تيسير الحصول على المسكن يقع في درجة متقدمة من بين أولويات التنمية وهو أحد أهم الضرورات اللازمة لحياة الإنسان ويرتبط بالأمان والاستقرار والإنتاج، ويؤدي العجز في الحصول على مسكن إلى تعطيل عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المدن، وذلك باعتبار أن توفير السكن يعتبر عاملاً هاماً للاستقرار الاجتماعي والتقدم الاقتصادي والأمن الوطني. ويتسم التيسير في الإسكان بأهمية إستراتيجية، حيث يعني ذلك توفير مساكن تستوعب الأسر وتتوافق مع احتياجاتهم وإمكاناتهم المالية لتمكينهم من حقهم الإنساني في التملك، إلا أن ذلك يستلزم تكامل العديد من العوامل المتمثلة باختصار في الجوانب التشريعية والتمويلية والتخطيطية والتصميمية والإنشائية. ولاتقتصر مشكلة الإسكان علينا في المملكة بل هي مشكلة عالمية استطاعت بعض الدول على التعامل معها بشكل جيد وأخفقت أخرى، ولأجل حل هذه المشكلة من وجهة نظري لابد أولاً من الاستفادة من التجارب الناجحة في تيسير الحصول على مسكن كالتجربة الكندية من خلال قيام الدولة بتأسيس المؤسسة الكندية العامة للإسكان وتبنيها لبرنامجين رئيسيين هما: الضمان الإقراضي والتمويل منخفض التكاليف، وكذلك التجربة الماليزية التي تفوقت من خلال تكوين شراكة وعلاقة مباشرة بين الدولة والبنوك لتقديم مساكن ميسرة وفق ضمانات تقدمها الدولة للبنوك لضمان حقوقها. وفي اعتقادي أن النجاح في تيسير الحصول على المسكن يتمثل في الاستفادة من أي تجربة ناجحة والبدء عاجلاً بمجابهة أزمة الإسكان المتفاقمة قبل أن تحصل أزمات أخرى اجتماعية وأمنية واقتصادية ناتجة عن عجزنا في معالجة أزمة الإسكان. والأهم من ذلك أن نبدأ خطوة إلى الأمام في تيسير الحصول على المسكن، فمهاتير محمد صاحب التجربة الرائدة في التنمية الماليزية تحدث عن توقعاته ونجاحه في التنمية الماليزية فقال: " لم أكن أعلم كم سيستغرق من الوقت، فأنا فوجئت شخصياً بأن الأمر استغرق وقتاً قصيراً كهذا "، ويبقى النجاح الحقيقي في معالجة أزمة السكن في البدء بخطوات تنظيمية وتشريعية شاملة لتيسر السكن فرحلة الألف ميل تبدأ بخطوة. * متخصص في التخطيط العمراني