محيسن الجمعان علق بعفوية تامة بين شوطي مباراة النصر والاتحاد على لقطتين فيهما ضرب وإيذاء متعمد للخصم.. كانت احداهما ضد سعود كريري عندما ضرب لاعب النصر، والأخرى ضد حسين عبدالغني عندما دهس على رأس لاعب الاتحاد .. قال محيسن كما يجب أن يقول.. فطالب لجنة الانضباط بموقف حازم من الحدثين .. قال الحقيقة ولا غيرها ... قالها بتلقائية، فنالته النيران الصديقة، نالته هو والمحطة التي يخرج ويطل منها .. نال محيسن ما نال نظير واقعيته وصراحته، عفوا اقصد جرأته .. حكاية النيران الصديقة حكاية صنعت بأيدينا .. فأصبحنا نهاب قول الحقيقة أو ابسطها أو جزءاً منها خشية تلك النيران .. لذا رأينا إعلاميا كيف أن ممارسة التعصب تتحول الى (غطاء) يستظل به من شعاره السلامة أولا أو تتحول الى (تجارة) ومصدر رزق يستفيد به من قصد تسويق نفسه دون أن تهمه الكيفية والشكل والطريقة.. إننا بحق في حالة مضطربة والأقرب انها عويصة.. فنحن نمارس هواية التفتيش عن الحقائق حد كسر الأبواب الموصدة عندما تكون عند الآخرين، ولا يهم فقد نعود بحقائق أو اشباه حقائق او حتى تخيلات أو اكاذيب باطلة لا يهم .. وعندما تكون تلك الحقيقة والواقعة تخصنا نرفض من يتجرأ حتى بمجرد الهمس بها ما بالك التعليق عليها .. يعتقد هؤلاء أن هذه طلبات الجمهور .. البضاعة المغشوشة .. بمعنى أنه يعتقد ان الجمهور يريد أن تخدعه وتكذب عليه وتقول له إن ناديك هو الأعظم.. ولكي تصبح (مثيرا) هاجم الآخر وتتبعه وشكك في منجزه وصادر أقل حقوقه ونل منه أيما نيل ولا تنصفه بأي قول .. وكي تصبح (عاشقا) للنادي ومخلصا وهائما في الشعار يهيم بك جمهوره اصرخ وارفض وأنكر أي شيء بحقه حتى لو كان أمراً صريحاً واضحاً يراه الأعمى في رابعة النهار.. انه سباق محموم بينهم لنيل تلك المكانة وما أدراك ما تلك المكانة !! انظر .. جل حواراتنا أصبحت كليشة واحدة حد الملل، وأصبحت التعبئة والرأي المعروف المسبق هو الأمر السائد لكثير ممن يظهر في الشاشة أو الصفحة .. فأصبحنا نعرف آرائهم قبل أن يتفوهوا بكلمة تجاه لون القضية.. لم نعد نسمع الرأي النقي المحايد إلا ربما اذا كان النقاش عن خارج الرياضة برمتها. وانظر .. فمن أراد أن يتحدث بحرية مطلقة ويقول رأيه العفوي وسط هذا الجو المشبع تعصبا جو الحابل والنابل حور قوله الى دائرة التشكيك والتأويل والمآرب الأخرى. وانظر .. من يستغل ويستخدم الحقيقة لذر الرماد في العيون لا لتقويم معوج بل الى تقويض نجاح الناجحين ومطاردتهم حتى اسقاطهم وهنيئا له بذلك الدور المشين .. إني لا أزعم أني ناقم وحانق أو غيور ومصلح أو اني شخص حالم ومثالي بقدر ما أني أبحث عن لحظات استمتاع بحوار ناضج وراق حوار فكر لفكر ورأي لرأي شعاره المنطق وحده لا الدوافع الخاصة ولو لأيام من شهور او ساعات من أيام ، ابحث عن حوار واقعي يطرح وعيا لا حسابات أو تصفية حسابات أو محسوبيات ويقدم رؤية لا جدل عقيماً ونقاشاً تعداه وعفى عليه الزمن حوار استفيد منه وينهض به فكري وتتوقد به آمالي لهفة بمرحلة انتقالية تنقلنا قليلا الى الأمام الى الجيل الجديد المتقدم الرحب الواقعي الصريح المنفتح مرحلة العالم المتطور أو على الأقل ملامح منه.. مرحلة تطرد اليأس والسأم من وضع وجهل ظل مكانه عقودا من الزمن.. صدقا اقولها .. التأسي يأتي عندما ترى اسماء موهوبة وذكية جدا بإمكانها لو تحررت من أغلال فكر الثمانينيات لأشبعت الأجواء بكل ما هو مفيد ومثير وثري وجميل، ولكنها متى تنضج ..لا أدري..