يقال إن فرويد عندما فرغ من تأليف كتابه عن تفسير الأحلام ، قام الناشر الذي لم يقرأ الكتاب بطبع كميات كبيرة منه ، لأن مطلب تفسير الأحلام مطلب شعبي ، فكل الناس لديهم أمل في حياة أفضل ، ويتطلعون إلى إشارات أو إرهاصات تنبئ عن المستقبل ، والأحلام عندهم جزء من هذه الإرهاصات ، وهم يدفعون مبالغ طائلة لمن يفسر أحلامهم ، وقد حقق الكتاب في أول ظهوره مبالغ طائلة ، ولكن المبيعات هبطت فجأة إذ اكتشف الناس أن الأحلام عند فرويد تنتمي إلى الماضي وتحاول أن تعبر عن مكنوناته ، وما حدث فيه ، وليس لها علاقة بالمستقبل ، وقبل أن يذهب القارئ غير مذهب أريد أن أوضح أنني لا أتحدث عن أحلام الأنبياء أو تلك التي يفسرونها ، فهذه لها وضع خاص ، وهي في حالة يوسف نبي الله هبة منه اختصها به ، وهو حين حضره الموت شكر الله على هذه الهبة ، أما الإنسان العادي فلا يملك هذه الهبة ، والمستقبل لا يعلمه إلا الله ،ولهذا فكل الذين يزعمون أنهم قادرون على تفسير الأحلام أدعياء ، بما فيهم ابن سيرين ، ولهذا فقد عجبت للخبر الذي نشرته إحدى الصحف ومفاده أن وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف وافقت على إقامة دورة لتأويل الأحلام أسبوعيا في الجامع الكبير بحي العزيزية ، وأنا أتساءل هل هذه الأكاديمية تعلم الإنسان ما ينبئ به المستقبل نتيجة لتفسير الأحلام ، أم معهد لتعلم الوصول إلى العقل الباطن عن طريق تحليل الأحلام ؟