ترأس معالي وكيل وزارة الداخلية الدكتور أحمد بن محمد السالم مساء امس أعمال جلسة العمل المسائية المخصصة لبحث جريمة الفساد كظاهرة دولية عابرة للحدود وطرق مكافحتها وذلك في إطار أعمال القمّة الدولية الثانية عشرة حول الجريمة العابرة للحدود التي تستضيفها جنيف. وخلال الجلسة قدم معاليه شرحا مفصلا عن جهود المملكة العربية السعودية في مجال حماية النزاهة ومكافحة الفساد، حيث أكد معاليه أن المملكة -انطلاقا من تعاليم الشريعة الإسلامية- بادرت إلى وضع تدابير وطنية تكفل تحصين المجتمع ضد الفساد، وكشف مرتكبيه ومحاسبتهم، وتعزيز التعاون مع غيرها من الدول في سبيل مكافحته، وأنها تعد من أوائل الدول التي بادرت إلى مكافحة هذه الظاهرة والتصدي لها. ففي عام 1961م أصدرت المملكة نظام "محاكمة الوزراء" بموجب المرسوم الملكي رقم (88)، وتبع هذا النظام إقرار منظومة من التشريعات ك "نظام مكافحة التزوير" في عام 1961م، و"نظام تأديب الموظفين" في عام 1971م" و"نظام مكافحة الرشوة" في عام 1992م، والتي تهدف في مجموعها إلى حماية النزاهة ومكافحة الفساد. وفي إطار مواصلة الدولة جهودها في مكافحة الفساد الإداري والمالي، بيّن الدكتور السالم أن مجلس الوزراء أقر في عام 2004م الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، والتي أكدت على مبدأ مسائلة كل مسؤول -مهما كان موقعه ومركزه- عن المخالفات وأوجه القصور، وهدفت إلى مكافحة الفساد بشتى صوره ومظاهره، وتوفير المناخ الملائم لنجاح خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتحقيق العدالة بين أفراد المجتمع. كما أفاد الدكتور السالم أن الجهات المختصة تعكف في الوقت الحاضر على استكمال منظومة التشريعات الوطنية لمكافحة الفساد بإعداد مشروع "نظام مكافحة الإعتداء على المال العام" بما يتواكب مع المستجدات والتطورات الإقليمية والدولية في هذا الشأن، ومن المتوقع صدور هذا النظام في القريب العاجل. كما أوضح الدكتور السالم أن المملكة قامت بالتوقيع على "اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد" وهي قيد إجراءات المصادقة من قبل الجهات المختصة في المملكة. كما صادقت المملكة في عام 2005م على "اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية" والبرتوكولات المكملة لها. كما قامت المملكة بعقد عدد من الاتفاقيات الأمنية الثنائية مع غيرها من الدول الصديقة شملت التعاون على مكافحة الفساد وملاحقة مرتكبيه. وفي خطوة غير تقليدية، بين الدكتور السالم أن السلطات في المملكة قامت بفتح حساب بنكي خاص للراغبين في إعادة الأموال المكتسبة عبر اختلاس المال العام تحت مسمى "حساب إبراء الذمة"، سواء كان ذلك بدافع ندمهم أو تأنيب ضميرهم بسبب ارتكابهم لمثل هذه الجرائم، دون تعرضهم للتحقيق أو أي شكل من أشكال المساءلة، ويتم استخدام الأموال المودعة في الحساب البنكي آنف الذكر في العمل الخيري. وقد بلغ مجموع الأموال المودعة في هذا الحساب حتى 1/9/1431ه الموافق 10/8/2010م، مائة وتسعة وسبعين مليون ريال تقريباً تصرف حصيلتها على القروض الاجتماعية مثل الزواج، ترميم المنازل، مساعدة الأسرة لمواجهة المتطلبات الضرورية. وأكد الدكتور السالم أن الأمر السامي الكريم الذي صدر بشأن "كارثة سيول جدة" يشكل إدانة صريحة وغير مسبوقة لكل أشكال الفساد ويعزز ثقة المواطن بالمؤسسات الرسمية وبكافة الجهات الرقابية المعنية بمكافحة الفساد، حيث أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بإحالة جميع المتهمين في كارثة سيول جدة إلى هيئة الرقابة والتحقيق وهيئة التحقيق والادعاء العام كل فيما يخصه بعد استكمال قضاياهم من جهة الضبط الجنائي. وقضى الأمر الملكي باستكمال التحقيق مع بقية من وردت أسماؤهم في تقرير "لجنة التحقيق" أو المطلوب سماع أقوالهم أو من يتطلب التحقيق استدعاءه في فاجعة السيول. وتضمن الأمر السامي رقم أ/66 بتاريخ 26/5/1431ه في الفقرة (9) من ثالثا توجيه وزارة الداخلية بالمملكة بإدراج جرائم الفساد المالي والإداري ضمن الجرائم التي لا يشملها العفو الوارد في ضوء التعليمات والأوامر والتنظيمات المتعلقة بمكافحة الفساد، ونص الأمر السامي في الفقرة (4) من ثالثا على تكليف هيئة الخبراء بمجلس الوزراء بتطوير أنظمة الرقابة والضبط ووحدات الرقابة الداخلية بما يمكنها من أداء المهام المنوطة بها. وأكد الدكتور السالم أن هذه القرارات تحمل في طياتها رسالة صريحة وواضحة للاجهزة الحكومية المعنية إلى القيام بمهامها في حماية النزاهة ومكافحة الفساد وممارسة اختصاصاتها وتطبيق الانظمة المتعلقة بذلك وتقليص الاجراءات وتسهيلها والعمل بمبدأ المساءلة لكل مسؤول مهما كان موقعه وفقا للأنظمة. وعقب الجلسة قام رئيس منتدى كرانس مونتانا الدكتور جين بول كارتيرون بمنح الدكتور السالم "وسام المنتدى" تقديرا لجهوده في إثراء وتطوير النقاش الدائر حول الإرهاب والجريمة المنظمة والعابرة للحدود والفساد وطرق التصدي لهذه الظواهر الإجرامية وذلك على المستويين الإقليمي والدولي.