في مناسبة في هذا الأسبوع وبين شوطي مباراة لكرة القدم انتقد بعض الحاضرين بطء بعض اللاعبين وضعف دقة البعض الآخر في التصويب. كما وردت العديد من التعليقات حول تجانس الفريق أو أنانية البعض، وعدم اتخاذ القرارات المناسبة سواء في التصويب أو التمرير، أو عدم قدرة بعض اللاعبين على التركيز والحضور الذهني الكامل في الملعب، والتأثر السلبي ببعض قرارات الحكم أو صرخات الجماهير. وحاولت مواساة الحانقين بأن فريقهم الذي ينتقدونه سيهزم وبنتيجة كبيرة فريقا من الروبوتات (رجال آليين) لو نزلوا على أرضية الملعب. وبعد تجاذب أطراف الحديث حول هذا الأمر ذكرت لهم أن فريقا لكرة القدم من الروبوتات بعد 30 أو 40 سنة سيهزم لا محالة أفضل فريق في العالم وبنتيجة كبيرة، حيث إن هناك تقدما ملحوظا في عملية تسريع الحركة واتخاذ القرار لدى الروبوتات. بل إن زيادة الدقة في الحركة أو التصويب أصبحت أمرا واضحا، ويبشر بمستقبل كبير وعجيب، وقد يكون خطيرا لهذه الروبوتات. وحاول بعض الحضور التشكيك في هذه النظرية، فذكرتهم بالتحدي الكبير الذي خسره الإنسان في لعبة الشطرنج التي كان التفوق فيها بشكل كبيرا للعنصر البشري إلى أن قامت شركة(آي بي إم) بتطوير نظام (ديب بلو)الذي هزم بطل الشطرنج العالمي غاري كاسباروف في عام 1997 م. بالطبع فالروبوتات لهم ميزات تتفوق على نظرائهم من بني البشر.. فالعناصر النفسية غير موجودة على الإطلاق لدى الروبوت، وكثيرا ما نسمع عن لاعب متميز يخفق في مباراة لأنه كان (متنرفزا)، أو لتفاعله العكسي مع صياح الجمهور، أو رشقه بالأحذية، أو لوجود تعليقات صحافية ضده،أو غيرها من العوامل النفسية الأخرى. وأيضا فعامل الدقة يرجح كفة الروبوتات، فاتخاذ القرار بتسديد الكرة، أو تمريرها، أو المناورة هو مجرد عمليات حسابية في دماغ اللاعب، ولا شك بأن تقدم تقنيات المعالجات تتيح للروبوتات عمل هذه الحسابات في جزء من ملايين الأجزاء في الثانية، مما يلغي احتمالية التمريرة أو التسديدة الخاطئة. ناهيك عن عنصر اللياقة الذي يلعب لصالح الروبوتات، فمادامت البطارية مشحونة، أو هناك شحن حركي ذاتي، فلن يتوقف الروبوت إلا داخل منطقة الثمانية عشر ليحتفل بالهدف على طريقته الروبوتية. على كل بدأ الشوط الثاني وسألني أحد الأصدقاء عما إذا كنت سأشجع فريق الروبوتات أم فريق البشر عندما يحين الوقت لمباراة قوية، فذكرت له أن أحد الفريقين سيكون روبوتات خالصة، أما الفريق الآخر فلن يكون- والله أعلم- بشرا خالصا بدمه ولحمه، حيث إنه من المحتمل وبدرجة كبيرة أن يكونوا بشرا ممزوجين بأذرع وأقدام وأدوات تقنية. وطرح أحد الأصدقاء بأن الفيفا قد لا تجيز مثل هذه التعديلات على اللاعبين، إلا أننا نتساءل هل ستبقى الفيفا كما هي، وهل سيبقى الحكم بشرًا محدود القدرات، أم سيتم استبدال ذلك بنظام ذكي يحكم المباراة من دون أي أخطاء مقصودة أو غير مقصودة! بالطبع فلن تكون روبوتات المستقبل للعب الكرة فقط، بل ستلعب أدوارا خدمية وصناعية كثيرة، وأدوارا عسكرية وأمنية. ويبقى القول بأن ولاء تلك الروبوتات الذكية جدا قد لا يكون على ما يرام للمستفيدين منه بل لمصنعيها.