أود المشاركة بهذا التعقيب على ما ورد في ندوة الثلاثاء الماضي الموافق 1432/1/8ه التي تحاور فيها عدد من مسؤولي تطوير التعليم في وزارة التربية والتعليم ومجموعة من الأكاديميين والقيادات في الجامعات المحلية، وغاب عن الندوة المعلم وهو دينمو العملية التعليمية والمشرف التربوي الملامس لما يدور في الميدان. كانت الطروحات جيدة بعيدة عن المثالية والتوقعات الخيالية، كانت الرؤية ملامسة للواقع. فيها كثير من الموضوعية وتفهم للواقع الفعلي لوضع المعلم والبيئة التعليمية، وضع كثير من المتحاورين أصابعهم على الجرح وانتهت الندوة وما زال الجرح ينزف. كانت الندوة تدور حول تطوير التعليم الأساسي (الشامل) وتطوير مناهج العلوم والرياضيات وطرح للمعوقات المتوقعة والمعاناة التي ظهرت في الميدان بعد التطبيق. ولي وقفات مع بعض ما جاء في الندوة: إننا نتفق مع الجميع ان المناهج الجديدة فيها نقلة نوعية جيدة وجميلة ترفع من مستوى الطالب التحصيلي والاثرائي والفكري ففيها ربط بالواقع وتنمية لمهارات التفكير والبحث العلمي. ولكن هل المحتوى العلمي والكمي للمادة يتناسب مع سن الطالب وخبراته السابقة؟؟ هل محتوى المادة وكثافتها يتناسب مع الخطة الدراسية؟؟ كما هو حادث لرياضيات الصف الأول وعلوم الصف الرابع؟ هل البيئة المدرسية تساعد المعلم على أداء مهمته بنجاح؟ لقد لامس الدكتور نايف الرومي واقع المعلم وأنه لا يمكن إعطاؤه كبسولة ليصبح بعدها معلماً مؤهلاً وكذلك أفادنا سعادته بأنه أثناء رحلته لدول شرق آسيا سأل من يدرس الصف الأول رياضيات وعلوم هل هو معلم متخصص؟؟ فأجابوه بأنه معلم تعليم عام ولكنه (ونضع تحتها ألف خط) معلم مؤهل حصل على تدريب مكثف!! حتى أصبح مؤهلاً للتدريس هذه إفادة جميلة من الدكتور الرومي ولكن كيف هو واقعنا نحن هنا؟؟ معلم المرحلة الابتدائية غير متخصص وغير مؤهل وغير مدرب فماذا ننتظر منه؟؟ وعندما أرادوا تدريبه استدعوه بعد مضي شهر من العام الدراسي لمدة 3 أيام وكان التدريب عبارة عن استعراض لمحتوى المادة وليس كيفية التعامل معها. فهناك كثير من الرموز والمصطلحات والمفاهيم غير مفهومة وهناك العديد من المسائل الرياضية استعصى حلها، وقالوا ان المنقذ هو كتاب المعلم، ولكن أين هذا الكتاب يا سادة يا كرام؟ ان هذا المنقذ يعطى للمدارس بالقطارة ومازلنا ننتظر وصول كتاب المعلم لرياضيات الصف الثاني والخامس!! أيها الاخوة الأفاضل في وزارة التربية والتعليم هناك حقيقة يجب ان نعترف بها جميعاً ان معلم المرحلة الابتدائية (غير المتخصص) غير مؤهل لحمل راية التطوير أتعلمون لماذا؟ سأتحدث لكم نيابة عن جميع مديرات المرحلة الابتدائية: لقد قضت المعلمة في تدريس المناهج القديمة ما يزيد على 20 عاماً وعندما حل التطوير بالمناهج هناك من رفضته وانسحبت من تدريس الرياضيات والعلوم؛ لأنها غير متخصصة، وهناك من تقاعدت وبدأنا نطالب مكاتب الإشراف بتوفير معلمات لتدريس المناهج الجديدة للعجز الحاصل بسبب الإجازات أو التقاعد. وانتهى الشهر الأول من العام الدراسي ولم يلح في الأفق أي حل للمشكلة، وطالبنا بمعلمات بديلات لسد العجز ولكن للأسف من ينادون بالتطوير يضعون العراقيل في دروبه أتعلمون يا كرام ما هو الحل الذي تفتقت عنه أذهان المسؤولين الأفاضل؟؟ المرحلة الابتدائية لن يوجه لها معلمات بديلات «وهن خريجات جامعيات متخصصات قابعات خلف أسوار منازلهن ينتظرن التعاقد». والحل أن يسدد العجز من معلمات المدرسة ذوات التخصص الشامل (دين - عربي - اجتماعيات - فنية) وليرفع نصابهن إلى 24 حصة ليدرسوا المناهج المطورة من علوم ورياضيات!! هل هذا منطق معلمة غير متخصصة وغير مؤهلة وغير مدربة وفصول مكتظة ونصاب مرتفع ماذا نتوقع منها؟؟ هل هذا هو التطوير الذي ننشده؟؟ إذا كانت دول الشرق قد دربت وأهلت معلم التعليم العام للتطوير ورصدت له الامكانات والتقنيات ووفرت له البيئة المناسبة فماذا وفرنا نحن لمعلمينا ومعلماتنا؟؟ لماذا نبقي على خريجاتنا المؤهلات في منازلهن ونحن في أمس الحاجة لهن الآن هناك كم هائل من استمارات التقاعد تلوح في وجه مديرة المدرسة كل عام فلو حلت خريجة جديدة محل متقاعدة ستحل الأزمة وسنرى دماء جديدة في مدارسنا، وعقولا شابة تستوعب التطوير ومستعدة للتجديد قادرة على التعامل مع المنهج والمحتوى والتقنية الحديثة ولن نحتاج إلى دورات مكثفة لأنها معلمة متخصصة. وبهذا سنكون قريباً في مصاف الدول المتقدمة لأن الراية حملها من هم أهل لها أو سنبقى في مركزنا الرابع والأربعين بجوار غانا. * مديرة الابتدائية 61