المعارضة الصينية تجبر القمة على استبعاد الحديث عن قيمة عملات مخفضة اختتمت قمة مجموعة العشرين في العاصمة الكورية الجنوبية سول (أمس) الجمعة ببيان مشترك أغفل الخلافات الرئيسية بين زعماء الدول الأعضاء. واتفق قادة مجموعة الدول العشرين على السعي من أجل التوصل إلى معدلات صرف عملات تخضع لتحكم السوق، والامتناع عن تخفيض أسعار العملات بهدف تعزيز القدرة التنافسية. وأصدر المجتمعون في ختام القمة إعلاناً أكدوا فيه على اتباع سياسات قائمة على اقتصاد الماكرو لضمان التعافي والنموّ الاقتصادي، وتحسين استقرار السوق المالي بالأخص من خلال التوجه نحو "أنظمة معدلات صرف تخضع أكثر لتحديد السوق" ،وتحسين مرونة معدلات الصرف والامتناع عن "تخفيض أسعار العملات بهدف المنافسة"، وهو مصدر خلاف أساسي بين الصين والولايات المتحدة التي تتهم بيجينغ بخفض قيمة اليوان لتدعيم صادراتها. وأشار الإعلان الى ان الاقتصادات المتقدمة ستراقب الهشاشة المفرطة والحركة غير المنتظمة في معدلات الصرف. واتفق المجتمعون على إصلاح صندوق النقد الدولي من خلال منح حصة تمثيلية أكبر بنسبة 6% للدول النامية التي تتمتع بأسواق ناشئة ديناميكية والالتزام بحماية حصة التصدير المخصصة للدول الفقيرة. وتعهدوا بالعمل معاً من أجل التنسيق لتخفيض الإفراط في عدم التوازن والمحافظة على عدم التوازن في الحسابات الجارية عند معدلات مستدامة. وأصدر قادة الدول توجيهات لوزراء مالية وحكام المصارف المركزية في بلدانهم بوضع إجراءات إرشادية لتبيان الاختلالات الكبيرة في الموازين التجارية لاستخدامها في تحديد انعدام التوازن الكبير بوقت مبكر واتخاذ "الإجراءات الوقائية والتصحيحية". وأعلنوا عن وضع وسائل تهدف إلى تعزيز شبكات الأمان المالية العالمية تساعد الدول على التعامل مع الهشاشة المالية من خلال تزويدها بوسائل عملية تمكنها من تجاوز الانعكاس المفاجئ لتدفقات رؤوس الأموال الدولية. وجددوا دعمهم للتجارة الحرة والاستثمار، معترفين بأهميتيهما الكبرى لتحقيق تعاف اقتصادي عالمي، ورفضهم للحمائية، ودعوا إلى التوصل لإتمام مفاوضات الدوحة. وأعربوا عن التزامهم بحماية الحياة البحرية ومواجهة تحديات التغير المناخي العالمي. وعقد زعماء مجموعة الدول العشرين ثلاث جلسات مناقشة يوم أمس شملت إصلاح صندوق النقد الدولي، وشبكة الأمان المالية الدولية والنموّ المتوازن بين الدول المتقدمة والدول ذات الدخل المنخفض ، والتجارة الحرة والتغير المناخي. وقال الرئيس الكوري الجنوبي لي ميونغ انه تم تحقيق "تقدم كبير" في مفاوضات الدقيقة الأخيرة للتوصل إلى تسويات حول الخلافات على أسعار العملات وعدم التوازن التجاري بين الدول المشاركة في القمة. وعلى الرغم من حديث رئيس الدولة المضيفة عن "اتفاق تاريخي"، جاء البيان الختامي مبهما بشأن أمور محددة وجرى ترحيل الكثير من التفاصيل إلى اجتماعات في المستقبل. وفي أكثر القضايا جدلا، وهي أسعار الصرف ، وافق الزعماء على "الانتقال إلى نظم سعر صرف تحددها السوق" من أجل أن تعكس "العوامل الاقتصادية الأساسية". لكن جرى استبعاد أي حديث عن "قيمة عملات مخفضة" نظرا للمعارضة الصينية. وشملت مجموعة العشرين للمرة الأولى في أجندتها موضوع التنمية مع إلزام القادة أنفسهم بخطة عمل لعدة سنوات بهدف تعزيز الأمن الغذائي وسد الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة. التصدير غير الصحي من جهته أعرب الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن رضاه عن نتائج القمة، لكنه حاول أوباما في الوقت نفسه التقليل من صورة الخلافات مع ألمانيا والصين حول قضايا خاصة بالتجارة وأسعار العملات حيث وصف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الصيني هو جينتاو ب"الأصدقاء الحقيقيين". وقال أوباما إن الدول التي لديها فائض في