الشركات العائلية في مختلف أنحاء العالم واثقة من آفاقها المستقبلية، لكن الكثير منها لا تقوم بما يكفي استعداداً للسنوات المقبلة، ونصفها تقريباً لا يملك خطة إحلالا وتعاقبا للقيادات والأجيال الصاعدة. ومن بين تلك الشركات التي وضعت خطة للتعاقب، فإن نصفها فقط حدد من سيتولى الإدارة العليا فيها مستقبلاً. وقد جاءت هذه النتائج في دراسة أجرتها شركة برايس ووترهاوس كوبرز (PwC) الرائدة في مجال الخدمات المهنية، على أكثر من 1,600 مدير تنفيذي للشركات العائلية في 35 دولة. وإذا عرفنا أن أكثر من 80% من الشركات في الشرق الأوسط تعتبر شركات عائلية، فإن مسألة التخطيط للمستقبل تبرز كحاجة أكثر إلحاحاً في هذه المنطقة. ورغم أن هناك عدداً كبيراً من الشركات العائلية شهدت زيادة في الطلب على خدماتها ونمواً في أعمالها بشكل غير متوقع خلال الأشهر ال12 الماضية (نمو متواضع: 32% من الشركات المشمولة في الدراسة، نمو كبير: 16%)، فإن 34% من تلك الشركات عانت من انخفاض الطلب، وذلك يمثل زيادة كبيرة عن نتائج العام 2007، حيث عانت فقط 10% من الشركات من انخفاض الطلب في ذلك العام عندما أجرت شركة برايس ووترهاوس كوبرز أول مسح عالمي للشركات العائلية. ورغم تأثير الركود الاقتصادي، إلا أن معظم الشركات العائلية تبدو واثقة في المستقبل، حيث تعتزم 60% من تلك الشركات توسيع أعمالها على مدى السنة المقبلة، و56% منها تنظر بإيجابية إلى آلية عمل وأداء الأسواق التي تنشط بها خلال العام المقبل. إضافة إلى ذلك، فإن 95% من أفراد العينة واثقون جداً، أو إلى حد ما، من مقدرة شركاتهم على المنافسة بشكل فعال أمام أبرز الشركات العاملة في قطاعاتها. تشكل الشركات العائلية جزءاً كبيراً من اقتصاديات الشرق الأوسط. وكمثيلاتها في العالم، فإنها في هذه المنطقة تواجه عدداً من التحديات الملازمة لعملية الانتقال من جيل إلى جيل؛ مثل المحافظة على سمعة العائلة والشركة وثقة العملاء، والأخذ في الاعتبار الدور المتغير للمرأة ومشاركة الأصهار وتأثيرهم بالقرارات، ناهيك عن نزاعات الآباء والأبناء، إضافة إلى قضايا الحوكمة والإدارة الرشيدة للشركة. إلا أن أحد أكبر المخاطر التي تواجه الشركات العالئية يبقى سياسة الانتقال من جيل إلى آخر. فقد أجاب 27% من أفراد العينة بأنهم يتوقعون أن تنتقل أعمالهم إلى شخص/أشخاص آخرين في غضون السنوات الخمس المقبلة، بينما يتوقع 53% من هذه الشركات أن تبقى الأعمال تحت مظلة العائلة. ورغم ذلك فإن 48% من الشركات المشمولة بالدراسة لا تتوفر لديها خطة لتعاقب القيادات، وهي نسبة مشابهة لنتائج المسح الذي تم إجراؤه قبل عامين. ومن بين تلك الشركات التي يتوفر لديها خطة تعاقب، فإن 50% منها فقط قد حددت من سيتولى الإدارة العليا فيها مستقبلاً. وعن الشركات العائلية في الشرق الأوسط، قال أمين ناصر، وهو شريك في خدمات استشارات الأعمال لدى برايس ووترهاوس كوبرز: "تعتبر الشركات العائلية في الشرق الأوسط فتية نسبياً وتدار بواسطة الجيل الأول أو الثاني من أفراد العائلة. وتنخرط هذه الشركات العائلية في مختلف قطاعات الاقتصاد وتشكل غالبية الناتج المحلي غير النفطي في المنطقة. علاوة على ذلك، تتوقع معظم تلك العائلات أن تظل أعمالها تحت مظلة العائلة في غضون السنوات الخمس المقبلة على الرغم من حتمية التغييرات الانتقالية من جيل إلى آخر". وفي ما يلي بعض النتائج الأخرى التي تشير إلى أن العديد من الشركات العائلية لم تتخذ التدابير والاحتياطات الكافية لضمان المستقبل: • 62% منهم غير مستعد لاحتمالية مرض، أو وفاة المدير الرئيسي أو صاحب المصلحة. • 56% منهم لم يقوموا بوضع أي إجراءات بشأن شراء الأسهم الخاصة بالمساهمين فاقدو الأهلية أو المتوفون. • 50% منهم إما يفتقدون للسيولة لشراء حصص أفراد العائلة الذين يرغبون في البيع، أو لم يفكروا في هذا الاحتمال. • 37% منهم لا يعرفون معدل الضريبة المحلية لأرباح رأس المال أو التي يتعين على شركاتهم الالتزام بها، بينما لا يعلم 58% منهم شيئاً عن التداعيات العالمية. كشفت الدراسة أيضاً أن عدداً محدوداً من الشركات على استعداد للتعامل مع النزاعات بين أفراد العائلة، حيث أجابت نسبة 29% فقط من أفراد العينة بأنها قد قامت بوضع إجراءات لتسوية المنازعات. والنزاعات بشأن من سيتولى مسؤولية إدارة الشركة قد تتفاقم أكثر بسبب النزاعات المادية المرتبطة بتوزيع الأرباح أو رأس المال. فقد أجاب 61% فقط من العينة بأنهم يعتقدون أن لديهم الموارد والأسس الكافية لتوزيع أصولهم بطريقة عادلة بين جميع الورثة، بما في ذلك أولئك الذين لا يعملون في الشركة العائلية. وفي هذا الصدد، علق رامي الناظر، الشريك في خدمات الاستشارات لدى برايس ووترهاوس كوبرز، بقوله:"النزاعات تحدث في العائلات وقد تجد طريقها إلى الشركات العائلية أيضاً. ومعالجة النزاع هي المفتاح ليس فقط لبقاء الشركة، بل من أجل بقاء العائلة نفسها. ويلاحظ أنه في كثير من الأحيان حين ينشأ نزاع عائلي فإن أفراد الأسرة لا يترددون في استخدام الأعمال المشتركة للتأثير على بعضهم البعض أو للانتقام مما يؤثر سلباً على تلك الشركات". واختتم الناظر بالقول: "في أية شركة عائلية، على أفراد العائلة إقامة علاقات عمل احترافية قوية بين الأجيال، فلا يكفي أنهم إخوة أو أبناء عمومة فحسب. وإذا برزت قضايا مفاجئة أو غير متوقعة فإن النزاعات قد تنشأ بينهم في حالة عدم وجود علاقات العمل الاحترافية هذه".