طوى عام 2010م أول أمس آخر أيامه، وأضاءت أمس أول أيام عام جديد 2011م جعله الله عاماً إيجابياً وموفقاً وأفضل من سابقه للجميع! البعض يمضي العام لديهم خلف العام دون توقف، أو محاولة فتح حساب لما مضى، أو محاولة استيعاب لما سيأتي، على اعتبار أن على الإنسان أن يترك الأمور تسير كما هي، أو كما هو متوقع لها دون أي محاولة للتدخل، أو إشغال العقل، أو التحرك لفهم ما يجري. والبعض يحاول في نهاية كل عام منصرف، وبداية عام قادم أن يتعلم مما جرى، ومما رآه، ويحاول أن يتفاعل مع طي الصفحة، لكن قبلها لا بد من إلقاء نظرة خاطفة، وأحياناً متعمقة على تفاصيل صفحة عام كامل. ينخرط في التحليل، ويتوقف عدة مرات ويدّون: ماذا تحقق؟ وماذا لم يتحقق؟ ماذا سجل في بداية ذلك العام؟ ولماذا لم يحصل عليه أو يصل إليه؟ ما العراقيل التي أعاقت تحقيق ما حاول أن يفعله؟ هل هي طبيعية؟ أم أنه لم يجهد نفسه لحلها؟ هل كانت الأحلام والرغبات التي سجلها تافهة أم جديرة بأن يسعى لتحقيقها لمدة عام؟ وهل عليه أن يكرر المحاولة هذا العام لتحقيق ما لم يتحقق أم يبحث عن فرص أخرى، وقرارات مختلفة عليه السعي إلى تحقيقها؟ ومن هم القادرون دائماً على التخطيط، والسعي الجاد إلى ما يريدونه؟ الحقيقة أنه مع بداية كل عام تتركز أحلام الأشخاص عادة منفردة وليست جماعية، بعضها خاص، وبعضها عام، ومنها ما يمكن أن يتحقق بالعمل والجهد ومنها ما يصعب تحقيقه إلا في دائرة الأمنيات، ولكن قد يصل إليه المجتهد، لكن هل من الضرورة أن يفكر المرء مع بداية كل عام في قرارات سوف يتخذها العام المقبل؟ يقول أحد علماء النفس (إنه من السهل أن يفكر المرء في قرارات يتخذها مع بداية العام الجديد، لكن قلة من الناس هم الذين ينجحون في تحقيقها، وبالتالي هل معنى ذلك أنه ليس هناك أي فائدة من اتخاذها؟ الخبراء يعتقدون أن هناك فائدة؟ لأنه باتباع الأسلوب السليم من الممكن تغيير العادات القديمة، وأن تنفيذ أي قرار يتخذه الإنسان مع بدء العام الجديد يتوقف على مجموعة من العوامل: هذه العوامل تبدأ من النية الأولى في اتخاذ القرار، والرغبة في تحويله إلى واقع. كذلك ليس جيدا أن يتخذ القرار بناء على توقعات شخص آخر، لأن فرص تحقيق أي قرار تكون أكبر كثيراً لو كان الشخص صاحب القرار لديه الدافع إلى تنفيذه وليس بسبب ضغط خارجي، وأفضل طريقة لاتخاذ قرارات العام الجديد هي اتباع الأسلوب المنهجي بمعنى البدء في تقييم الموقف. كذلك على المرء أن يسلك الطرق الصحيحة من خلال طرق أبواب أهم القواعد الأساسية وهي وضع أهداف واقعية، وإلا فسيواجه المرء الإحباط والفشل. يقول أحد الخبراء النفسيين، إن ما يمكن أن تنجزه يتوقف على عزيمتك كما يتوقف أيضاً على تقييم قدراتك بطريقة سليمة، ومن الصواب وضع خطة لفترة نحو ستة شهور، ويجب على المرء تحديد هدف كبير في نهاية تلك الفترة، لكن يجب أن يكون هناك أهداف متوسطة يتم تنفيذها على مراحل كثيرة قبل بلوغ الهدف الكبير. تُرى هل حدد كل منا أهدافه للعام الجديد؟ أم أن ما سيأتي، وما نحن عليه لا يحتاج إلى تحديد؟ ولماذا يشعر البعض أن التغيير ليس منهم بل من حولهم رغم أنهم جزء من الكيان، وجزء من التغير والتغيير؟ ولماذا أيضاً لا نسعى إلى فهم ما يجري، والتحرك لمعرفة المزيد من قواعده، ومعاييره، وتحديد قدراتنا، واستنطاق المتاح، وأيضاً الإمكانيات الموجودة في دواخلنا، وحولنا، لإعادة تشكيل ملامح الصورة الغائبة أو التي اعتدنا على غيابها؟ يرحل عام ويأتي عام فقط نحتاج إلى تجديد الأولويات، والتفاهم مع الوعي لدينا، وحدود الواقعية ولا بأس من مداعبة الأحلام لأن بعضها قد يكون مستحقاً تحقيقه!