الميزان التجاري يجب أن تبتعد عما أسماه "التصدير غير الصحي" وتعزز الطلب الداخلي وذلك في إشارة إلى اليابانوألمانيا والصين. من ناحية أخرى شدد الرئيس الأمريكي على ضرورة أن "تعكس أسعار صرف العملات الحقائق الاقتصادية" مشيرا إلى أن الصين تدفع مبالغ كبيرة من أجل الابقاء على قيم منخفضة لصرف عملتها. وأوضح أوباما أنه يدرك أن القمة ستنجح في إجراء تغييرات بسيطة فحسب معلنا في الوقت نفسه عن قيام الرئيس الصيني بزيارة واشنطن مطلع العام المقبل. ويرى المحللون أن أوباما ذهب للقمة وهو في حالة انكسار بسبب أزمة الاقتصاد الأمريكية وخسارة حزبه في انتخابات الكونجرس. وردا على سؤال عما إذا كان فقد مكانته على المسرح الدولي قال أوباما:"الإجابة لا". روح الجماعة قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إنها تلمس استعدادا متزايدا للتعاون في السياسات الاقتصادية داخل مجموعة العشرين. واضافت ميركل إن "ألمانيا لها بالطبع مصلحة كبيرة في أن تسود أجواء بناءة هنا" مشيرة إلى أن هذا سينعكس بالطبع على الشركات الألمانية لاسيما العاملة في قطاع التصدير. وبرغم التقدم الملحوظ تحدثت ميركل في الوقت نفسه عن مفاوضات عصيبة في الكثير من الأحيان ولكنها أوضحت أن النتيجة أظهرت أن "روح الجماعة هي التي تنتصر". وأضافت ميركل أن هذه الإشارة يجب أن تحمل رسالة مهمة للقمة المقبلة التي ستترأسها فرنسا المرة المقبلة. فرنسا تتسلم رئاسة القمة إلى ذلك تقرر أن تعقد القمة المقبلة لمجموعة العشرين في الثالث والرابع من نوفمبر 2011؛ في مدينة كان جنوبي فرنسا، كما اكد الجمعة لوكالة (فرانس برس) دافيد ليسنار مساعد عمدة المدينة. وستعقد قمة مجموعة العشرين في قصر المهرجانات حيث يجرى سنويا مهرجان كان السينمائي. وقال ليسنار ان "من السهولة بمكان التحكم بالتدابير الامنية في هذا المكان". واضاف ان كان اختيرت بسبب "تقارب الامكنة" اي قرب قصر المهرجانات والفنادق، مما يتيح تنظيم حدث على هذا القدر من الاهمية في محيط ضيق. وتتولى فرنسا منذ الجمعة الرئاسة السنوية لمجموعة العشرين في ختام قمة مجموعة البلدان الصناعية والناشئة في سول. وفي يناير ستتولى رئاسة مجموعة الثماني مدة سنة ايضا. وكان وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير اعلن الثلاثاء ان القمة المقبلة لرؤساء دول وحكومات مجموعة الثماني يفترض ان تعقد في يونيو في دوفيل، وان قمة مجموعة العشرين يفترض ان تعقد مبدئيا اواخر 2011 في كان. وامسك الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمس (الجمعة) في سول بمقاليد رئاسة مجموعة العشرين بامل الدفع قدما بالاصلاحات التي من شانها ان تحد من انعدام التوازنات الاقتصادية مبديا شيئا من التواضع نظرا لضخامة المهمة. الأمن الغذائي للدول النامية تبنت مجموعة العشرين في ختام القمة خطة عمل لدعم الدول النامية ترمي الى تعزيز بناها التحتية وتحسين ضمان أمنها الغذائي ومكافحتها التهرب الضريبي، وأشارت الوثيقة النهائية إلى أن الازدهار ينبغي ان يشاطر كي يكون مستداما، كما تريد مجموعة العشرين تعزيز مشاركة القطاع الخاص في التنمية، وعلى الاجراءات التي تتخذ أن تفصل على قياس كل دولة نظرا الى استحالة تطبيق حل موحد في أنحاء العالم. وتنص خطة المجموعة على تسهيل الاستثمارين العام والخاص في مشاريع بنى تحتية لاقتصادات الدول النامية . وستشكل المجموعة لجنة رفيعة المستوى تتألف من نحو 12 عضوا لجمع الأموال من أجل هذه الاستثمارات، وتسعى أيضا إلى ضمان الأمن الغذائي في الدول الأكثر فقرا عبر تحسين اطلاعها على المخزون الغذائي وتأمين اجراءات لتغذية الدول الأكثر ضعفا وضمان الحصول على المساعدة الانسانية. كما تعد المجموعة الدول النامية بتحسين أنظمتها للرعاية الاجتماعية وللضرائب على الأخص عبر مكافحة التهرب الضريبي.