضحة على ارض الملعب، وهو ما لا يتناسب مع تاريخه العريق الذي يتضمن اربع مشاركات متتالية في نهائيات كأس العالم من 1994 في الولاياتالمتحدة حين بلغ الدور الثاني حتى 2006 في المانيا. "الاحمر" البحريني، صاحب المفاجأة المدوية في كأس اسيا 2004 في الصين بوصوله الى نصف النهائي قبل الخسارة الصعبة امام اليابان، يبدو بعيدا جدا عن مستواه وفاقدا للقدرة على المبادرة بقوة بغياب عدد كبير من لاعبيه المميزين وفي طليعتهم طلال يوسف المعتزل. سقط المنتخب البحريني في مباراته الاولى امام نظيره الكوري الجنوبي المنظم والقوي 1-2، ولديه مباراة سهلة مع الهند في الجولة الثانية قبل مواجهة استراليا في الثالثة. ضربت منتخب البحرين ايضا مشكلة الاصابات فيغيب الحارس محمد سيد جعفر وصانع الالعاب محمد سالمين عن البطولة، ولم تكتمل جهوزية الجناح الايسر السريع سلمان عيسى ففضل المدرب سلمان شريدة الاحتفاظ به للمباراة الثانية. ومنتخب البحرين هو فارس تصفيات كأس العالم في النسختين الماضيتين الذي سقط في الملحق الاخير، اولا امام ترينيداد وتوباغو ممثلة الكونكاكاف في الطريق الى مونديال المانيا 2006، ثم امام نيوزيلندا بطلة اوقيانيا في الطريق الى مونديال جنوب افريقيا 2010. "الابيض" الاماراتي، الذي ينتظر الجميع مشاركته لمتابعة نجومه الشباب الذين حققوا انجازات رائعة مع منتخب الشباب والمنتخب الاولمبي، هو الوحيد من المنتخبات الخليجية الذي لم يخسر في الجولة الاولى، فخرج متعادلا مع كوريا الشمالية سلبا ضمن منافسات المجموعة الرابعة، لا بل كان الافضل على مدار الشوطين والاقرب الى الفوز، خصوصا بعد اهدار كوريا ركلة جزاء في الدقائق الاولى ما منح لاعبي الابيض جرعة معنوية للسيطرة على المجريات. منتخب العراق حامل اللقب سقط في المطب الاول امام جاره الايراني 1-2 في مباراة جيدة المستوى لكن لم يقدم فيها اسود الرافدين ما يضعهم في مصاف المنتخبات المرشحة بقوة لاحراز اللقب، العراق كان توج بطلا لاسيا للمرة الاولى في تاريخه بفوزه على السعودية في نهائي النسخة الماضية بهدف لمهاجمه يونس محمود. ويشارك العراق في البطولة الحالية بنواة المنتخب الذي احرز اللقب قبل اربعة اعوام، مع بعض اللاعبين الجدد الذين ضمهم المدرب الالماني وولفغانغ سيدكا، لكن يعيب الاخير عدم قدرته على قراءة المباراة جيدا وتوظيف قدرات لاعبيه بالطريقة المناسبة. عربيا، كان منتخب سوريا الفائز الاكبر في هذه الجولة بانتزاع النقاط الثلاث لمباراته مع نظيره السعودي، وخرج الاردن متعادلا مع اليابان بهدف لكل منهما بعد ان كان متقدما حتى الثواني الاخيرة.