إنه لأمر بالغ الصعوبة افتراض أن تتبنى مختلف الاقتصادات العالمية سياسة اقتصادية واحدة، هذا على الرغم من حقيقة أن لا احد يرغب في رؤية المزيد من الكساد على المشهد الاقتصادي العالمي. دول الاتحاد الأوروبي مثلاً تنفق حالياً أقل داخل قنواتها الاقتصادية فيما تحاول السيطرة على عجز موازناتها، بينما ترغب الولاياتالمتحدة في ضخ المزيد من النقد في أسواقها. وخلال الفترة 2008-2010 تم ضخ أكثر من 2.6 تريليون دولار داخل الاقتصاد الأمريكي. وفي اليابان يعاني الاقتصاد من تراجع الأسعار والارتفاع القوي جدا للين، ما يلقي بظلاله على الصادرات اليابانية ويجعلها أعلى تكلفة، وبلا جدوى حاول البنك المركزي في اليابان التدخل والحد من ارتفاع الين. أما القطاع المصرفي في دول مجلس التعاون الخليجي فهو في طريقه للانتعاش التدريجي، ولديه من العافية والقوة ما يؤهله لتحمل العديد من الهزات الاقتصادية القادمة من الخارج في حال حدوثها. وهكذا يمكننا القول ان البنوك الخليجية قد تجاوزت الأسوأ ولذلك لا أرى أي مخاطر تتهددها في الوقت الراهن. لكن المشكلة الوحيدة أمام هذه البنوك تتمثل في أن نمو الأرباح سيكون أبطأ من التوقعات. من ناحية أخرى نرى أن بنوك دول مجلس التعاون الخليجي لم تتوسع على النطاق الأوروبي أو الأمريكي مما يحد من المخاطر المترتبة عليها من التطورات التي تحدث هناك. وكما نعلم فان عملات دول مجلس التعاون ترتبط بالعملة الأمريكية، وعليه فان أي ضعف للدولار مقابل عملات الدول الاقتصادية الكبرى وهذا تطور متوقع جدا، وهو ما يعني أن أسعار السلع الرئيسة مثل النفط ستكون أعلى تكلفة، سيعني أن المؤشر العام لأسعار السلع قد يرتفع ما سيؤدي أيضا إلى استجلاب المزيد من التضخم المستورد. وهنا لابد من الإشارة إلى أن الحديث عن إعادة تقييم العملات الخليجية لن يتوقف وسوف تبدأ الأسواق العالمية في المضاربة والتخمين على هذه القضية من جديد في العام القادم 2011م وبوتيرة أكبر في العام الذي يليه 2012م، وعليه نرى أن على دول مجلس التعاون اتخاذ القرارات المناسبة وإيصال الرسالة الصحيحة للأسواق، لكن بالتنسيق المتبادل الذي لا يترتب عليه أي أضرار على أي دولة من أعضاء هذه المنظومة. * مدير عام وكبير خبراء الاقتصاديين - البنك السعودي الفرنسي