سمعت إعلاناً لتوعية المستهلك من مخاطر شراء الأطعمة من الباعة المتجولين عبر إحدى الإذاعات على ال FM، والإعلان موجه من جمعية حماية المستهلك للمواطنين والمقيمين، وتدور أحداث الإعلان أن الشخصية المعروفة " أشعب " (المشهور بطمعه وحضوره المناسبات دون دعوة من أجل الأكل)، يؤلمه بطنه بشده فسأله أحدهم ماذا أكلت؟، فقال أشعب: اشتريت " فستقاً " من أحد الباعة المتجولين. فنصحه الآخر بعدم شراء الأطعمة من الباعة المتجولين لخطورة ذلك. وبطبيعة الحال يعتبر الإعلان "بشكل عام" كونه توجيهيا، مجهودا تشكر عليه الجمعية، وبتحليل الإعلان ومحتواه فأعتقد بأنها لم توفق باختيار الشخصية التي تمثل "المستهلك" فأغلب المواطنين في الوقت الحالي "غير طماعين" بل "مساكين" يبحثون عن أساسيات "الغذاء" التي طارت أسعارها وأصبحت بعيدة عن "إمكانياتهم" وليس بمقدرتهم شراء "الفستق" للترفيه والتسلية خاصة وأنه من أغلى أنواع المكسرات وليس مثل "الفصفص" أو "حب القرع"، وإذا كانت الجمعية حريصة على شخصية "أشعب" بأن تكون في سيناريو الإعلان فقد يكون من الأنسب تجسيدها على شخصية بعض التجار الجشعين والتحذير من تلاعبهم وأساليب الاحتيال. ومن ناحية أخرى قد يحسب "للجمعية" في الإعلان عودة شخصية "أشعب" من جديد عبر وسائل الإعلام، والتي ستساهم بأن يعود البعض لقراءة قصصه ومواقفه وسيرته للترفيه عن أنفسهم "وسط ما يعانونه من الغلاء" بالإضافة إلى الاستفادة من أسلوب حياته بأخذ المفيد منها وتجنب سلبياتها، وبذلك تكون الجمعية قد فتحت الباب للمستهلك لزيادة ثقافته العامة والاقتصادية بعدما ذكرته بشخصية أشعب الذي قالت الكتب عنه الكثير ومما قيل.. قرأت أن "أشعب" هو شخص ظريف من أهل المدينة كنيته أبو العلاء، وشهرته (أشعب الطمّاع)، عاش في العصر الأموي، ومن المعروف عنه أنه أزرق، أحول العينين، أقرع، ألثع، يجعل الراء واللام ياءً، وهذه الصفات جعلت منه مهرجا هازلاً للعامة والخاصة، وهنا فائدة بأنه استغل سلبيات "هيئته" ومزجها بالتهريج ليقتات ويصبح رزقه وأكله وشربه من هذه السلبيات التي تحولت إلى إيجابيات، فبإمكان الجميع تحويل السلبيات إلى إيجابيات مهما كانت، ويجب ألا ننسى بأنه لولا "إعلان أشعب جمعية حماية المستهلك" لما انتبهنا لهذه الفائدة، إلا أننا نتمنى من "الجمعية" أن تكون إعلاناتها الإرشادية وتوجهها يخاطب وجدان "المستهلك" ويعزز ثقته بنفسه تلك " الثقة " التي فقدها بمن حوله وخاصة "الجمعية" فكما.. رأيت حضوراً غفيراً جاء خصيصاً للتعرف على الجمعية وطلب ودعها (عضويتها) في محاضرتها "التعريفية" التي سبق ونظمتها في غرفة الرياض، فكانت آمالهم وطموحهم معلقة بهذه الجمعية بأن تكون سنداً ونصيراً لهم، إلا ان الكثير منهم خرج من المحاضرة خائب الرجاء وكأنها محاضرة نظمت لتفريق الشمل وليس للمة، وسبب خيبتهم ليس تقليلا "بممثلي الجمعية" أو التشكيك بوطنيتهم وحرصهم على "المستهلك" إلا أنها بسبب أنهم يعتقدون بأن مصائب "الغلاء" و"الغش" أكبر من الجمعية وأقوى منها، فعلى ما يبدو أن الجموع الحاضرة كانت لا تريد سوى شيء واحد فقط، وهو القوه "الإعلامية" وأن تكون قائداً لهم يوجههم. وكانت الجمعية قد أعلنت سابقاً على لسان نائب رئيسها د. ناصر ال تويم بأنها قد تتبنى حملات مقاطعة في حال تأكدها من عدم وجود مبررات منطقية لارتفاع الأسعار، إلا أنها "طفت النور" بعد ذلك، ولم تنفذ تهديدها الذي نشر بتاريخ 2محرم 1431ه، فالمستهلك بالمملكة يفتقد لتنظيمات رسمية توحد صفوفه وتقيم له ارتفاع الأسعار "المبرر" و "غير المبرر"، في الختام، جهودٌ كبيرة ينتظرها المستهلك من الجمعية وهي قادرة على إعادة الثقة بها، في حال طورت من أدائها، واستفادت من سلبياتها السابقة وحولتها إلى إيجابيات، ونأمل ألا يتكرر إعلان "أشعب صاحب البطن الأوسع من ملعب".