"التعصب الرياضي" مصطلح عالمي لا تكاد تخلو دولة في العالم من معاناته وتداعياته التي حولت مباريات كرة القدم من كونها لعبة شعبية محببة إلى ساحة تنافس و تنابز منبوذة، وقد وصل الأمر بالمشجعين أحياناً إلى التعدي على الطرف الآخر بالضرب أو التعدي على ممتلكاتهم. «فروسية الشوارع» و «مهايط المجالس» وصلت إلى حد الإساءة والتجريح الشخصي وفي المملكة لا يختلف الأمر كثيراً؛ ففي المباريات يأخذ الحماس المشجعين ويخرج بهم عن أطوارهم، حيث تتعدد مظاهر التعبير عن الفرحة بالفوز أو الضيق من الخسارة.. وفي هذا التحقيق نقدم نماذج متطرفة للمشجعين من الجنسين؛ إذ لم يعد التعصب الكروي و تشجيع الأندية الرياضية حكراً على الشباب من الذكور؛ فنجد بعد المباراة أو في اليوم التالي لأي مباراة تنقلب الأوضاع لدي المشجعين الذين يعبّرون عن فرحتهم بفوز ناديهم لدرجة الجنون الذي يلحق بالآخرين الأذى، بل وصل الأمر ببعض الفتيات إلى تكوين رابطة المشجعات داخل بعض المدارس.. إصابات وأزمة مرور يقول "ناصر محمد" -طالب في المرحلة الجامعية- أعشق بجنون نادياً رياضياً، وقد حضرت إحدى مبارياته مع نادٍ آخر وفاز حينها بهدفين، ولكن ذلك الفوز لم يعجب بعض المشجعين من النادي الخاسر، حيث حدثت مشادة كلامية انتهت بمضاربة دامية أدت إلى إصابات بالغة، وقد شاركت في ذلك وكانت النتيجة بقائي في المستشفى لمدة أسبوع. أما "جابر الراشد" فيقول في إحدى السنوات قمنا بمسيرة عبارة عن ثلاثين سيارة بعد فوز المنتخب، وكانت السيارات تزدان بالإعلام السعودية، إضافة إلى أصوات الفنانين التي تردد أغاني عن بطولات المنتخب يتراقص عليها الشباب تعبيراً عن سعادتهم، ولكن الجهات الأمنية فرقت المسيرة، لأن ذلك عطل عملية السير في الشوارع. ويذكر "ماجد العجمي" في العقد الرابع من العمر أنه قبل ثلاث سنوات استطاع إخراج ابنه من قسم الشرطة؛ بسبب اعتدائه مع مجموعة من الشباب على ثلاثة من مشجعي الخصم، مشيراً إلى أنه حرم ابنه من الخروج من المنزل لمدة شهر عقاباً له، مؤكداً على أنه لا يعارض التشجيع الذي لا يترتب عليه التعدي على الآخرين. شجار و مصاريف وتقول "إيمان السرحان" -طالبة بالمرحلة الثانوية-: "بالنسبة للفتيات في مدرستي يكتفين بالشالات التي تحمل شعار النادي الفائز، وكذلك الحقائب والاكسسورات ذات الألوان المتعلقة بكل فريق، وأحياناً أخري يكون هناك نوع من الشجار والبعض منهن يفضل ذكر انجازات النادي المحبب إليه متباهيا بها كأنه هو من صنعها!". وتقول "أم سعود" -في العقد الثالث من العمر- لقد حولت ديكور منزلي إلى لون النادي الرياضي الذي أفضله، وكلفني ذلك خمسين ألف ريال، أيضاً حولت سيارتي الخاصة إلى شعارات النادي الذي أشجعه، وأجد هذا أمراً طبيعياً.. أما "العنود العبدالله"؛ فتقول: "عندما فاز فريقي بإحدى البطولات طلبت من والدي إقامة حفلة، حيث دعوت ما يقارب مائتين من الأقارب والصديقات وكانت أنحاء الاستراحة تتميز بصور بطولات النادي.. وتخبرنا "هالة البدر" -إدارية في إحدى المدارس-، قائلة:"لا أبالغ إذا أخبرتك أنه يكون هناك اجتماع في المدرسة قبل أي مباراة تجمع بين الهلال والنصر لمواجهة الفتيات اللاتي يحاولن إثارة الشغب، حيث يحدث الكثير من الاشتباك بالأيدي الذي ينتهي بكتابة التعهد واستدعاء ولي الأمر. تجاوزات مرفوضة وترى "وسمية العنزي" -أخصائية اجتماعية- أن من الطبيعي والمنطقي أيضاً أن يعبّر كل شاب وفتاة عن سعادتهما بفوز منتخبهم أو النادي الذي ينتمون إلية، إما بترديد بعض الأغاني أو الرقصات السعيدة، ولكن عندما يتجاوز ذلك الفرح حدوده؛ بسبب بعض المشجعين المتعصبين فإن الأمر يصبح مأساة لابد من احتوائها، فمثلاً هناك أضرار جسدية عن طريق التعدي على الآخرين بالضرب، والأضرار النفسية بالكلمات البذيئة التي تنال من كرامة الآخرين وجرح مشاعرهم، أيضاً التعدي على ممتلكات الآخرين وتحطيمها سواء السيارات أو بعض المحلات التجارية، ولا ننسى إرباك حركة المرور في بعض الأحياء، مضيفة أنه لابد من وجود قوانين صارمة تحد من ذلك التعصب غير المقبول لأي سبب من الأسباب وتحفظ للمواطنين حقوقهم المادية.