في وسط غمرة احتفالات منظّمة اوبك بيوبيلها الذهبي (أي مرور خمسين عاما على انشائها) بدأ السباق فجأة بين العراق وايران على أيّهما لديه احتياطي بترول أكثر من الثاني. فأعلنت العراق أولا في 4 اكتوبر (أي قبل أقل من شهر واحد) زيادة احتياطياتها المؤكّدة من البترول بمقدار 25 % فقفزت احتياطياتها من 115 (مائة وخمسة عشر) مليارا الى 143 (مائة وثلاثة وأربعين) مليار برميل أي أكثر قليلا من احتياطي ايران البالغ 138 (مائة وثمانية وثلاثين) مليار برميل. ولكن لم يمض سوى أقل من اسبوع واحد على اعلان العراق حتى أعلنت ايران زيادة قدرها 9 % لتصبح احتياطياتها المؤكّدة 150 (مائة وخمسين) مليار برميل أي أكثر قليلا من احتياطي العراق الجديد. وكي تقفل ايران الباب أمام العراق وفي نفس الوقت تعلن لأعضاء اوبك الآخرين بأنها مستعدة للدخول في سوق المزايدات على الاحتياطيات قالت على لسان وزير بترولها مسعود مركاظمي إنها ستراجع حساباتها وقد تعلن عن زيادات جديدة في نهاية العام (المصدر مجلة البترول والغاز جورنال OGJ أقدم وأشهر دورية خاصة تنشر احتياطيات البترول والغاز). ثمّ دخلت فنزويلا الحلبة على عجل - من غير احّم ولا دستور - فأعلنت أن احتياطياتها من البترول تبلغ 316 (ثلاثمائة وستة عشر) مليار برميل متخطيّة احتياطي جميع بقية فرسان اوبك التسعة - من الأثنى عشر فارسا - المنتظرين دورهم لدخول الحلبة (المصدر ماسداك نيوز 13 اكتوبر). أوّل من انتقد العراق على زيادة تقدير احتياطياتها من البترول هو وزير البترول العراقي الأسبق عصام الشلبي فوصف الدوافع لإ علان العراق زيادة احتياطياتها بمقدار 25 % بأنها لأسباب سياسية. كما وصف الشلبي - أيضا- زيادة احتياطيات ايران بأنها Unreliable (أي لايعتمد عليها). أما بالنسبة لزيادة احتياطي بترول فنزويلا فإنه من الواضح أن تصريح وزير بترولها رفائيل راميريز يوم الأربعاء 13 اكتوبر - أي قبل يوم واحد - من عقد اجتماع منظمة اوبك في فيينا (مقر اوبك) يوم الخميس 14 اكتوبر القصد منه هو المزايدة على اعلان العراق وايران. وكذلك تحسبا لمن سيتبعهما من الأعضاء الآخرين لأن فنزويلا سبق أن أعلنت منذ وقت قريب (بالتحديد أواخر العام الماضي 2009) عن زيادة احتياطياتها بمقدار 23 % ليبلغ احتياطها 211 (مائتين واحد عشر) مليار برميل. الآن ياهل ترى من سيأتي بعد هؤلاء الفرسان الثلاثة من الإثنى عشر فارسا (بعد أن خرج الفارس الثالث عشر بعد نضوب بترول اندونيسيا) للإعلان عن اضافة احتياطيات جديدة تعيد للأذهان ماحدث تماما في الثمانينيات ممّا أدى الى انهيار أسعار البترول. لي رجاء حار أوجّهه لكل من أرامكو السعودية ، وشركة النفط الكويتية (وهما الشركتان الرزينتان) أن لا تشاركا بفرسيهما في دخول مضمار سباق سيكون حتما الرابح فيه - كما علّمتنا التجارب الماضية - هو الخسران. لأن من يعلن - سواء حقا أو ادّعاء - بأن لديه احتياطيا أكثر كثيرا من الآخرين سيكون عرضة للضغوط التي تطالبه بأن ينتج أكثرمن الآخرين (حتى لو كان على حساب نضوب بتروله) وعندما لا يتجاوب - أو بالأحرى يعجز - عن تلبية الزيادة المطلوبة ستوجّه له أصابع الأتهام - كالعادة - من كل جانب بأنه أنانيّ، جشع، طمّاع يحتكر البترول ويرفع الأسعار فيعيق النمو في اقتصاديات الدول المتقدمة ويزيد الفقر في الدول الفقيرة. للأسف - خاب حدسي - فبعد أن أنهيت كتابة هذا المقال وأوشكت على ارساله تفاجأت بخبر لوكالة فرانس برس AFP نقلا عن جريدة الجريدة الكويتية العدد 1067 الخميس 21 اكتوبر 2010 بأن الكويت قد أعلنت عن زيادة في احتياطياتها قدرها 12 (اثنى عشر) مليار برميل في حقل برقان أكبر حقل بعد حقل الغوار وأنها تتوقّع زيادات أخرى. عمود الأسبوع القادم - ان شاء الله - سيكون بعنوان: "لا أتّهم هيئة الا لكن عجزت أفهم الانجازات