فاني ماي وفريدي ماك؛ منظمتان أميريكيتان تهدفان إلى تسهيل تملك واستئجار المنازل بتوفير السيولة اللازمة للرهن والإقراض العقاري المقدم من البنوك وشركات الإقراض والتقسيط. تم تأسيس فاني ماي في عام 1938 م بعد أزمة الركود والإحباط الذي عانى منه الإقتصاد الأميركي في فترة الثلاثينات من القرن العشرين. وقد تم تأسيسها من قبل الحكومة الفيدرالية لتساهم في انتشال الولاياتالمتحدة الأميريكية من أزمتها الاقتصادية بتعافي السوق العقاري؛ وفي عام 1968 م أي بعد عشرين عاماً قرر الكونجرس الأميريكي طرحها للتملك من قبل القطاع الخاص؛ ثم في عام 1970 م أسست الحكومة الفيدرالية فريدي ماك لتنافس فاني ماي. ومنذ ذلك الحين وهاتان المنظمتان تعملان على تسهيل تملك المنازل للشعب الأميركي بطريقة غير مباشرة حيث لا تعملان مع الملاك بل بتمويل منظمات الإقراض بالسيولة اللازمة وبالتالي تسهيلات الدفع، والمبالغ والمدد الزمنية، مع خفض الفوائد. وقد استفاد ملايين الأميركيين من خدمات هذه المنظمتين بتحقيق الحلم الأميريكي بتملك بيت العمر. وفي فترة الانهيار الاقتصادي خلال العامين 2007 و 2008 م، اتجهت أصابع الاتهام واللوم إلى هاتين المنظمتين كسبب رئيسي في الأزمة الاقتصادية بتسهيل القروض العقارية. وطبعاً إذا طاح الجمل كثرت سكاكينه! ونسوا أن خبراء هاتين المنظمتين هم أول من أشار إلى بوادر الأزمة وحذروا من تهاون البنوك وشركات الإقراض بمنح القروض بدون ضمانات لمن ليس لديهم القدرة على التسديد، وذلك في تقارير متوالية بين الاعوام 2002 و 2005 م، إلا أن البنوك تجاهلت هذه التحذيرات واستمرت في الإقراض بدون ضوابط. كما عملت هاتان المنظمتان بين العامين 2008 و 2009 م على انتشال السوق العقاري الأمريكي من كبوته، وعكف خبراؤهم على دراسة الأوضاع وتقديم التوصيات والحلول ليحافظ المقترضون على بيوتهم ويتمكنوا من تسديد أقساط تملك بيوتهم. قد نتساءل بأن لدينا " صندوق التنمية العقاري " فلماذا نحتذي بمنظمتين متعثرتين تحاولان النهوض من عثرتهما؟! في نظري أن صندوق التنمية العقاري الذي يقدم خدماته مباشرة للمستفيدين لم يثبت جدواه، فشروطه غير متوفرة في أغلب المواطنين كما أن المبالغ المقدمة منه كقرض غير متماشية ولا ملائمة لتكلفة البناء في وقتنا الحالي. والدليل أنه لم يحقق إلا جزءاً بسيطاً من احتياجات المواطنين للمساكن؛ ولايزال نسبة تصل أو يزيد على 70 % من المواطنين لايملكون مساكنهم وليس لديهم القدرة على ذلك في المستقبل القريب. لذا أعتقد بأننا يجب أن نبدأ من حيث انتهوا هم، فلا طريقتنا مجدية ولا طريقتهم مثالية! فلماذا لا نؤسس لنظام يحمل مزايا كل تلك الأنظمة ويتجنب قصورها وأخطاءها لنحقق الحلم السعودي ببيت آمن لكل مواطن. نريد فاني ماي وفريدي ماك لكن بنسخة سعودية.