يستعد البرلمان الجزائري اليوم الخميس، في تقليد سياسي تقره المادة 84 من الدستور، وللمرة الرابعة في تاريخ البلاد فقط، لمناقشة ما يعرف في الجزائر ب"بيان السياسة العامة" يعرضه الوزير الأول أحمد أويحي قبل أن يتولى البرلمانيون تقييمه على مدار أسبوع كامل في جلسات تنقل مباشرة على التلفزيون الرسمي. وفي اتصال ل"الرياض" أمس الأربعاء مع أبوكر محمد سعيد، رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الإسلامي المعتدل أكبر الأحزاب الإسلامية في البرلمان الحالي الذي تتنازعه سبعة أحزاب سياسية كبرى من الموالاة والمعارضة فضلا عن كتلة الأحرار، أقر أكثر البرلمانيين الجزائريين حضورا بقصر زيغود يوسف، حيث مقر الغرفة التشريعية الأولى بقلب العاصمة الجزائر، أن بيان السياسة العامة مفتوح على آفاق لما بعد 2010 / 2014 ، أي المخطط الخماسي المقبل المتضمن لبرنامج الرئيس بوتفليقة لدعم النمو، ولا يقدم جديدا في فترة ال 18 شهرا التي تشملها حصيلة مخطط عمل الحكومة الحالية للفترة ما بين 2009 /2010. ويفسّر النيابي المحسوب على التيار الإسلامي المعتدل الخلل الذي يعتري بيان السياسة العامة لهذه السنة ب"التأخر" الحاصل في تنفيذ مختلف الورش التي فتحها الرئيس بوتفليقة على عدد من الصعد، ولم ينته العمل بها بعد، بالأخص في مجال البنى التحتية والسكن وبرامج التشغيل ومحاربة البطالة. ويفرد بيان السياسة العامة حسب أبوكرسعيد، حيزا هاما للمسألة الأمنية في البلاد، ويقر بتعافي الوضع الأمني في الجزائر ويثني بشكل لافت على جهود المؤسسة العسكرية في مكافحة الإرهاب، وانحصار الأخير بمناطق جد محدودة، كما يشيد بالنتائج التي حققها ميثاق السلم والمصالحة ودوره في عودة عشرات الآلاف من المغرر بهم أو "التائهين" كما ينعتهم البيان إلى أحضان المجتمع، وإبقاء السلطة باب التوبة مفتوحا أمام واضعي السلاح ضمن سياسة "اليد الممدودة" التي يصر الرئيس الجزائري على مدّها باتجاه كل من يرغب في الاستفادة من تدابير العفو. وتعد هذه المرة الرابعة منذ إقرار التعددية الحزبية والإعلامية في الجزائر العام 1989، التي ينزل فيها رئيس الجهاز التنفيذي إلى البرلمان لعرض بيان السياسة العامة لحكومته المكلفة بتطبيق برنامج رئيس الجهورية الذي لم يتوقف بوتفليقة عن تعزيزه بمخصصات مالية خيالية آخرها 21.214 مليار دينار أي ما يعادل ( 286 مليار دولار ) اقتطعها الرئيس الجزائري من الخزينة العمومية لدعم النمّو. وشرع الرئيس بوتفليقة في تطبيق دعوته للإصلاح السياسي، بدءا من نفسه، بعدما عمد عشية الذكرى الأولى لإعادة انتخابه لولاية ثانية في الثامن أبريل 2004 إلى تقديم الحصيلة السياسية والاقتصادية للخمس سنوات الماضية زائد السنة الأولى من عهدته 2005/ 2009 في خطاب استغرق ساعتين وجهه للأمة أمام إطارات الدولة بنادي الصنوبر بقصر المؤتمرات. ويسمح الدستور الجزائري للقاضي الأول في البلاد بمعرفة وتيرة الأداء على مستوى الجهاز التنفيذي في وقت لم يتردد بوتفليقة في توجيه انتقادات شديدة للمسؤولين الحاليين للدولة واتهامهم بالتماطل وعرقلة تجسيد الوعود التنموية التي قطعها على نفسه أمام مؤيديه في الرئاسيات الأخيرة.