بسبب الهزيمة من منتخب سوريا في افتتاح البطولة الآسيوية هاجم مشجع منفعل القيادة الرياضية بعبارات لاذعة، وهي ردة فعل عاجلة من مشجع عادي ذهب إلى قطر ليؤازر المنتخب، ثم فوجئ بالخسارة، وبعد اللقاء مباشرة فرغ انفعاله في قناة خليجية تلقفت عباراته، ثم نشرتها دون فلترة على الرغم أن اللقاء مسجل يمكن التحكم به! نشرت تلك اللقاءات مع المشجعين دون تحفظ، وهي بالطبع تنشد تقديم إثارة للجمهور، ولم تأخذ بالاعتبار لباقة الكلمات من عدمها، كما أنها قد لا تنظر بعين الاعتبار لقيمة الشخصية المستهدفة كما تنظر إليها قنوات محلية، نشرت حديث المشجع على علاته، وتلقفه المشاهد السعودي وغير السعودي على صورة دون مكياج ليكشف واقع ما يدور في الخفاء بعيدا عن عيون الإعلام الرسمي. اعتذرت القناة بعد ذلك، وهو اعتذار ينم عن شعور بالخطأ، دعونا نطرح المسألة بشكل أوسع، إعلاما، وتعبيرا من الجمهور لنسبر لنكشف ما استتر من أحاديث تنشر في المدرجات، وظلت بينها وبين المسؤول حواجز خرسانية، وقد تقدم إليه - إن قدمت - بغلاف أنيق. لقد فتحت القناة تلك بابا من المدرج لكنها ليست مهذبة، ليس لأن ثمة اعتراض طرح، فهذا أمر شائع في الإعلام، لكن المسألة التي تستحق الوقوف هي آلية الاعتراض، واللغة التي استعملت فيه، هل من اللائق أن تطرح بتلك الصورة، أم أن الأدب أحرى أن يغلف أي صوت يعترض، أدب الاعتراض، وأدب الحوار؟! لنأخذ ذلك المشجع نموذجا على حالة احتقان تحدث في المدرج، وفي الشارع، وداخل الاستراحة، ليس على مستوى المنتخب فحسب، بل على مستوى الأندية، وهذا أعظم وأطم، بل هو الذي يأخذ أبعادا أوسع، ومن خلاله تقذف رصاصات السب والشتم، وقلما يسلم منها أحد! لقد عبر ذلك المشجع المقهور - وإن شئتم سموه (المتهور) - عن رأيه فقذف بقوة، وهي لغة تعبيرية لم نألفها تطرح في وسيلة إعلامية مرئية أو مسموعة أو مقروءة رسمية، حتى في البرامج التي تذاع على الهواء ظل الأمر يسير الهوينى، ذلك التعبير هو ما أسعف ذلك المشجع المحب الذي تجشم عناء السفر إلى قطر ليؤازر منتخبه الذي أحبه، ثم يصطدم بهزيمة وسوء لعب، لم يجد أمامه سوى المسؤول ليقذفه، ولو راجع نفسه لخفف من حدة العتب، بل لو أجري معه لقاء آخر لظهر بوجه مختلف! إن مشكلة ذلك المشجع هي نفسها مشكلة مسؤول النادي حينما يخرج في لقاء عقب خسارة فريقه فيقذف الاتهامات في كل اتجاه دون وعي أحيانا، ومشكلة المحلل المنحاز، والمعلق المتعصب، والفرق بين المشجع وهؤلاء أنه ليس لدى الأول شيء يخسره! تجرأ المشجع فهاجم، وتجرأت القناة فنشرت حديثه، وقد تتسع الرقعة مستقبلا فنجد المشجع يتحدث عن كل شيء، وينشر الإعلام كل شيء!