رصد تقرير اقتصادي متخصص ابرز الملامح التي تتسم بها الميزانية الجديدة للمملكة وما تضمنته من آفاق تعود على المواطن بالدرجة الاولى والمستثمر فضلا عن المشاريع التي تدعم مسيرة التنمية الشاملة. وقال التقرير الذي صدر عن مركز المعلومات بغرفة الشرقية: تحمل مؤشرات وبيانات الميزانية في طياتها اهمية كبيرة لرجال الاعمال والقطاع العائلي والقطاع الخارجي، ولمجمل الانشطة الاقتصادية، فالسياسات المالية التي يمكن استخلاصها من الميزانيات العامة سواء كانت توسعية او انكماشية او متوازنة تنعكس بشكل كبير على معظم المتغيرات الاقتصادية، مثل السيولة المحلية والمستوى العام للاسعار والادخار والاستهلاك والاستثمار ومن ثم على مجمل النشاط برمته فالميزانية هي الاداة الرئيسية في يد الحكومة لتحقيق أهدافها في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية. واورد التقرير أهمية المشاريع التي تطرحها الجهات الحكومية والتي تحرك اعمالها الميزانية بشكل كبير كما تحرك السيولة لدى القطاع الخاص. وذكر التقرير ان كثيرا من رجال الاعمال يبنون خططهم المستقبلية وتوجهاتهم العملية على ما تحتويه الميزانية العامة للدولة من أهداف وتوجهات ومؤشرات، فقد يتوقع رجال الاعمال المزيد من الاستثمارات في ظل حجم ومدى انفاق الدولة على مشروعات الميزانية وتحت عنوان "حقائق هامة حول الميزانية الجديدة" يشير التقرير الى استمرار التركيز في الميزانية للعام الجديد على المشاريع التنموية التي تعزز استمرارية النمو والتنمية طويلة الاجل لزيادة الفرص الوظيفية للمواطنين، حيث وزعت الاعتمادات المالية بشكل ركز فيه على قطاعات التعليم والصحة والخدمات الامنية والاجتماعية والبلدية والمياه والصرف الصحي والتعاملات الالكترونية ودعم البحث العلمي، كما تضمنت الميزانية برامج ومشاريع جديدة ومراحل اضافية لبعض المشاريع التي سبق اعتمادها تبلغ قيمتها الاجمالية نحو 256 مليار ريال. ولفت التقرير الى ان الناتج المحلي الاجمالي للمملكة في العام 2011 سوف يصل وفقا لتقديرات مصحلة الاحصاءات العامة والمعلومات الى 1630 مليار ريال بالاسعار الجارية، بنسبة نمو 16.6% مقارنة بقيمته في العام 2009 . وقال التقرير: إن بيانات الميزانية تشير إلى استمرار المملكة في تعزيز الإنفاق على البنية التحتية لدعم مسيرتها الاقتصادية الناحجة لإدراكها الواعي بأن انطلاقة الاقتصاد وتطور المشاريع واستقطاب الاستثمارات الخارجية يتوقف على مدى امكانية وحجم البنية التحتية للدولة، فكل نجاح يتحدى المستقبل يبدأ من البنية التحتية، لذا فتم تخصيص نحو24.5 مليار ريال للخدمات البلدية بما يعادل 4% من ميزانية العام القادم وبزيادة نسبتها 13% عما تم تخصيصه في ميزانية العام المالي السابق. قطاع التعليم يحظى بنصيب الأسد في الميزانية الجديدة واضاف التقرير أن التوسعات والتطويرات المستمرة التي تدعمها الدولة هي دائماً العامل الاساسي والأكبر لإنجاح كل الأنشطة الصناعية والتجارية والمالية والاجتماعية، فالمملكة تحمل الآن جميع السمات والمؤهلات التي تسمح لها بأن تكون في مصاف العالم الأول من حيث جاذبية الاستثمارات المحلية والاجنبية، وركيزة أساسية في الاقتصاد العالمي، من حيث التفوق الاكاديمي والصحي والاجتماعي والسياحي والصناعي، حيث تضمن تقرير البنك الدولي عن مناخ الاستثمار لعام 2011 تصنيف المملكة في المرتبة 11 من بين 183 دولة تم تقييم الأنظمة والقوانين التي تحكم مناخ الاستثمار بها، متقدمة من المركز 13 الذي حققته في عام 2010. وركزت الميزانية حسب التقرير على ضخ مزيد من المشاريع التنموية، وهو ما يعطي دلالة على أن الإنفاق للسنة المالية المقبلة سيكون مستمرا، وسينعكس على القطاع الخاص، وهذا يعطي السوق والاقتصاد الوطني مزيداً من العمق، وإيجاد قنوات استثمار عديدة وجيدة لمختلف الشركات، وتعكس الخطوات الحثيثة للحكومة نحو المضي قدما في تحقيق التنمية المستدامة باعتماد الدولة حوالي 50.8 مليار ريال من ميزانية العام القادم لمشروعات المياه والصناعة والتجهيزات الاساسية وبعض القطاعات الاقتصادية الأخرى، كما تم تخصيص حوالي 25.2 مليار ريال للنقل والاتصالات، فتضمنت الميزانية مشاريع جديدة وإضافات للمشاريع المعتمدة سابقاًً للطرق والموانىء والخطوط الحديدية والمطارات والخدمات البريدية، تبلغ القيمة التقديرية لتنفيذها ما يزيد عن 29 مليار ريال. ويتطرق التقرير الى التوجهات المستقبلية لحكومة المملكة لإدارة الاقتصاد الوطني في مواصلة الإسراع باتمام البرامج والمشاريع التنموية، وخصوصاً التي تسعى لتوفير الخدمات الضرورية وتيسيرها