لا يمكن لأي مناسبة في هذه الأيام أن تستقطب اهتمام العالم والمسلمين بصفة خاصة أو تلفت الأنظار لها مثل مناسبة الحج، التي يتوافد لها الحجاج من مختلف أقطار الدنيا، ليحتشدوا في مكان واحد ويسلكوا طريقاً واحداً للتنقل بين المشاعر المقدسة بكل انسيابية، وفي منظر بهيج مفعم بروح الإيمان للوصول إلى هدف واحد ألا وهو إرضاء الرحمن عز وجل. وهؤلاء الملايين من الناس الذين تحملوا مشاق السفر بهدف تحقيق الحلم الذي يراود كل مسلم قبل أن تدركه المنية، هم بالواقع مختلفو الثقافات والتوجهات والفكر، ويتحدثون بلغات ولهجات مختلفة، ومن شأنهم أن يتأثروا ويؤثروا. وتلك الحشود لا يمكن لها لو تواجدت في مكان آخر من العالم أن تنجز مهمتها أو أداء شعائرها الدينية بكل يسر وسهولة وطمأنينة وبنفس الدقة في التنظيم، والشواهد كثيرة. وكون المملكة العربية السعودية قيادة وشعباً قد شرفها الله بخدمة المقدسات الإسلامية، فقد أخذت على عاتقها تحمل مسؤولياتها تجاه ضيوف الرحمن من خلال توفير كل الإمكانات التي تمكنهم من أداء مناسكهم دون أن يشعروا لحظة بالغربة أو ما يعكر صفوهم، وذلك من خلال توحيد جهود كل قطاعات الدولة كلاً في مجال اختصاصه، والعمل كمنظومة واحدة سواءً فيما يتعلق بحسن استقبال الحاج وتوفير الغطاء الأمني له والإيواء المناسب والمريح، وتوفير أفضل الخدمات وجعلها في متناول الحاج أينما حل، ومن خلال الخبرة التي اكتسبتها الكوادر البشرية في إدارة الحشود في المكان والزمان المحدد،وكثيرمن الدول الكبرى أصبحت تستعين بخبرات سعودية في إدارة الحشود، ولكن ما يثلج الصدر هو الشعور بالمسؤولية وتفاني الجميع في خدمة الحجاج الذي يعتبره كل مواطن ومجند في خدمة الحجاج وسام شرف لا يضاهى. ولأن بلادنا اكتسبت ولله الحمد ثقة العالم الإسلامي، بما يليق بمكانتها الدينية قبلة للمسلمين أو مكانتها على الصعيد الدولي في مختلف المجالات،فإن هذه المناسبة السنوية لا تخلو أيضا من العبر والدروس المستفادة، وانعكس ذلك جلياً على نجاح الخطة الشاملة للحج والتطور في آليات تنفيذها وتطويع التقنية لما من شأنه الارتقاء بالخدمة المقدمة لضيوف الرحمن من عام إلى آخر. ولعل المتابعة عن كثب من قائد المسيرة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين لتحركات الحجاج والتواجد بالقرب منهم خلال أيام الحج، والإشراف المباشر من النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس اللجنة العليا للحج .إنما هو دافع كبير لترجمة كل الجهود لما فيه خير الأمة. تمنياتنا لضيوف الرحمن حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً والعودة إلى أوطانهم سالمين غانمين بعد أن يمن الله عليهم بأداء مناسكهم وأن يحملوا الذكرى الطيبة عن هذه الأرض المباركة. * مساعد قائد قوة الجوازات للحج