تكاد تتفق تعليقات الخبراء أن العام 2010 في الجزائر كان على المستوى الأمني عاما لمكافحة الإرهاب بامتياز، ليس بالمواجهات العسكرية الميدانية والتمشيطات التي تطال معاقل القاعدة في بلاد المغرب لعل آخرها عملية جبال سيد علي بوناب بمرتفعات بلاد القبائل التي أسفرت عن مقتل 25 إرهابيا ولم تكشف عن كل اسرارها بالأخص ما تعلق بمصير زعيم السلفية عبدالمالك درودكال، ولكن باعتماد السبل الدبلوماسية والتنسيق الإقليمي ومع دول الجوار في مكافحة الإرهاب بالأخص على مستوى منطقة الساحل الصحراوي التي باتت في الفترة الأخيرة مرتعا خصبا لشبكات الجريمة المنظمة المتحالفة مع الإرهاب. وتكرّس هذا التوجه في احتضان الجزائر على فترات متفرقة من العام 2010 خمسة اجتماعات دولية مهمة كان موضوعها الرئيس مكافحة الإرهاب كرهان استراتيجي أطلقته الدول السبعة لمنطقة الساحل الإفريقي وهي التشاد والنيجر وبوركينافسو ومالي وليبيا وموريتانيا والجزائر بدءا بالندوة التنسيقية لدول منطقة الساحل والصحراء المنعقدة بالجزائر في 16 مارس الماضي مرورا باجتماع رؤساء دبلوماسية الساحل الصحراوي رؤساء أركان جيوش سبعة دول من منطقة الساحل في 12 أبريل وانتهاء باجتماع وزراء الداخلية لدول الساحل الإفريقي نهاية أبريل الماضي. وتخلل عقد هذه اللقاءات التي كانت تتكلل في كل مرة بتوصيات وبيانات تحث على المزيد من التنسيق الأمني والعسكري والاستخبارتي بمنطقة الساحل التي تشهد تناميا غير مسبوق لنشاط تنظيم القاعدة في بلاد المغرب (الجماعة السلفية سابقا) انعكس في سلسلة الاختطافات التي تطال رعايا الدول الغربية وطلبات الفدية لإخلاء سبيلهم أو إخلاء سبيل عناصر التنظيم المعتقلين في عدد من سجون دول المنطقة، احتضان المركز الإفريقي للدراسة والبحث حول الإرهاب الذي يوجد مقره بالعاصمة الجزائر سلسلة من الاجتماعات نشطها خبراء أمنيون أفارقة لعل أهمها الاجتماع الذي ضمّ في 4 مارس 2010 مسؤولي أجهزة الأمن والاستخبارات لمنطقة الساحل الصحراوي الذين اتفقوا بناء على وثيقة عمل تم الاعتماد عليها على ضرورة التنسيق الجماعي في حال وجود مشكل أمني في الدول المعنية بالاجتماع وهي الجزائر وبوركينا فاسو وليبيا ومالي وموريتانيا والنيجر والتشاد. وشهد المركز نفسه الذي أنشئ العام 2004 اجتماعا آخر خصص لتكوين محققين مختصين في مكافحة تمويل الإرهاب بالتنسيق مع السفارة الكندية بالجزائر، وهو الاجتماع الذي حذر خلاله الخبراء من مخاطر أن تتحول المساعدات التي تقدمها الدول الغربية الكبرى لدول الساحل والساحل الإفريقي في مجال مكافحة الإرهاب إلى تدخل أجنبي. وكان آخر اجتماع احتضنه المركز في 13 ديسمبر الماضي شهد اعتماد الخبراء في سابقة هي الأولى من نوعها إفريقيا ما سمّي ب "مذكرة توقيف إفريقية في حق المطلوبين في قضايا الإرهاب بمنطقة الساحل" ومراجعة القانون النموذجي الذي يجّرم جميع أشكال الإرهاب المعتمد سابقا في الجزائر العام 2002 من بينها تجريم دفع الفدية للتنظيمات الإرهابية مقابل إطلاق سراح المحتجزين وهذا بما يتناسب والتشريعات الخاصة بكل دولة. ضربات موجعة تلقتها الجماعة السلفية ولعل أهم ما عزّز توجه الجزائر نحو المزيد من التنسيق الإقليمي مع جيرانها ممن يواجهون تحدي مكافحة القاعدة في منطقة الساحل بعد سنوات من المواجهة الداخلية للإرهاب احتضان جنوبها الكبير بمنطقة تمنراست (1900 كلم أقصى الجنوب) ما سمّي ب "هيئة أركان عملياتية مشتركة" في 20 أبريل الماضي انخرط فيها رؤساء أركان جيوش كل من الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر بغرض تعزيز "علاقات التنسيق العسكري والأمني بين الدول المعنية" مثلما أوردته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية آنذاك. وتبع إطلاق هذه الهيئة التي شهدت فيما بعد إجراء مناورات عسكرية مشتركة بين جيوش الدول الأعضاء الإعلان عن إنشاء "مركز مشترك للمعلومات الاستخباراتية لدول الساحل" أعربت كل من المغرب وليبيا والتشاد عن رغبتها في الانضمام إليه لكن دون أن يتوصل أعضاء ما بات يسمى ب "نادي دول الساحل" من التوافق حول ذلك بسبب تحفظات تشير إلى عدم انتماء هذه الدول جغرافيا لمنطقة الساحل. وتنهي الجزائر العام 2010 على مستوى جهودها في مكافحة الإرهاب وبقاء منطقة القبائل البربرية دون غيرها من مناطق البلاد التي شكلت فيما مضى مرتعا خصبا لجماعات الموت على غرار ما كان يسمى ب "مثلث الموت" الذي كان يشمل ولايات المدية وعين الدفلى والشلف، بقائها مرتعا لفلول الإرهاب بالأخص بمنطقة تيزي وزو (110 كلم إلى الشرق) حيث المعاقل الرئيسية للقاعدة وهي الناحية التي شهدت طيلة العام 2010 ست تحركات شعبية مهمة نجحت في إرغام أتباع عبدالمالك درودكال على إخلاء سبيل مواطنين ميسورين تم اختطافهم بغرض الحصول على فدى. كما تنهي العام 2010 بحصيلة هي الأقل على مستوى الخسائر البشرية منذ العشر سنوات الأخيرة رغم تسجيل هجوميين انتحاريين الأول في يونيو استهدف بواسطة شاحنة مفخخة حاجزا عسكريا لقوات الدرك الوطني بمنطقة الأخضرية الواقعة بولاية البويرة (120 كلم إلى الشرق) و الثاني في يوليو استهدف بواسطة سيارة مفخخة مقرا للدرك الوطني بناحية بني دوالة بمنطقة تيزي وزو.