للمواطنين، وتمكين مؤسسات الدولة وهيئاتها من أداء الدور المناط بها تجاه المواطنين على النحو الأفضل والأكمل، وظهر ذلك في المخصصات الكبيرة من الميزانية لمجالات الصحة والتنمية الاجتماعية التي تهتم برقي المواطن وتطوره، فتضمنت الميزانية مشاريع صحية جديدة لاستكمال إنشاء وتجهيز مراكز الرعاية الصحية الأولية في جميع مناطق المملكة. ولفت التقرير الى ان التعليم يظل محورا أساسيا يتقاطع مع كافة المواضيع التي تعنى بالتنمية والتطوير سواء من الناحية الثقافية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو البيئية أو الصحية، فالمملكة دائماً ما تتطلع الى مستقبل أكثر اشراقا للأجيال القادمة، ويأتي التعليم وأهميته على رأس التوجهات الاستراتيجية للحكومة والعمل المستمر لمواصلة الدعم المستمر لقطاع التعليم، حيث يصرف اكثر من ربع ميزانية الدولة خلال الأعوام السابقة على قطاع التعليم وارتفاع عدد الجامعات، وبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، كما تم تخصيص حوالي 150 مليار ريال للتعليم العام والتعليم العالي وتدريب القوى العاملة. ويشير التقرير الى تطور كفاءة أداء القطاعات الإنتاجية المختلفة، بما في ذلك القطاع الخاص الذي يعد شريكاً أساسياً في عملية البناء والتحديث التي تشهدها مناطق المملكة ومدنها المختلفة، فمن تلك الايجابيات وصول الإيرادات الفعلية في نهاية العام المالي الماضي إلى 735 مليار ريال، بزيادة نسبتها 56% عن المقدر لها بالميزانية، وتحقيق فائض في الميزانية يقدر بحوالي 108.5 مليارات ريال، وانخفاض في حجم الدَّين العام بنهاية العام المالي الحالي إلى ما يقارب 167 مليار ريال، مقارنة بمبلغ 225 مليار ريال بنهاية العام المالي 2009، وقد حققت جميع الأنشطة الاقتصادية المكونة للناتج المحلي للقطاع غير البترولي نمواً إيجابياً، ويُقدر أن يصل النمو الحقيقي في الصناعات التحويلية غير البترولية إلى 5%، وفي نشاط الاتصالات والنقل والتخزين 5.6%، وفي نشاط الكهرباء والغاز والماء 6%، وفي نشاط التشييد والبناء 3.7%، وفي نشاط تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق 4.4%، وفي نشاط خدمات المال والتأمين والعقارات 1.4%. وشدد التقرير على أن النتائج المرضية لميزانية الدولة ستكون عامل جذب هام لرجال الأعمال السعوديين الذين استثمروا أموالهم في العديد من الأسواق الخارجية، فالفائض المرتفع في ميزانية الدولة لهذا العام من أبرز المحفزات الإيجابية خلال هذه الفترة، وأن هذه الأموال ستستهدف مشاريع البنية التحتية، والمشاريع الصناعة بشكل واسع، كما أن البنوك المحلية ستستفيد بشكل كبير من الفائض العالي للميزانية العامة للدولة في هذا العام، وبالإضافة إلى برامج الاستثمار من خلال الميزانية ستواصل صناديق التنمية المتخصصة وبنوك التنمية الحكومية تقديم القروض في المجالات الصناعية والزراعية، وستساهم هذه القروض في توفير فرص وظيفية إضافية ودفع عجلة النمو، إذ يبلغ حجم ما تم صرفه من القروض التي تُقَدَّم من قبل صندوق التنمية العقارية، وصندوق التنمية الصناعية، والبنك السعودي للتسليف والادخار، وصندوق التنمية الزراعية وصندوق الاستثمارات العامة وبرامج الإقراض الحكومي منذُ إنشائها وحتى نهاية العام المالي الحالي أكثر من 414.3 مليار ريال، ويُتَوَقَّع أن يصل ما يتم صرفه من هذه القروض خلال العام المالي الحالي إلى أكثر من 47 مليار ريال. وخلص التقرير إلى أن السياسة النقدية التي تنتهجها الدولة سياسة متوازنة لتنويع القاعدة الاقتصادية للمملكة التي ساعدت في تجنب ويلات الأزمة المالية العالمية لتخفيف الاعتماد على أسعار النفط، حيث عملت المملكة على تنويع مواردها المختلفة واصبحت نشاطات القطاع الخاص من أهم روافد الاقتصاد السعودي، مما يؤهله لاخذ زمام المبادرة في الحركة الاقتصادية والاستفادة من المشاريع التي تطرحها الدولة وما أعلنته الميزانية الجديدة من فرص استثمارية في مختلف القطاعات، والمؤشرات النقدية الايجابية سوف تحفزه أكثر، فقد سجل عرض النقود بتعريفه الشامل خلال الأشهر العشرة الأولى من العام المالي الماضي نمواً نسبته 1.2% مقارنة بنمو نسبته 8% لنفس الفترة من العام المالي قبل الماضي، كما ارتفعت الودائع المصرفية خلال الفترة نفسها بنسبة 0.5% ، أما على المستوى السنوي فحققت نمواً بلغ 3.2%، وارتفع إجمالي مطلوبات البنوك من القطاعين العام والخاص خلال الفترة نفسها بنسبة 6.2%، وواصلت البنوك تدعيم قدراتها المالية إذ ارتفعت رؤوس أموالها واحتياطياتها خلال الفترة نفسها بنسبة 10.7% لتصل إلى 181.1 ملياراً ريال.