شهد العام الهجري1431 مجموعة من الأحداث المهمة على الصعيد الاقتصادي المحلي، أسهمت بشكل كبير في تعزيز التنمية الوطنية على مختلف وجوهها. ولا شك أن هذا العام كان خيرا على المملكة منذ بدايته، أي مع اعتماد مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، الميزانية العامة للدولة للعام المالي 1431/1432ه، والتي اعتبرت الأضخم في تاريخ المملكة. ووجه خادم الحرمين الشريفين في جلسة المجلس التي عقدت في قصر اليمامة يوم الإثنين 5 محرم 1431ه، والتي أقر فيها المجلس الميزانية، قال فيها: «نعلن ميزانية العام المالي الجديد 1431/1432ه والتي تبلغ 540 مليار ريال بزيادة مقدارها 14 في المائة عن الميزانية المقدرة للعام المالي الحالي 1430/1431ه، وقد روعي في إعدادها حاجات اقتصادنا الوطني مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية الدولية، حيث حرصنا أن تكون هذه الميزانية استمرارا لتعزيز مسيرة التنمية المستدامة في بلادنا الغالية على الرغم من الظروف الاقتصادية الدولية التي أدت إلى انخفاض أسعار البترول وكميات تصديره، وذلك بمواصلة توجيه الموارد للإنفاق على الجوانب الأكثر دعما للنمو الاقتصادي وللتنمية وتعزيز جاذبية اقتصادنا الوطني للاستثمار، وتوفير مزيد من فرص العمل للمواطنين من خلال التركيز على قطاعات التنمية البشرية والبنية الأساسية والخدمات الاجتماعية». وبلغ حجم الإنفاق في الميزانية 540 مليار ريال والإيرادات 470 مليار ريال، أي بعجز 70 مليار ريال. فيما بلغت الإيرادات الفعلية للمملكة في 2009، 505 مليارات ريال والإنفاق يسجل 550 مليار ريال أي بعجز 45 مليار ريال. ويشير ملخص الميزانية إلى تخصيص 48 في المائة منها للمشاريع الاستثمارية الرأسمالية، كما زاد الإنفاق على التعليم والتدريب إلى 137.6 مليار ريال. وتشمل المشاريع الجديدة بناء 1200 مدرسة جديدة وترميم أبنية 2000 أخرى قائمة على مدى العام 2010م. كذلك، خصص مبلغ 61,2 مليار ريال (ما يقارب 11 في المائة من إجمالي الإنفاق) لقطاع الصحة والخدمات الاجتماعية، ويتضمن ذلك بناء 92 مستشفى جديدة بسعة سريرية تبلغ 17150 سريرا، إضافة إلى عدد من مراكز الرعاية الأولية. كما تضمنت تخصيص 23,9 مليار ريال لأغراض تعبيد الطرقات، وتطوير الموانئ، والمطارات، وخطوط السكة الحديدية، واستحداث خدمات بريدية جديدة، وأيضا خطط لإنفاق 8,5 في المائة (46 مليار ريال) من الميزانية على مشاريع المياه، وشبكات الصرف الصحي، إضافة إلى تخصيصات تصل إلى 48,3 مليار ريال للقروض عبر مؤسسات إقراض متخصصة، بما في ذلك صندوق التنمية العقارية، وصندوق تطوير الصناعات السعودية، وبنك التسليف والادخار السعودي، وصندوق التنمية الزراعية، وصندوق الاستثمارات العامة، وبرنامج الإقراض الحكومي. ولا شك أن هذه الأرقام التي أوردتها الميزانية عكست تمتع المملكة بوضع يؤهلها لجني ثمار الانتعاش الاقتصاد العالمي. وأكد ذلك تقرير لكبير الاقتصاديين في الأهلي كابيتال، الدكتور يارمو كوتيلين، الذي سلط الضوء على أكبر ميزانية في تاريخ المملكة، وأوضح أن الإنفاق الحكومي المتزايد، بما في ذلك الإنفاق على البنيتين التحتيتين المادية والاجتماعية، إلى جانب المبادرات الحكومية الأخرى الرامية إلى التنويع الاقتصادي، سيدعم عودة الاقتصاد سريعا إلى مسار نمو المملكة التاريخي. وقال كوتيلين وقتها، «في الواقع كنا نتوقع انكماش الاقتصاد السعودي، بالقيمتين الحقيقة والاسمية على السواء، خلال العام 2009م، ولكننا فوجئنا بتحقيق الاقتصاد نموا في الناتج القومي الإجمالي بمعدل حقيقي قدره 0,15 في المائة. وبالتزامن مع مبادرات التنويع، جاء هذا النمو مدفوعا بقوة القطاع غير النفطي الذي نما بنسبة 3 في المائة في 2009م، مقابل الانكماش الحاد في قطاع النفط نتيجة لخفض حصص إنتاج أوبك وانخفاض الأسعار، فيما نما القطاع الخاص بنسبة 2,5 في المائة والقطاع العام بنسبة 4 في المائة».