هناك الكثير الذي يفصل الهند عن غريمتها التقليدية باكستان : الأسر التي تشتت طويلاً من جراء التقسيم وقضية كشمير والخوف من حرب رابعة بين الخصمين النوويين. . لكن عندما وصل الأمر إلى أزمة البصل العظمى لعام 2010 ، وجدت الهند الممتنة صديقاً عبر الحدود. متظاهرون هنود يرتدون أكياس البصل.. وممثل كوميدي يقترح إهداء البصل بدل الشوكولاته في المناسبات! وكانت أسعار البصل في جميع أنحاء الهند قد ارتفعت إلى أكثر من الضعف لتصل الى 90 سنتا للرطل في الآونة الأخيرة مما تسبب في إرسال موجات من الصدمة في اسواق الخضار والمطابخ على حد سواء في بلد يعيش الكثير من سكانه على دولار واحد في اليوم. وقد تظاهر البعض في الشوارع وهم يرتدون أكاليل البصل. وتساءلت صحيفة منتصف النهار الهندية في عنوان لها « هل حدث أن تناولت وجبة برياني بدون بصل؟». لا تعجبوا كثيراً فهذا البصل المتواضع تسبب في سقوط حكومات الولايات في دلهي وراجستان حينما ارتفعت اسعار البصل في عام 1998 كما أن»عامل البصل» ساعد هو الآخر بالاطاحة بالحكومة المركزية في عام 1980. الا ترون أنه أي هذا البصل متواضع للغاية. بعد تجاهلها لنقص يلوح في الأفق في البداية، حظرت الحكومة بسرعة صادرات البصل ووعدت بالافراج عن «احتياطات البصل الاستراتيجية» كما الغت رسوم الاستيراد وضاعفت عدد عربات السكة الحديد المخصصة لنقل البصل. وهنا يأتي دور باكستان التي هبت لنجدة جارتها وأقامت شريان حياة لنقل البصل بواقع 50 شاحنة في المتوسط تحمل كل منها عشرة أطنان من البصل يومياً. غير ان بعض التجار الهنود يشكون من أن نوعية البصل الواصل من إقليم السند الباكستاني أدنى من المنتج المحلي من ولايات راجستان أو غوجارات. وتتنافس بعض دول الشرق الاوسط مع الهند على بصل باكستان مما أدى إلى ارتفاع أسعار «الأخ بصل» في باكستان. وتدرس الهند التي تعتبر ثاني اكبر منتج للبصل في العالم استيراد نحو 50000 طن من أكبر منتج في العالم ،الصين. وقدم المسؤولون الهنود تفسيرات مختلفة لهذا النقص بما في ذلك الاحتكار والطقس وارتفاع الاسعار. وتحت عنوان»سرقة البصل العظمى» ان تجار الجملة رفعوا سعر البصل بنسبة 135 بالمائة في الأسبوع الماضي وبحسبة بسيطة سرقوا ما يقرب من المليون دولار من المستهلكين في يوم واحد. امل يقوم بتعبئة جوالات البصل في سوق للجملة في شمال الهند ولكن هناك فرصة في كل أزمة فقد أعلن ساتمار سينغ غامبير في ولاية جارخاند الشرقية بأنه سيعطي رطلين من البصل لكل من يقوم بشراء زوج من إطارات الشاحنات أي رطل بصل واحد لكل إطار من إطارات الشاحنات المباعة. وبالفعل ازدهرت مبيعاته. وقال سينغ ان هاتف محله لم يتوقف عن الرنين طوال فترة العرض. واشار الممثل الكوميدي جاسبال بهاتي إلى أن البصل كهدية أفضل من الشوكولاته في أعياد الميلاد وأضاف أنه وزوجته يناقشان فكرة وضع بصلات إضافية في صندوق التوفير الخاص بهما. ولكن وراء هذه النكتة ثمة ألم ومعاناة اجتماعية حقيقية حيث أن نمو الاقتصاد الهندي والاختناقات واوجه القصور الهيكيلة قد دفعت باسعار المواد الغذائية للارتفاع بنسبة 12 بالمائة هذا العام. وحذر الخبراء المسؤولين الحكوميين في نوفمبر من نقص يلوح في الأفق ولكنهم تجاهلوا التحذير ولم يفعل المخططون شيئاً يذكر لتحفيز الإصلاح الزاراعي كما أن الطرق في حالة يرثي لها إلى جانب النقص في الشاحنات المبردة والمستودعات. وفقاً لبعض المقاييس تصاب 7 بصلات من كل 10 بصلات بالعفن قبل ان تصل إلى المدن. البصل المتواضع لديه تاريخ في الهند فقد ورد ذكره قبل حوالي 2500 سنة مضت في كتب الطب الهندي القديمة التي احتفت بالخواص العلاجية لهذا المنتج الحيوي. وبعد أربعة قرون من ذلك التاريخ ورد ذكر البصل في النصوص الدينية باعتباره غذاء منبوذا ولكنه مفيد في حياة التأمل والتقشف. وقد كتب الرحالة الصيني خوانزانغ الذي زار الهند في القرن السابع» البصل والثوم غير معروفين كثيراً وقليل من الناس يأكلهما. إذا استخدمها أي شخص كغذاء يطرد خارج أسوار المدينة». وينسب افتتان الهند بالبصل للحكام المغول الذين استخدموه في طهي اللحوم وفي أطباق الأرز. ومنذ انفجار الأزمة هذا الشهر تفنن الطهاة في عرض بدائل عديدة للكاري الهندي المحبوب الذي يدخل فيه الملفوف والخردل واللبن والطماطم وغيرها من المكونات. وهناك مشكلة اخرى ان أسعار الطماطم ومعظم الفواكه والخضراوات الأخرى آخذة في الارتفاع أيضا.