** ذكّرتني خسارة منتخب الشباب السعودي أمام استراليا بهدفين يتيمين وحرمانهم من الوصول إلى المباراة النهائية في بطولة آسيا.. ذكرتني – هذه الخسارة الكروية الجديدة – بالانسان الذي يملك(جوهرة) ثمينة.. ولايعرف قيمتها..ولا كيف يتعامل معها.. أو حتى كيف يلبسها ويتزين بها.. ** فقد أدهشتني المهارات العالية التي يمتلكها الشباب.. ** كما أدهشتني روحهم القتالية.. وتفانيهم في تمثيل بلادهم ، والظهور بمظهر مقنع ومتميز.. بالرغم من الهزيمة.. ** والسبب في ذلك هو اننا لا نملك (فكراً كروياً).. ومن لا يملك فكراً كروياً.. فإنه يفتقر إلى الهوية.. ويفتقد (النكهة) المميزة بالرغم من وجود المواهب والقدرات الخاصة.. ** وأنا في هذا المكان لست بصدد تحليل مجريات المباراة.. لأن هذه ليست مهمتي.. وإنما أنا بصدد القول إن الخطأ الأكبر الذي ارتكبناه في هذه المباراة كان هو .. مجاراة الفريق الاسترالي في لعب الكرات الطويلة.. ومحاكاته في تنويع الهجمات وفي فتح الملعب من الجانبين .. وفي الاستعجال في تصريف الكرة والتخلص منها..وفي اعتماد الهجوم وسيلة للوصول إلى الهدف الذي ننشده وهي (منهجية) مغايرة تماماً للأسلوب الكروي الذي اعتاد عليه لاعبونا سواء في الأندية أو المنتخبات .. بحكم ميلنا إلى كرة أمريكا الجنوبية المعتمدة بصورة أساسية على المهارات الفردية.. والتمريرات القصيرة واللعب البطيء والأنيق.. في وقت تعتمد فيه الكرة الاسترالية على طريقة اللعب الأوربية التي تجمع بين السرعة.. والمهارة.. واللياقة العالية.. والميل إلى الهجوم.. والتوازن في الخطوط الثلاثة والاكثار من الكرات الجانبية الساقطة على منطقة دفاع الخصم.. ** وفارق كبير بين ان تلعب بطريقتك التي اعتدت عليها وبين ان تقلد خصمك.. وتعطيه الفرصة لكي يتفوق عليك.. بحكم الفارق الكبير في كم الخبرة المكتسبة.. وثبات الأسلوب وبناء الخطط وإعداد التشكيلة على أساسها.. ** ولذلك.. فإن الهزيمة كانت شيئاً طبيعياً.. بالرغم من الجهد المذهل الذي بذله اللاعبون.. ومستوى الاتقان في اللعب بطريقة جديدة وغير مألوفة بالنسبة لنا.. ** وما أريد ان أقوله هنا هو .. إن علينا ان نتخلص فوراً من فكر الكرة المهارية.. واستثمار القدرات والمهارات الخاصة التي يتميز بها أبناؤنا وتوظيفها توظيفاً علمياً راقياً.. وذلك بالأخذ بالطرق الأوربية المتصفة بالقوة.. والحيوية.. والسرعة.. والمعتمدة على بناء الأجسام بنفس القدر الذي ننمي فيه مهارات اللاعبين ونصقلها.. ** وهذا يتطلب أمرين مهمين هما : التأسيس لفكر كروي جديد.. وسياسات علمية مختلفة.. بالدرجة الأولى.. والاستعانة بعد ذلك بمدربين يطبقون فنون الكرة الأوربية الحديثة.. ما دمنا ندفع ملايين الدولارات لاستقطاب مدربين عالميين دون النظر إلى تهيئة الأرضية المناسبة لانجاح مهامهم.. وتمكينهم من تطوير الطاقات الشابة التي نمتلكها.. ولا نعرف كيف نرتقي بمستوياتهم على أساسها.. ** وإذا لم يتحقق هذا.. ولم يتنبه الاتحاد السعودي لأهمية إحداث هذا التغيير.. فإن تقدمنا في هذا المجال سيظل مرهوناً بالاجتهادات التي تفتقر إلى الناحية العلمية.. وسوف يستمر معها السؤال المفتوح : لماذا تأتي منتخباتنا وفرقنا في ذيل القائمة.. أو انها لا تتطور بالدرجة المطلوبة.. ونحن الذين نملك المهارات البشرية.. كما نملك المال.. والقدرة على الانفاق.. والرغبة في التطوير..؟! ** والحقيقة ان توفر القدرات البشرية المتميزة.. وكذلك المال.. لايكفيان اذا لم يتوفر الفكر الكروي العلمي القائم على الدراسة والتخطيط.. والتأهيل على أسس منهجية.. لامجال فيها للارتجال.. أو العفوية.. أو السطحية بأي حال من الأحوال .. وليس عيباً أن نستعين في ذلك بخبراء عالميين لاخراجنا من الحالة التي نحن فيها.. وجعلتنا في مصاف الدول المتقدمة كروياً.. *** ضمير مستتر: **(تستطيع الوصول إلى القمة.. إذا عرفت كيف تحقق أهدافك وتطور أدواتك.. بعد الاعتراف بعجزك وقصورك).